رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

مدينة النور.. غاب زوارها وفرَّ سكانها قبل انطلاق أولمبياد باريس 2024

نشر
مستقبل وطن نيوز

"باريس 2024"، لافتة تستطيع أن تراها الآن في كل مكان في شوارع العاصمة الفرنسية التي تتزين بمظاهر احتفالية وجمالية مع اقتراب انطلاق دورة الألعاب الأولمبية المقررة في 26 يوليو الجاري. 

اكتست الطرقات والميادين العامة باللافتات المتميزة بالألعاب الأولمبية بألوان زاهية مختلفة من الأحمر والأزرق، استعدادا لاستقبال الملايين من العالم أجمع لحضور المنافسات الرياضية.
 

ومع ذلك، منذ بداية هذا الشهر ومع اقتراب انطلاق الأولمبياد، صارت شوارع باريس شبه خاوية من سائحيها وزوارها، بل ومن سكانها، حيث يشكل تنظيم هذا الحدث الرياضي الكبير مصدر قلق للقطاعات المعنية وخاصة قطاع السياحة، وأيضا مصدر ضيق لأغلب المواطنين نظرا لصعوبة التنقل بسبب المنشآت الجاري تنفيذها لإقامة الألعاب الرياضية بها. 
 

وبينما تُجرى الاستعدادات النهائية، أغُلقت عدة محطات مترو الأنفاق بسبب المنشآت التي يتم تنفيذها، وأغلقت أيضا عدة شوارع كانت تؤدي إلى العديد من المعالم السياحية الفرنسية.
 

حيال ذلك، شعر العديد من الباريسيين بالقلق والضيق من عدم قدرتهم على التنقل بسهولة وفكروا في المعاناة التي سيواجهونها أثناء انعقاد الأولمبياد من زحام بسبب توافد المشجعين. 

لذا، غادر كثير منهم بالفعل إلى مدن فرنسية أخرى بعيدا عن ضجيج العاصمة خلال الأولمبياد. 

بينما فضل آخرون من مزودجي الجنسية السفر إلى بلدانهم الأصل لقضاء إجازة الصيف مع الأهل والأصدقاء.
 

إضافة إلى ذلك، ألقت تلك الاستعدادات بظلالها على قطاع السياحة بشكل كبير، خاصة في الفترة قبل الأولمبياد.

 فقد لوحظ في هذه الفترة انخفاض في أعداد السائحين في باريس التي طالما اكتظت بالسياح، خاصة في فصل الصيف. 

ويعاني الأشخاص الذين جاؤوا قبل الأولمبياد من هذه الطرق المغلقة ومن عدم تمكنهم من الذهاب إلى الأماكن السياحية التي كانوا يخططون لها. 

وصار على مرشدي السياحة العثور على طرق بديلة غير تلك المغلقة لكي يصطحبوهم إلى المواقع السياحية. 

وأعرب كثير منهم عن المعاناة التي يواجهونها، مثل "آنا" التي لاحظت انخفاضا في عدد السياح في شوارع العاصمة. 
 

قالت "آنا"، لمراسلة وكالة أنباء الشرق الأوسط بباريس، إن العديد من الجولات السياحية تم إلغاؤها لهذا السبب، ودون الوصول إلى المواقع الأثرية والسياحية التي يأتي إليها السياح من جميع أنحاء العالم. وأضافت "الشوارع مُغلقة بسبب المنشآت الجاري تنفيذها .. لكن لا نعلم ماذا سيكون الوضع أثناء الأولمبياد ونأمل أن يعود السياح". 
 

كما أن هناك سائحين جاؤوا إلى العاصمة الفرنسية ولم يكونوا على علم بأن الأولمبياد ستقام في باريس ولم يستطيعوا الذهاب إلى الأماكن التي يريدون زيارتها. 

وقال أحد السياح: "أردت الذهاب إلى ساحة الكونكورد ورؤية المسلة المصرية التي تتوسطها لكن لم يكن ذلك ممكنا بسبب غلق الطريق لإقامة المنشآت الخاصة بالأولمبياد، وأردت المشي على جسر ألكسندر الثالث الشهير ولم يكن الأمر ممكنا أيضا".

 وقالت سائحة أخرى إن هناك قيودا كثيرة عند العديد من الطرق ولا نستطيع الذهاب إلى الأماكن التي نرغب في زيارتها". 
 

وبذلك، في الوقت الذي ستلتفت فيه أنظار العالم أجمع إلى العاصمة الفرنسية أثناء الأولمبياد، إلا أن في الفترة التي تسبق إقامة الحدث الرياضي الكبير، لم تتوفر عوامل جذب السياحة. 

ووفقا لمقياس السياحة الباريسي الذي ينشره كل شهر مكتب السياحة في باريس، انخفض عدد الوافدين جوا إلى البلاد من مختلف دول العالم بنسبة أقل من 3.8% مقارنة بعام 2023، كما انخفضت نسبة السياح في يوليو، بنسبة أقل من 14.8% مقارنة بنفس الفترة العام الماضي. 
 

إلا أن تنظيم الألعاب الأولمبية يُعد في الواقع بمثابة دفعة قوية للسياحة لكن على المدى البعيد، وفقا لمجلة "اقتصاديات السياحة"، وهي مجلة دولية تغطي الجوانب التجارية للسياحة على نطاق واسع. أفادت المجلة بأنه إذا استضافت دولة أوروبية حدثا رياضيا عالميا، فسيتم رصد انخفاض عوامل الجذب السياحي في هذه البلاد قبل الحدث، حيث هناك أسبابا عديدة تجعل الزوار يفرون من البلاد من بينها البنية التحتية للدولة والمنشآت التي ستحتضن المنافسات الرياضية، والزحام وارتفاع الأسعار، وبالتالي تبعدهم عن الوجهات السياحية التي تشهد بالفعل إقبالا كبيرا في الأوقات العادية. 

وبالتالي يمكن أن يكون تنظيم الألعاب الأولمبية مفيدا بالنسبة لبلد ما على المدى الطويل وتزداد آثاره على السياحة على مدار الأعوام العشرين التالية للحدث. 
 

لذلك، إذا لم تكن فترة ما قبل الألعاب الأولمبية تأتي بما يأمله العاملون في قطاع السياحة في باريس، فإن تأثير ذلك في الفترة التي تعقب الحدث سترضيهم، كما يأمل رئيس اتحاد الحرف والصناعات الفندقية منطقة "إيل دو فرانس"، فرانك ديلفو، فقد شهد قطاع الفنادق والمطاعم في بداية يوليو تراجعا، حيث تبلغ نسبة الإشغال في المنشآت الفندقية 60% فقط ويتوقع أن تصل إلى 70% فقط خلال الألعاب الأولمبية.

 لكنه يؤكد أن "فترة ما بعد الأولمبياد هي أكثر فترة ينتظرها". ويأمل رئيس اتحاد الحرف في حدوث تحسن في الربع الأخير من عام 2024 وفي عام 2025، كما حدث في لندن في عام 2012 أثناء استضافة البلاد للألعاب الأولمبية فبعد صيف صعب على قطاع السياحة خلال الأولمبياد، شهد الربع الثالث من العام زيادة بنسبة 10% في إجمالي إيرادات السياحة في لندن مقارنة بعام 2011.
 

وهو ما أكده مكتب باريس للسياحة حين أوضح أن بمجرد انطلاق الدورة الأولمبية، من المتوقع أن تنتعش السياحة مرة أخرى في البلاد، وأن يصل عدد الزوار إلى 15.3 مليون زائر إلى باريس خلال الألعاب الأولمبية والبارالمبية. 

عاجل