مشعر منى.. معالم دينية وتاريخية تأسر أفئدة ضيوف الرحمن
يُعد "مشعر منى" أول محطات مناسك الحج؛ حيث يقضي حجاج بيت الله الحرام يوم التروية، اليوم الثامن من ذي الحجة، في المشعر الواقع بين مكة ومشعر مزدلفة على بعد 7 كيلومترات شمال شرق المسجد الحرام، ويعودون للاستقرار فيه يوم عيد الأضحى وأيام التشريق، لرمي الجمرات وذبح الهدي.
ويحيط بـ مشعر منى الجبال من الجهتين الشمالية والجنوبية، ولا يسكن إلا مدة الحج، فيما يحده من جهة مكة المكرمة جمرة العقبة ومن جهة مشعر مزدلفة وادي محسر، ويعد أكبر المشاعر مساحة في مكة المكرمة.
وتبلغ مساحة مشعر منى بحدوده الشرعية 82ر7 كيلومتر مربع، وهو من أكبر المشاعر المقدسة احتضانا للدوائر الحكومية والجهات الخدمية العاملة على تيسير أداء مناسك حجاج بيت الله الحرام.
وسمي "منى" لمنِّ الله فيه على عباده بالمغفرة، وقيل: لاجتماع الناس به، حيث إن العرب تسمي كل مكان يجتمع فيه الناس مِنَى، وقيل لأن جبريل عندما أراد مفارقة آدم قال له: "تمن.. قال أتمنى الجنة"، فسُمي بذلك، وقيل: لمنِّ الله تعالى على إبراهيم الخليل بفداء ابنه إسماعيل عليه السلام فيه.. كما تقول بعض الروايات إن تسمية (مِنَى) ترجع لما يراق في هذا المكان من دماء نحر الأضاحي والهدي في أيام الحج.
معالم مشعر منى التاريخية
و"مشعر منى" ذو مكانة دينية وتاريخية تأسر قلوب حجاج بيت الله الحرام، ويشتهر بمعالم أثرية أبرزها، الشواخص الثلاثة التي ترمى، والموجودة في جسر الجمرات، الذي يبلغ طوله نحو كيلومتر وعرضه 80 مترا، وتبلغ طاقته الاستيعابية 300 ألف حاج في الساعة، وكذلك مسجد الخيف وهو مكان نزول الرسول - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع في اليوم الثامن من ذي الحجة.
ومن الأحداث التاريخية الشهيرة التي وقعت في منى بيعتا العقبة الأولى والثانية؛ ففي العام الـ12 من البعثة النبوية كانت بيعة العقبة الأولى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحضور 12 رجلا من الأوس والخزرج، تلتها الثانية في العام الـ13 من البعثة، وبايعه فيها 73 رجلا وامرأتان من أهل المدينة المنورة في الموقع نفسه الذي يقع من الشمال الشرقي لجمرة العقبة.
وقد بنى الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور في مِنى مسجد البيعة في عام 144هـ، تخليدا لهذه الذكرى التي عاهد حينها الأنصار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المؤازرة والنصرة.
ومن معالم منى التاريخية أيضا جبل المرسلات، وفي هذا الجبل نزلت سورة "المرسلات"، وأيضاً "جبل ثبير"، الذي توجد على سفحه الآن أبراج منى وخيام الحجاج، كما أن سفح ثبير هو المكان الذي أراد فيه سيدنا الخليل إبراهيم عليه السلام ذبح ولده سيدنا إسماعيل عليه السلام.
ويوجد في منى عدد من المساجد؛ أشهرها: مسجد الخَيف (بفتح الخاء)، والخيف هو الموضع المرتفع من الأرض، ومنه اشتق اسم المسجد، ويقع على السفح الجنوبي من جبل منى، قريبا من الجمرة الصغرى، ويعد ثالث أكبر مسجد بمنطقة مكة المكرمة بعد المسجد الحرام ومسجد نَمرة.
وينتهي في مشعر منى أيضا أطول طريق للمشاة في العالم، والذي يبدأ من جبل الرحمة بمشعر عرفات مرورا بمزدلفة، وهو طريق بمسارات عدة يضم على طوله المظلات للوقاية من أشعة الشمس، والكراسي والمياه الباردة.
ويتضمن مشعر منى امتداد "عين زبيدة" التي حفرت قنواتها المائية زبيدة بنت جعفر المنصور زوجة الخليفة هارون الرشيد لخدمة الحجاج، بالإضافة إلى مجموعة من الآبار القديمة ومنها بئر كدانة.