اللواء أحمد الزيات: كنت أصغر طيار شارك فى حرب أكتوبر
أصغر طيار شارك في ملحمة أكتوبر كان وقتها ابن العشرين عاما فهو من مواليد 1953 ألتحق بالكلية الجوية عام 70 وتخرج منها 72 وشارك في حرب أكتوبر 1973 ليشارك بالهليكوبتر مي 8 ليروي أهم بطولاته التي قام بها وهى إمداد الجيش الثالث «المحاصر» بالدم والبلازما في بطولة فريدة وعمليه كانت نسبة نجاحها 3% ويروى خداع الإسرائيلين له على اللاسلكى واستدراجه حتى يهبط فى مطار فايد المحتل وكيفية هروبه منهم اللواء أحمد الزيات يروى تفاصيل بطولاته في حرب الكرامة.
يتذكر اللواء أحمد الزيات يوم 6 أكتوبر 1973 ويقول كنا نقوم باختبار جوى بمطار ألماظة وكنت وقتها طيار مساعد وتم الاتصال بنا في ورشة اللواء واستدعائنا للاشتراك في مشروع "تدريب" وفذهبنا سيرا على الأقدام داخل المطار مع زميلي الرائد محمد صلاح عارف وكانت وقتها الساعة حوالي الثانية عشر ونصف ظهرا وأثناء سيرنا شاهدنا فوقنا طائرة التيو تحلق وهى طائرة قاذفه كبيرة فسألته "إيه اللى جاب التيو هنا" ولم نجد الإجابة إلى أن دخلنا قاعة المحاضرات فوجدنا كل الخرائط عن سيناء، وعرفنا أنها الحرب وكانت سعادة غير طبيعية شعرنا بها ومهمتي وقتها إبرار قوات خلف خطوط العدو في ثلاث مناطق المليز وتمادة وصدر الحيتان وجهزنا الطائرة فى الرابعة والنصف عصرا للانطلاق وكانت سعة الطائرة عشرين فرد وكنت أتمم على العدد أجد شخصان زائدان وأقوم بإنزالهم من واقع كشف الأسماء الذي معي، ومجرد أن أنزلهم لإتمام على الطائرة أجد الشخصان صعدوا مره أخرى على الطائرة فأقوم بإنزالهم حتى قالوا لي يا فندم مش كل ما نروح لطيارة يقولوا اسمكم مش في الكشف إحنا عاوزين نحارب فقلت لقائد الطائرة فقال لى أضف أسمائهم وودعهم يركبون معنا .
وبالفعل حلقنا بالطائرة في اتجاه المليز وطيرنا فوق القناة في مشهد غريب لن أنساه فهدير الجنود في الأسفل أثناء العبور وهم يقولون الله اكبر كانت تزلزل الطائرة ووقتها دمعت عيناي ومنطر أرض سيناء كانت من أجمل اللوحات التي رسمها الجندي المصري.
ويذكر الزيات زميله حليم يوسف وهو يبكى للاشتراك في الحرب وكان يعانى من انزلاق غضروفى ورفضوا اشراكه في الحرب وتحت إصراره قالوا له اذهب إلى المستشفى العسكري ولو أمروا بطيرانك ستطير وبالفعل حصل على إجازة للطيران وطار كمساعد طيار ووقع فى الأسر بعد ذلك.
امداد الجيش الثالث المحاصر بالدم والبلازما
ويقول الزيات عن بطولاته التي قام بها وهى امداد الجيش الثالث المحاصر بالدم والبلازما وهى المهمة الوحيدة التي نجحت من ضمن 7 طلعات لهذه المأمورية وكنت مساعدا لأحمد أبو شهبه قائد الطائرة وبداية المهمة من ألماظة ونزلنا في القطامية للتزود بالدم والبلازما وطيرنا فى خط السير المحدد للطلعة وبمجرد وصولنا للجيش الثالث تركت الكرسي الخاص بى فى الطائرة من شدة الفرحة ونزلت لأسلم على الجنود وبدأ سيل من النيران تضرب على الموقع بطريقه مهوله وكانت الأوامر لنا لو تم الضرب في الرجوع نسلك اتجاه رأس مسلة وبالفعل اتخذنا القرار بالعودة من هذا الاتجاه حتى وصلنا إلى راسم مسلة وكان الضرب وقتها غير طبيعي فدخلنا فوق البحر للهروب من الضرب الشرس من العدو وكانت وقتها الساعة الثالثة فجرا وكانت الطائرات المعادية تلقى بالمشاعل لإيجادنا فتحول ليل البحر الى نهار ونجحنا فى الهروب منهم والوصول الى القاعدة وبمجرد وصولنا وجدنا قائد القاعدة في استقبالنا وعلمنا بعدها أن نسبة نجاح المهمة كانت من 3 إلى 5% أى أنها كانت مهمة مستحيلة أو انتحارية.
وكان من المفترض أن تطير طائرة أخرى لنفس المهمة وتم اختيار زميلى صفوت عبد العزيز فى اليوم التالى للقيام بنفس المهمة وبعد أن أستمع منا ما عانيناه فى المهمة وعرف اخطارها قالوا له يا صفوت أنت خايف تطلع المهمة فقال لهم فى تحدى لا أنا هطلع المهمة دى علشان ميتقالش إن صفوت عبد العزيز خايف وللأسف استشهد فى المهمه ولم يرجع وأتنمى ان أقابل احد من أسرته لأقول لهم أنه كان مثال ورجل يحتذى به فى الرجولة والشجاعة.
مواجهة الموت
وعن الطلعة الأخرى الخطيرة التي واجه فيها الموت يقول اللواء احمد الزيات تم استدعائنا لحماية مطار فايد قبل الوقوع فى قبضة الاسرائيليين وكانت مهمتي نقل القوات الخاصة إلى المطار وطرنا بالطائرة وقبل وصولنا بحوالي 10 أميال تحدثت إلى المطار من خلال اللاسلكى لتحديد الموقع والاستعلام عن الإحالة الأمنية للهبوط فيأتي الرد ان كل شئ تمام والمدرج خالي حتى كانت المسافة 5 أميال ويأتينا نفس الرد فشككنا في الأمر وكان القرار أن نهبط إلى المطار ونكون حذرين ولا نطفئ محركات الطائرة وبالفعل وصلنا الى المطار وهبطنا وإذ بنا نفاجأ بسيل من النيران وتحول المدرج الى كتله من اللهب ولولا ستر المولى ما كنا طرنا مره أخرى بالطائرة واستطعنا الهروب والنجاة بالطائرة فكان من يحدثنا من اللاسلكى هم اليهود ويكانوا يدبرون لنا فخا ولكن الله سلم.
ويجب أن أقول شهادة حق فى السادات أنه لولاه لما نجحت الحرب فمن عظمتها السرية التامة وأن المشاركين في الحرب لم يعلموا بميعادها إلا قبلها بنصف ساعة.
وكانت الطلعات تأتى إلى مطار الخطاطبة وقائد اللواء لا يعلن عنها وينتقى الطيار الذي يقوم بها وكانت روح الغيرة منتشرة بينا وهى غيرة إيجابية في حب مصر حتى أنى سمعت وبعض الطيارين يقولون هو كل مره احمد الزيات احنا عاوزين نطلع احنا كمان.