الطيار أحمد أبو شهبه: نقلت البلازما في حصار الجيش الثالث
الطيار المقاتل أحمد أبو شهبه أحد نسور الهليكوبتر في حربي الاستنزاف وأكتوبر له العديد من المواقف في الحرب فهو الطيار الوحيد الذي نجح في الوصول للجيش الثالث الميداني أثناء حصاره في الثغرة بعد 24 أكتوبر 1973 لنقل الدماء والبلازما لإسعاف الجنود فحصل على نجمة سيناء كما حصول على خطاب شكر ولفت نظر في طلعه واحده لأنه لم ينفذ أوامر قائده بعدم الهبوط على جزيرة شدوان ليلا ولكنه فعلها لإنقاذ رجال الصاعقة.
تنساب دموعه متذكرا صديقة الطيار مقاتل صفوت عبد العزيز الذي أستشهد بعد إصراره على القيام بهذه المهمة بدلا منه الكثير من التفاصيل عن حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر يرويها لنا
كنا نستخدم الهليكوبتر في 67 و قبل حرب الاستنزاف فى نقل الجنود أو احتفالات ثورة 23 يوليو لإلقاء الأعلام والحلوى على المواطنين ونقل القادة وبعد النكسة تم تطوير فكر استخدامها بتحميلها بالصواريخ ويتحكم فيها الطيار لضرب الأهداف الأرضية من أفراد و مدرعات.
كنت في قاعدة أبو صوير الجوية عندما بدأ العدوان الإسرائيلي على مصر في 1967 وكنا في حالة التأهب الأولي داخل طائراتنا على الممرات مستعدون للإقلاع وأذكر زميلي الطيار جورج طوسون طار واشتبك مع الطيران الإسرائيلي وأسقط طائره ثم أصيبت طائرته وقفز منها ونزل على سور المطار وكسرت ساقه فنقلته الى المستشفى ورغم إصابته كان في منتهى السعادة لأسقاطه طائرة إسرائيلية.
إقلاع 140 طائرة
كان تدريبنا على الطيران الليلى وفوجئنا في حرب 73 بأننا سنطير قبل أخر ضوء بنصف ساعه وتم إقلاع 140 طائرة، وكنا تدربنا على الاشتباك مع الطائرات المقاتلة والدخول وجها لوجه معها ولفارق السرعة كانت الغلبة للمقاتلات وكنا نتدرب على عدم الثبات على اتجاه واحد لمدة 30 ثانية حتى لا يتم ضربي مع تغير الارتفاع فكانت نسبة الإصابة ضعيفة، ووصلنا إلى اشتباك 7 دقائق وهى مده طويلة في معارك الطيران.
وكانت الطلعات خطره أتسلل لعمق العدو فكان معي دليل من أبناء سيناء يعرف الدروب وفى السادس من أكتوبر كان مخططا لي الوصول إلى العريش وهى مسافه بعيده والمجموعة التي كنت أقلها عادت بعد انتهاء الحرب بـ 6 شهور.
من أهم طلعاتي وأخطرها وحصلت منها على نجمة سيناء هي نقل الدماء والبلازما للجيش الثالث الميداني المحاصر بعد الثغرة فكنت أطير على ارتفاع 2200 قدم وكانت الطائرات آنذاك غير مجهزه بأجهزة الجي بي إس التى تظهر المواقع، وبالطبع قبل وصولى كنت مرصودا من قوات العدو وألقت الطائرات الإسرائيلية قنابل ضوئية تنير المنطقة لكن كان إلقاءها سببا فى نجاتي حيث أدركت أنى اقتربت من مواقعهم ونزلت بأرتفاعي لمستوى سطح خليج السويس، ووصلت للمنطقة المحددة وطلبت أخذ المصابين معي في العودة فرد القادة ان العساكر المصابة ترفض العودة فكانت الروح المعنوية مرتفعة جدا رغم الحصار.
إصابة الطائرة
وفى رحلة العودة تعرضت لإطلاق النار من العدو فأصابت باطن الطائرة وبعد عودتي للقاعدة كتبت تقريرا على المهمة وسلمته الى لقائدي نبيل كامل فكانت الأوامر بإعادة المهمة وإرسال 6 هليكوبتر، كانت الطلعة في منتهى الخطورة وفى اليوم التالي تشاء الظروف بوجود زميلي الطيار صفوت عبد العزيز ولم يشترك فى أى طلعه جويه منذ قيام الحرب وطلب إشراكه فى هذه الطلعات وطار على نفس مساري لكن تم رصده ولاقى ضربا شديدا من الدفاع الجوى الاسرائيلى، فرجع ولم يكمل خوفا على بقية السرب لكنه طار بالسرب فى اليوم التالي فى الشروق وطلب منى الذهاب إلى والدته فذهبنا وكتبت له الشهادة.
فى 6 أكتوبر كانت طلعتي لمنطقة جبل بركه وشاهدت آخر طائره في السرب تشتبك مع طائرات العدو وكانوا طائرتان إسرائيليتين، وضربوها بالمدافع فأرسلت إشارة أنه يتم الاشتباك مع الطائرة الأخيرة فتم التعامل وأكملت طريقي للتوغل داخل سيناء لإكمال مهمتي وبعد انزال المجموعة التي كنت اقلها كان طريقي البحر المتوسط شمالا بمحاذاة الشاطئ وأعود إلى بورسعيد وكانت الحرب على اشدها فأكملت الى راس البر وكان الوقود قد قرب على النفاذ فطلبت أضاءت المطار ونزلت به واتصلت بقائدى نبيل كامل فقال لى: أين أنت يا أبو شهبه فقد شطبت على طائرتك واعتبرتك من المفقودين... حمد الله على السلامة.
وفى إحدى الطلعات كنت فوق طريق الطاسه ـ بلوظة ووجدت على الشمال لواء مدرع إسرائيلي فبلغت القياده بوجوده وحاولت الاشتباك معه بعد انهاء مهمتي وقبل وصولي بمسافة 7 كيلو إليهم وجدت وابل من النيران يطلق بشكل عشوائي بأتجاهي فاتجهت للشرق ثم للشمال لعبور القتاه فأصبت بطلقات في باطن الطائرة لكنى هبطت بسلام وجاء قائد المطار في إنتظاري ونزل بنفسه تحت الطائرة لفحصها.
وفى إحدى الطلعات حصلت على جواب شكر من منطقة البحر الأحمر ولفت نظر من القيادة فقد كانت لنا قوات صاعقه على جزيرة شدوان وكانت غير صالحه للهبوط خاصة ليلا وكانت الأوامر من نبيل كامل قائدي بعدم النزول ليلا حتى لا تتحطم الطائرة وفى إحدى الليالي فوجئت بتليفون من قائد منطقة البحر الأحمر وأبلغنى بانفجار لغم فى سيارة ويوجد حالتين وفاة و4 مصابين بإصابات خطيرة ويجب نقلهم للقاهرة ولا نستطيع الانتظار للصبح وأخبرني أنه لديه نسخه من أوامر نبيل كامل وقال أنا أخبرتك والقرار لك، فاتصلت بقائد المنطقة الجوية الجنوبيه فى ذلك الوقت العقيد محمد عبد الرحمن وأخبرته بالوضع فقال لى القرار قرارك، وبالفعل طرت إلى الجزيرة فقد كان القمر مكتملا فى ذلك الوقت وذهبت لحمل المصابين، وفى اليوم التالي، وجدت خطاب شكر من قيادة البحر الأحمر وبعدها بـ 4 أيام جائني خطاب لفت نظر من قائدي.