الغموض يحيط بإنتاج النفط الليبي وسط تصاعد التوترات بين الحكومتين المتنافستين
يعاني قطاع إنتاج النفط في ليبيا من حالة من عدم اليقين، حيث تم إصدار أوامر لاستئناف تدريجي لضخ النفط في ثلاثة حقول رئيسية، في الوقت الذي شهد فيه الإنتاج تراجعاً كبيراً في موقع رئيسي آخر بسبب النزاع المستمر بين الحكومتين المتنافستين في البلاد. ليبيا، العضو في منظمة "أوبك"، تواجه تحديات كبيرة في الحفاظ على استقرار إنتاجها النفطي، وهو ما يُهدد بعودة البلاد إلى حالة الفوضى التي عاشتها لسنوات بعد الإطاحة بالزعيم السابق معمر القذافي.
إعادة تشغيل حقول النفط في ليبيا
تم بالفعل إعادة تشغيل حقل "السرير"، الذي تبلغ طاقته الإنتاجية حوالي 145 ألف برميل يومياً، فيما تلقى كل من حقل "مسلة" و"النافورة" تعليمات مماثلة لاستئناف العمل. لكن الشركة المشغلة، وهي شركة الخليج العربي للنفط، لم توضح سبب توجيهاتها بإعادة التشغيل. من المرجح أن يكون الهدف من استئناف العمل هو تزويد المصافي ومحطات الطاقة المحلية بالنفط وليس لغرض التصدير. وفي المقابل، شهد إنتاج شركة الواحة للنفط تراجعاً ملحوظاً إلى 96200 برميل يوميًا، مقارنة بمستواه الطبيعي البالغ 320 ألف برميل يومياً.
وتواجه ليبيا أزمة سياسية متصاعدة تهدد بإعادة إنتاج النفط إلى حالة من الفوضى. النزاع المستمر بين الحكومتين المتنافستين في شرق وغرب البلاد وصل إلى نقطة حرجة عندما أمرت السلطات في شرق ليبيا بوقف الإنتاج كجزء من رد فعل على قرار الحكومة المعترف بها دولياً في طرابلس باستبدال محافظ البنك المركزي صادق الكبير. هذا القرار تسبب في خفض إنتاج النفط اليومي بأكثر من النصف، ليصل إلى حوالي 450 ألف برميل يومياً، بعد أن كانت ليبيا تضخ نحو مليون برميل يومياً قبل هذا الإجراء.
تأثير وقف الإنتاج على السوق العالمية
أسهم قرار وقف الإنتاج بشكل كبير في ارتفاع أسعار النفط العالمية، حيث تجاوزت الأسعار في لندن 80 دولاراً للبرميل في اليوم الذي أُعلن فيه عن وقف الإنتاج الكامل في شرق ليبيا. إلا أن هذه الأسعار لم تستمر طويلاً في الارتفاع، فقد تراجعت إلى أقل من 79 دولاراً للبرميل بنهاية الأسبوع، وسط مخاوف متزايدة بشأن الطلب العالمي على النفط. هذه التطورات تشير إلى التأثير العميق الذي يمكن أن تحدثه الأوضاع السياسية في ليبيا على السوق العالمية للنفط.
خسائر ليبيا من توقف الإنتاج
أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط أن الإغلاقات في الحقول النفطية أدت إلى فقدان حوالي 63% من الإنتاج الكلي للنفط في ليبيا. هذه الخسارة الكبيرة في الإنتاج تضيف عبئاً جديداً على الاقتصاد الليبي المتأزم بالفعل، وتزيد من تعقيد الأوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد، مما يجعل مستقبل إنتاج النفط في ليبيا محفوفاً بمزيد من التحديات وعدم الاستقرار.
ورفض محافظ البنك الصادق الكبير، الذي ينخرط في نزاع طويل مع رئيس الوزراء المقيم في طرابلس عبد الحميد الدبيبة وحلفائه في شرق ليبيا، الأمر بالتنحي، ما دفع السلطات في غرب البلاد إلى الاستيلاء على مقر البنك.
قال الكبير في مقابلة مع صحيفة "فاينانشال تايمز" إنه وموظفين آخرين في البنك المركزي فروا من ليبيا "لحماية أرواحهم" من هجوم محتمل للميليشيات.
كافحت قيادة حكومة غرب ليبيا المعينة حديثاً لاستئناف العمليات المصرفية، والتي أدى تعليقها إلى تراكم المزيد من الصعوبات على حياة سكان الدولة الواقعة في شمال أفريقيا البالغ عددهم 6.8 مليون نسمة.
تقول الأمم المتحدة إنها تتفاوض مع الجهات المختلف لإنهاء الأزمة، وهو ما يُنذر بمساومات طويلة بشأن التعيينات في المناصب الإدارية الحرجة في الدولة التي تضم أكبر احتياطيات مؤكدة من النفط الخام في أفريقيا.