وزير الصحة السوداني: ما قدمته مصر خلال الحرب سيُحكَى على مر التاريخ
أكد وزير الصحة الاتحادية بالسودان الدكتور هيثم محمد إبراهيم، أهمية دور مصر المساند والداعم للشعب السوداني، وقال إن القيادة السياسية والحكومة والشعب المصري لهم دور كبير في احتضان ودعم الشعب السوداني في كافة المجالات على مدار التاريخ، رغم الظروف الإقليمية والدولية الراهنة.
وأضاف أن "مصر تظل هي الدولة الأولى التي احتضنت السودانيين وبأعداد كبيرة جدا وهي الشقيقة وما قدمته مصر للسودان خلال الحرب الراهنة، سيُحكَى على مر التاريخ، كدور مساند وداعم للسودان وشعبه من قبل القيادة السياسية وحكومة وشعب مصر، ليس فقط في جانب الصحة لكن في كل الجوانب وخاصة في التعليم وفي الإيواء وغير ذلك، رغم الظروف الاقتصادية المحيطة بالإقليم كله ورغم ذلك تلعب مصر دورا كبيرا في احتضان الشعب السوداني".
وأشاد وزير الصحة الاتحادية بالسودان - في تصريحات اليوم /الثلاثاء/ لمدير مكتب وكالة أنباء الشرق الأوسط بالسودان - بالدور المتميز لسفير جمهورية مصر العربية بالسودان هاني صلاح، والقنصل العام المصري في بورتسودان السفير سامح فاروق، والقنصل العام المصري في حلفا السفير أحمد الشريف، لما بذلوه من جهود كبيرة في الملف العلاجي وتيسير سفر السودانيين إلى جمهورية مصر العربية لتلقي العلاج في ظل فقدان السودان للمستشفيات المؤهلة سواء في الخرطوم أو في ولاية الجزيرة.
علاج السودانيين في مصر
وأعرب الوزير عن بالغ سعادته بالتجاوب الكبير الذي لمسه خلال اجتماعه مع نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية البشرية وزير الصحة والسكان الدكتور خالد عبد الغفار في حضور السفير السوداني بالقاهرة بشأن علاج السودانيين في مصر، مؤكدا أن مصر قدمت ولا تزال تقدم تسهيلات كثيرة جدا؛ منها استمرار البروتوكول المصري - السوداني لمساعدة المرضى السودانيين ودعم العلاج في مصر.
وأوضح وزير الصحة الاتحادية أن تدريب الأطباء السودانيين متواصل بصورة أساسية من خلال برنامج داخل السودان خاص بتدريب الأطباء بالنسبة للتخصصات المختلفة ويستوعب أعدادًا كبيرة - أكثر من 12 ألف متدرب حاليا- ويتخرج فيه ألف طبيب في السنة ويشمل أكثر من 60 تخصصا، وفي الفترة الماضية وأثناء الحرب تم تخريج أكثر من 600 طبيب وهذا مستوى جيد.
ولفت إلى وجود برنامج ثان،وهو البورد العربي أو الزمالة العربية الذي تشترك فيه كل الدول العربية، إضافة إلى وجود تدريبات مشتركة مع دول أخرى، منها تدريب مشترك مع دولة ايرلندا في تخصصات مختلفة منذ أكثر من 6 أو 7 سنوات، وتدريب مع مصر.
برنامج الزمالة
وأوضح أن برنامج الزمالة مع جمهورية مصر العربية يمتد منذ فترة طويلة وهو جزء من الشراكة مع مصر في هذا المجال وكذلك بعض البرامج التدريبية القصيرة في التخصصات الفرعية حيث يتدرب الاستشاريون السودانيون في المراكز المصرية على أمراض الجهاز الهضمي والكبد والزمالات المختلفة.
وقال "لدينا حاليا طلاب في الزمالة بمصر، وبحثنا مع الدكتور خالد عبدالغفار سبل تسهيل الإجراءات لهم وعملية التسجيل لأنه بعد قيام الحرب تأثروا جدا من حيث إمكانية الاستمرار في التدريب، ونتمنى ألا ينقطع تدريبهم ويتواصل من خلال البروتوكول التدريبي في الزمالة المصرية ".
وأشار إلى أن المنظمات الدولية والوكالات المتحدة الموجودة بالبلاد تقوم بدور إيجابي، لا سيما في فترة الأوبئة وتدريب الأطباء السودانيين على مكافحة الأمراض المتوطنة والكوليرا .
وعن كيفية مكافحة وزارة الصحة بالسودان للأمراض المتوطنة والمزمنة، قال وزير الصحة إن هذه الأمراض لها أولوية،وأيضا أصحاب الأمراض المزمنة،ونحرص على توفير الإمداد المستمر لهؤلاء المرضى بما يلزم من أدوية ورعاية،وهو ما شهد استقرارًا في الفترة الأخيرة.
وفيما يتعلق بالأوبئة مثل الملاريا وحمى الضنك قال وزير الصحة "الدولة تتخذ إجراءات خاصة كل عام لمواجهتها، ومع قرب فصل الخريف الذي تكثر فيه الأوبئة نتوقع ارتفاع معدلات الإصابة ببعض الأمراض المتوطنة هذا الموسم، إلا أن الأدوية تم استلامها من مشروع الدعم العالمي عن طريق منظمة "اليونيسيف" مؤخرا تكفي لمدة 8 شهور قادمة.
الأمراض المتوطنة
وأردف قائلا: "لكن هناك بعض الأمراض المتوطنة التي ما زالت تحتاج لبعض التدخلات مثل مرض المايستوما ومرض دودة الفرنديد، التي كنا قد أعلنا القضاء عليها في بعض ولايات السودان، لكن هناك أنواعا من الحميات الأخرى بدأت في الظهور".
واستطرد الوزير: "في الفترة الأخيرة، وقفنا على الإمداد الدوائي في السودان، ويكاد ينعدم النقص في المحاليل الوريدية، وبالنسبة للكوليرا وهي من الأوبئة المتوقعة في فصل الخريف، لدينا تطعيمات لها، وفي العام الماضي انتهينا تقريبا من تطعيم 5 ملايين مواطن. ونحتاج للمزيد من التطعيمات خلال الخريف المقبل، وتقدمنا بطلب للبرنامج القومي العالمي للقاحات لكي نتمكن من تطعيم بقية المواطنين المعرضين للكوليرا في بعض المناطق".
مكافحة الأمراض الوبائية
وقال: "نعمل على مكافحة نواقل بقية الأمراض الوبائية من خلال عمليات رش المبيدات وغيرها، ومن هنا يجب الإشارة إلى أهمية البرنامج المشترك مع مصر لمكافحة نواقل الأمراض الموجودة بين أسوان وشمال السودان"، معربا عن أمله في عودة العمل بهذا البرنامج؛ نظرا لأن السودان البوابة الجنوبية لمصر والولاية الشمالية بالسودان من أكثر الولايات المتأثرة بالخريف،مما سيؤدي إلى تكاثر البعوض الناقل للأمراض، مشيرا إلى تطلعه لاستعادة هذا المشروع الخاص بمكافحة بعوضة الجامبيا في القريب العاجل.
وبشأن تصنيع الدواء بالسودان، لفت إلى أن بلاده كان لديها 26 مصنعا للأدوية قبل الحرب، لكنها تكاد تكون جميعها متوقفة الآن واتجهت للعمل خارج البلاد، لافتا إلى العمل على إعادة توطينها مرة أخرى من خلال تخصيص أكثر من 100 ألف متر مربع في المنطقة الحرة بالولاية الشمالية، وبالفعل العمل جار في برنامج إعادة التصنيع، لكن استعادة الإنتاج في السودان يحتاج لمطلبين كبيرين وهما السلام والاستقرار الاقتصادي، والمستثمر يريد أن يضمن الاثنين.
وتابع أن السودان يرتبط بشراكات كثيرة جدا في مجال التصنيع مع كثير من الدول خاصة مصر والهند، ومن ثم الفرصة مواتية للسودان للتصدير لعدة دول.
تعاون المجتمع الدولي
وحول مدى تعاون المجتمع الدولي والمنظمات مع الحكومة السودانية، أكد وزير الصحة الاتحادية بالسودان أن المنظمات الدولية شركاء للحكومة السودانية وبصفة خاصة وزارة الصحة الاتحادية من قبل الحرب، كما ظلت شريكة بعد الحرب، وتقوم بتقديم المساعدات الصحية وغيرها بالتعاون والتنسيق مع مفوضية العون الإنساني وفقا لما هو متفق عليه ووفقا للقوانين والأعراف الدولية.
ونبه إلى أنه في بداية الحرب كان يوجد خلط للأوراق للمنظمات الدولية وخاصة العاملة في مجال الصحة لكن مع وجود وزارة الصحة في الميدان والحكومة السودانية وقيادة الدولة ووضوح الرؤية اتضح للجميع أن ما يحدث هو اعتداء من جانب قوات الدعم السريع المتمردة ليس على حكومة السودان فحسب بل على المواطن السوداني أيضًا.
وشدد وزير الصحة الاتحادية على وجود تنسيق وتعاون مستمر ومثمر واجتماعات شبه دوريه مع هذه المنظمات الدولية، التي تشمل مواجهة الطوارئ والتدخل وتسهيل كافة الإجراءات وإصدار تقارير مشتركة في إطار الصالح العام للدولة وبما يتماشى مع القانون.
وأوضح وزير الصحة الاتحادية أن المعونات والمساعدات التي حصل عليها السودان من المجتمع الدولي والمنظمات لا تتعدى نسبة 10% من الاحتياجات الفعلية للبلاد.
الوضع الصحي
وبشأن صدور تقارير من منظمات دولية أو وكالات دولية حول الوضع الصحي على أرض الواقع، أكد الوزير السوداني الحرص على التواصل مع هذه المنظمات التي تصدر تقارير لإجراء مراجعات مباشرة،حرصا على تحري الدقة في فحوى هذه التقارير،ومنها التي تناولت تعرض العاملين في المنظمات الموجودة في الخرطوم والكلاكلة والجزيرة ومناطق أخرى للاعتداءات بصورة كبيرة ونهب المساعدات الطبية مما دفع بعضها للاعتذار عن الاستمرار في العمل.
والحرب نتوقع فيها أن يحديث أي شئ ما عن طريق الخطأ أو غيره.. لكن الدقة دائمًا هي الأفضل، لأن الشفافية هي المعيار المعتمد".