رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

بعد 74 عامًا.. قانون جديد للإجراءات الجنائية في طريق الخروج إلى النور

نشر
مستقبل وطن نيوز

خطوة مهمة يشهدها مجلس النواب في طريق خروج قانون الإجراءات الجنائية الجديد إلى النور في دور الانعقاد المقبل، وذلك بعد مرور 74 عامًا على صدور قانون الإجراءات الجنائية الذي يتم العمل به حاليًا، والذي صدر عام 1950 وطرأ عليه عدد من التعديلات خلال العهود الماضية، والتي لم تعد تتناسب مع متطلبات وظروف العصر الحديث، حيث يستهدف القانون الجديد ترسيخ قيم الأمن والاستقرار المجتمعي، ومساعدة العدالة على اتخاذ مجراها الصحيح، ومواكبة التطورات المتلاحقة في المجتمع بما في ذلك دستور 2014، وتحقيق الضمانات والحريات طبقًا للاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان وما تنص عليه المعاهدات الدولية الحقوقية، وذلك من خلال تخفيض مدد الحبس الاحتياطي ووضع ضوابط محددة لأوامر المنع من السفر.

واستعرض المستشار الدكتور حنفي جبالي، رئيس مجلس النواب، اليوم السبت، نتائج أعمال اللجنة الفرعية المكلفة بإعداد وصياغة قانون الإجراءات الجنائية الجديد برئاسة رئيس مجلس النواب وبحضور الوزراء المعنيين ورؤساء وممثلي الأحزاب السياسية وعدد من الشخصيات العامة

اجتماع في مجلس النواب

وكشف رئيس مجلس النواب، اليوم السبت، أهم ملامح مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد، المقدم من اللجنة الفرعية، وأبرزها تخفيض مدد الحبس الاحتياطي وتنظيم التعويض عنه، وإعادة تنظيم اختصاصات وصلاحيات مأمور الضبط القضائي بإقرار مزيد من الضمانات التزامًا بالمحددات الدستورية، وأهمها الحصول على أمر قضائي مسبب في حدود ما تقتضيه الضرورة الإجرائية، مشيرًا إلى أن المشروع الجديد ألغى الباب الخاص بالإكراه البدني واستبداله بإلزام المحكوم عليهم بأداء أعمال بالمنفعة العامة.

في بداية الاجتماع، ألقى رئيس مجلس النواب كلمة، رحب خلالها بالحضور من الوزراء وممثل مجلس الشيوخ وممثل الحوار الوطني ورئيسة المجلس القومي لحقوق الإنسان ونقيب المحامين ورؤساء وممثلي الأحزاب السياسية، مشيرًا إلى أن هذا التنوع يدل على صدق الغاية والهدف نحو تحقيق المصلحة العامة للوطن تحت قيادة رئيس الجمهورية.

ذالمستشار الدكتور حنفي جبالي

فكرة إعداد مشروع قانون الإجراءات الجنائية

وأشار رئيس مجلس  النواب، إلى أن فكرة إعداد مشروع قانون جديد للإجراءات الجنائية بدأت حينما تضمن المشروع المقدم من الحكومة تعديل نحو 365 مادة من أصل 461 مادة، فضلاً عن العديد من الإشكاليات الدستورية التي ظهرت أثناء المناقشة وأشار إليها قسم التشريع بمجلس الدولة، فضلاً عن تعارض القانون الحالي مع الكثير من أحكام دستور 2014، مُضيفًا أن تشكيل اللجنة الفرعية ضم قانونيين متخصصين من الوزارات ذات الصلة (العدل، الداخلية، المجالس النيابية) وممثلين عن مجلس القضاء الأعلى، مجلس الدولة، النيابة العامة، هيئة مستشاري مجلس الوزراء، المجلس القومي لحقوق الإنسان، نقابة المحامين.

وأشار، إلى أنه تم التوافق بين أعضاء اللجنة الفرعية على المواد المعروضة بنسبة 95%، مشيدًا بجهود اللجنة الفرعية للانتهاء من مشروع القانون بهذه الصياغات المنضبطة، ومُوجهًا الشكر والتقدير لوزارتي الدفاع والداخلية ودعمهما لعمل اللجنة الفرعية للوصول لهذه النتائج، خصوصًا في ملف الحبس الاحتياطي الذي تم صياغة مواده بشكل يحقق التوازن بين مصلحة التحقيق والمحاكمة وبين حقوق المواطنين.

دعم لجنة صياغة مشروع القانون

من جهته، أشار المستشار أحمد مناع، الأمين العام لـ مجلس النواب، في كلمته خلال الاجتماع، إلى أن توجيهات المستشار الدكتور حنفي الجبالي، رئيس المجلس، للأمانة العامة كانت بتسهيل جميع الإجراءات واللوجستيات اللازمة لعمل اللجنة الفرعية المكلفة لإعداد وصياغة مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد.

وأكد مناع، أن الأمانة العامة لم تتدخر جهدًا لتوفير جميع اللوجستيات من مضابط وأحكام المحكمة الدستورية وغيرها من الأمور اللازمة لعمل اللجنة، مُشيرًا إلى تكليف مجموعة من المستشارين القانونيين بالأمانة العامة بالمجلس في مساعدة اللجنة ومدها بالمعلومات والبيانات اللازمة لعملها، كما تم تكليف مجموعة من الأمانة العامة للمجلس من مختلف قطاعاتها لتوفير كل سبل الدعم اللازم للجنة الفرعية وأعضائها.

 النائب إيهاب الطماوي

حقوق الإنسان والحريات

بدوره، وجه النائب إيهاب الطماوي، رئيس اللجنة الفرعية المكلفة بإعداد وصياغة قانون الإجراءات الجنائية الجديد، الشكر والتقدير لرئيس مجلس النواب على متابعته الحثيثة لأعمال اللجنة الفرعية ودعمه المتواصل لإزالة كافة المعوقات، مشيرًا إلى أن توجيهاته كانت بإتاحة الفرصة أمام ممثلي الجهات ودراسة جميع الآراء بحرية تامة وصولاً إلى إقرار مسودة مشروع القانون عليها توافق من جميع الجهات ذات الصلة.

كما وجه الطماوي، الشكر للمستشار أحمد مناع على توفير جميع الإمكانيات اللوجستية اللازمة لعمل اللجنة، مضيفًا أن من أهم ما كان يشغل أعضاء اللجنة هو ملف حقوق الإنسان وكيفية تفعيل الضمانات الدستورية للحقوق والحريات بما يضمن تحسين صورة الدولة أمام المجتمع الدولي دون مزايدات من أحد.

 واستعرض، أهم ملامح مشروع القانون، وأبرزها:

1- تنظيم أوامر المنع من السفر لأول مرة والإدراج على قوائم ترقب الوصول وتحديد السلطة المختصة بإصدارها وكيفية التظلم منها، بعد أن كان القانون القائم يقتصر على تنظيم المنع من التصرف في الأموال فقط.

2- ملف الحبس الاحتياطي كان من اهم الموضوعات التي ناقشتها اللجنة وانتهت إلى تخفيض المدد وتحديد حد أقصى لمدده بحيث لا يجوز تجاوزها، وإقرار التعويض عن الحبس الاحتياطي بتنظيم متكامل، مؤكدا ان ذلك يعد نقلة نوعية في ملف الحقوق والحريات.

3- إعادة تنظيم طريق الطعن بالمعارضة وتحديد حالات بعينها يجوز فيها ذلك دون حالات أخرى التي يكون اتصل فيها علم الخصوم بالدعوى على وجه اليقين، وأثر ذلك على تحقيق العدالة الناجزة باعتبارها أحد أهم أهداف التقاضي. 

4- تفعيل حق الدفاع باشتراط حضور محام مع كل متهم والزام جهة التحقيق او المحاكمة بندب محام للمتهم، إذا لم يكن معه محام موكل، وتكليف نقابة المحامين بإعداد قوائم دورية لتنظيم هذا الندب تيسيرًا لتفعيل حق الدفاع.

5- استحدث المشروع وسائل وآليات لحماية المتهمين والشهود والمبلغين والخبراء والمجني عليهم خلال مراحل الدعوى الجنائية، وإمكانية إخفاء بياناتهم حال خشية تعرضهم للخطر.
مؤكدا أن كل ذلك يعزز من الحقوق والحريات في مصر.

المستشار محمد عبدالعليم كفافي

فكرة خارج الصندوق

من ناحيته، وجه المستشار محمد عبدالعليم كفافي، المستشار القانوني لمجلس النواب، الشكر لرئيس مجلس النواب على فكرة تشكيل اللجنة الفرعية لصياغة وإعداد مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد، ووصفها، على حد تعبيره، بأنها فكرة خارج الصندوق.

كما وجه الشكر للنائب إيهاب الطماوي وأعضاء اللجنة، مُؤكدًا أنه رغم اختلاف الأيدلوجيا إلا أنهم جميعًا اتفقوا على غاية واحدة وهدف واحد وهو الصالح العام للدولة المصرية، مُؤكدًا أن المنهج الذي اتبعته اللجنة في عملها هو البحث والدراسة المستفيضة لكل الموضوعات حتى لو استدعى الأمر تأجيل المناقشة وإعادة العرض على الجهات المعنية استرشادًا برأيها، وهو ما كان له أثره في مدى التوافق الذى حظى به مشروع القانون.

وانتقد، في كلمته، التصريحات المغلوطة التي صاحبت عمل اللجنة الفرعية، التي بدأت حتى قبل مباشرة اللجنة لعملها، التي لم يكن الهدف منها حسب وصفه إلا المزايدة على أعمال اللجنة لأنها لم تطلع حتى على أعمال اللجنة، ولم تكن على دراية بالجهد الذي تقوم به، مما دعا أعضاء اللجنة إلى عدم الالتفات إليها، والسير في طريق عملهم.

وعقب ذلك، استعرض أهم ملامح مشروع القانون الجديد، لاسيما فيما يتعلق بما يلي:

1- بتخفيض مدد الحبس الاحتياطي، وحالات التعويض عن الحبس الخاطئ بشكل عام سواء في الحبس الاحتياطي أو الحبس تنفيذًا لعقوبة.

2- لأول مرة استحداث تنظيم  لأوامر المنع من السفر والإدراج على قوائم الترقب والوصول وتقييدها بضوابط محددة وتحديد السلطة المختصة بإصدار هذه القرارات وهى النائب العام أو من يفوضه أو قاضى التحقيق المختص وذلك بما يحمى حرية المواطنين في التنقل.

3- مجهودات اللجنة في إعادة تنظيم الطعن بالمعارضة في الاحكام الغيابية بما يضمن تحقيق العدالة الناجزة، وفي الوقت ذاته يكفل حماية حق المواطنين في التقاضي.

4- إلغاء الإكراه البدني لتحصيل المبالغ الناشئة عن الجرائم المقضي بها للدولة أو للغير واستبداله بإلزام المحكوم عليهم بأداء أعمال للمنفعة العامة بما يتماشى مع النظم العقابية الجديدة.

5- دعم حقوق الدفاع بما يتفق مع الدستور من خلال إقرار مبدأ لا محاكمة من غير محام في جميع مراحل التحقيق والمحاكمة.

6- تنظيم حماية المجني عليهم والشهود والمتهمين والمبلغين تنفيذًا للدستور.

7- تنظيم متكامل لنظم الإعلان بما يواكب التطور غير في العادي في التحول الرقمي جنبًا إلى جنب مع نظام الإعلان الحالي.

8- تفعيل حماية حقوق المرأة والطفل بتأجيل تنفيذ بعض العقوبات على المرأة الحامل، بما يتفق وأحكام الشريعة الإسلامية والاتفاقيات والمواثيق الدولية.

9- توفير حماية لحقوق ذوي الهمم في مراحل التحقيق والمحاكمة وتنفيذ العقوبة.

في ختام كلمته، وجه الشكر للجهات المعنية على مبادرتهما ومواقفهما الإيجابية بدعم أعمال اللجنة، لاسيما فيما يتعلق بملف تخفيض مدد الحبس الاحتياطي، وإعادة تنظيم المعارضة في الاحكام الغيابية، لتحقيق الصالح العام للدولة المصرية، ودعمًا لملف مصر الدولي في مجال حقوق الإنسان، حرصًا في ذات الوقت على حقوق المواطنين.

 المستشار عمرو يسري

«الحقبة الرابعة» في مسيرة الإجراءات الجنائية المصرية

من جانبه، أكد المستشار عمرو يسري، نائب أمين عام مجلس الشيوخ، خلال مشاركته في الاجتماع، اعتزازه بعضويته بهذه اللجنة، مشيرًا إلى أن مشاركته في أعمالها تُعد شرفًا له، حيث تسهم في تدشين ما يمكن وصفه بـ«الحقبة الرابعة للإجراءات الجنائية المصرية».

وأوضح نائب أمين عام مجلس الشيوخ، أن تاريخ الإجراءات الجنائية في مصر مر 3 مراحل رئيسية، بداية من قانوني: تحقيق الجنايات المختلط، والأهلي عامي 1875 و1883، مرورًا بقانون تحقيق الجنايات لعام 1904، وصولًا إلى قانون الإجراءات الجنائية الحالي الصادر عام 1950.

وأضاف، أن مشروع القانون الجديد يسعى إلى مواكبة التغيرات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، فضلًا عن التطورات التكنولوجية التي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية للمواطن المصري. 

كما استعرض نائب أمين عام مجلس الشيوخ، منهجية عمل اللجنة الفرعية خلال مدة عملها، التي استمرت 14 شهرًا، مُوضحًا أنها قامت بتقييم شامل للقانون الحالي، وأنه عند دراسة التجارب الدولية في سياق إعداد هذا المشروع كان لابد من الأخذ في الاعتبار التجارب التي تتناسب مع الخصوصية الوطنية المصرية، حيث يجب التعامل مع هذا الأمر بكل حذر.

وشدد، على أن ما يصلح لدولة معينة قد لا يكون مناسبًا للسياق المصري، موضحًا ضرورة صياغة  قانون يحقق التوازن بين حقوق الأفراد والمصلحة العامة، مع التأكيد على أن المشرع لا يمكنه إقرار نص قانوني دون مراعاة توفر البنية التحتية والموارد المالية اللازمة لتطبيقه.

وأشار يسري، في نهاية حديثه، إلى أهمية التعامل مع قانون الإجراءات الجنائية بمنهج شمولي، دون اختزال القانون في تدابير أو إجراءات بعينها، لتحقيق عدالة جنائية متكاملة تحمي حقوق الأفراد وتضمن سيادة القانون.

وزير العدل 

سهولة العمل بالقانون الجديد في المحاكم

وأشاد المستشار عدنان فنجري، وزير العدل، بمشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد الذي أعدته اللجنة الفرعية بمجل النواب.

ووجه فنجري، الشكر والتقدير لرئيس مجلس النواب على اهتمامه بقانون الإجراءات الجنائية الجديد الذي يمس جميع المواطنين.

ووصف وزير العدل المشروع بأنه تضمن صياغات جديدة تصادف الواقع العملي، وتنظيم دقيق لأحكامه، وتنظيم كامل للتدابير في كل مراحل التحقيق والمحاكمة بما يسهل تطبيقه العملي في المحاكم وعلى المتقاضين.

ووجه الشكر والتحية للجنة الفرعية على جهدها المبذول في إعداد مشروع قانون متكامل للإجراءات الجنائية بصياغات منضبطة.

وزير شؤون النيابية والقانونية والاتصال السياسي

ضمانات متعددة للحقوق والحريات

بدوره، أشاد المستشار محمود فوزي، وزير الشؤون النيابية والقانونية والاتصال السياسي، بمبادرة مجلس النواب بوضع مشروع قانون جديد للإجراءات الجنائية.

ووجه فوزي، الشكر لرئيس المجلس واللجنة الفرعية، مُشيرًا إلى حاجة الدولة الماسة لإصدار هذا القانون في ظل ما اتخذته من خطوات في مجال حقوق الإنسان، مُشيدًا بما تضمنه مشروع القانون من أحكام  أبرزها وضع بدائل الحبس الاحتياطي، كذلك ما تضمنه المشروع المعروض من ضمانات متعددة للحقوق والحريات.

عاجل