الحج.. رحلة الذنب المغفور للبيت المعمور من طواف القدوم إلى الوداع
أقتربت مناسك الحج.. رحلة الذنب المغفور للبيت المعمور، من طواف القدوم إلى طواف الوداع، أفضل أيام الله وهى الوقوف بعرفات ويوم النحر، وبدأ المشتاقين في حجز أماكنهم بين الملبين والمكبيرن والمهللين معلنين إحرامهم لأداء فريضة الحج، خامس ركن من أركان الإسلام الخمس.
مستقبل وطن يقدم دليلك لـ مناسك الحج.
الإحرام
نية الإحرام في مناسك الحج وهي نية الدخول في النسك، وعندما يلتفظ بها الحاج يصير محرمًا، ويحظر عليه عدة أمور منها استخدام التطيب، وحلق الرأس، وتختلف نية الإحرام في الحج على حسب نيته في أداء المناسك، حيث للحج ثلاث طرق صحيحة لأدائه، وهي: حج الإفراد، والتمتع، والقران.
إذا كان يوم التروية وهو اليوم الثامن من ذى الحجة استحب للذين أحلوا بعد العمرة، وهم المتمتعون أو من فسخوا إحرامهم إلى عمرة من القارنين والمفردين، أن يحرموا بالحج ضُحى من مساكنهم، وكذلك من أراد الحج من أهل مكة. أما القارن والمفرد الذين لم يحلوا من إحرامهم فهم باقون على إحرامهم الأول.
لقول جابر - رضى الله عنه- فى صفة حج النبى صلى الله عليه وسلم: «فحل الناس كلهم وقصروا، إلا النبى صلى الله عليه وسلم ومن كان معه هَدْي، فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى، فأهلّوا بالحج» (رواه مسلم).
«فإذا كان يوم التروية أحرم وأهلّ بالحج، فيفعل كما فعل عند الميقات، وإن شاء أحرم من مكة، وأن شاء من خارج مكة هذا هو الصواب، وأصحاب النبى صلى الله عليه وسلم إنما أحرموا كما أمرهم النبى صلى الله عليه وسلم من البطحاء، والسّنّة أن يُحرم من الموضع الذى هو نازل فيه، وكذلك المكى يحرم من أهله»، ويستحب لمن يريد الإحرام الاغتسال، والتنظف، والتطيب، وأن يفعل ما فعل عند إحرامه من الميقات.
نية الحج
ينوى الحاج بقلبه ويلبى قائلًا: «لبيك حجًّا، وأن كان خائفًا من عائق يمنعه من إتمام حجه اشترط، فقال: فإن حبسنى حابس فمحلّى حيث حبستنى، وإذا كان حاجًّا عن غيره نَوَى بقلبه الحج عن غيره، ثم قال: لبيك حجًّا عن فلان، أو عن فلانة، أو عن أم فلان أن كانت أنثى، ثم يستمر فى التلبية» لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، أن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك، وأن زاد: (لبيك إله الحق لبيك) فحسن؛ لثبوت ذلك عن النبى صلى الله عليه وسلم، كما يستحب للحجاج التوجه إلى منى ضُحى اليوم الثامن قبل الزوال والإكثار من التلبية.
المبيت بمنى
ويصلى الحاج بمنى الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، وفجر التاسع قصرًا بلا جمع، إلا المغرب والفجر فلا يقصران؛ لقول جابر رضى الله عنه: "وركب النبى صلى الله عليه وسلم إلى منى, فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ثم مكث قليلًا حتى طلعت الشمس" (رواه مسلم). ويقصر الحجاج من أهل مكة الصلاة بمنى، فلا فرق بينهم وبين غيرهم من الحجاج؛ لأن النبى -صلى الله عليه- وسلم صلى بالناس من أهل مكة وغيرهم قصرًا ولم يأمرهم بالإتمام، ولو كان واجبًا عليهم لبيّنه لهم.
أنواع النسك
1- حج إفراد: ينوي فيه الحاج نية الحج فقط.
2- حج قِران: ينوي فيه الحاج نية الإتيان بحج وعمرة معًا في آن واحد وبأفعال واحدة، من طواف وغيره من أعمال الحج، أو يحرم بالعمرة أولًا ثم يدخل الحج عليها قبل الشروع في طوافها، وعمل القارن كعمل المفرد سواء، إلا أن القارن عليه هدي والمفرد لا هدي عليه.
3- حج تمتع: ينوي فيه الحاج نية العمرة في أشهر الحج (شوال، ذي العقدة وأول 8 أيام من شهر ذي الحجة)، فينوي العمرة فقط ويؤدي مناسكها، ثم يتحلل من إحرامه ويتمتع بحياته العادية من ملبس وغيره من معاشرة النساء، فإذا أتى اليوم الثامن من ذي الحجة نوى الحج من مكانه بمكة ولبس ملابس الإحرام وأتى بمناسك الحج. وهذا النسك هو الأفضل.
صفة الحج
تبدأ من الميقات، والتَجرّد من الثياب، واغتسل كما تغتسل من الجنابة -إن تيسر لك- وتطيب بأطيب ما تجده من دهن عود أو غيره في رأسك ولحيتك، ولا يضر بقاء ذلك بعد الإحرام، ولكن لا تطيِّب ثياب الإحرام.
ألبس ثياب الإحرام (إزارًا ورداءً)، ولف الرداء على كتفيك، ولا تخرج الكتف الأيمن إلا في الطواف بجميع أنواعه (هذا للرجل). (أما المرأة) فتحرم في ملابسها العادية التي ليس فيها زينة ولا شهرة، ولا تلزم بلون معين.
صلِّ الصلاة المكتوبة إذا حان وقتها، وصل ركعتين سنة الإحرام (وإن لم تصلها فلا حرج).
بعدها: إذا ركبت السيارة انْوِ الدخول في النسك، ثم قُلْ -حسب نسكك-:
إن كنت تريد العمرة فقط: (لبيك عمرة)، وإن كنت تريد الحج فقط -الإفراد-: (لبيك حجًّا)، وإن كنت تريد الحج والعمرة بأفعالهما -التمتع (لبيك عمرة متمتعًا بها إلى الحج)، وإن كنت تريد الحج والعمرة بأفعال الحج -القارن-: (لبيك عمرة وحجًّا).
ولا يلزم تكرار هذه الألفاظ ثلاثًا، بل مرة واحدة تكفي.
كيفيّة الحج المُفرد
على من نوى حج المفرد أولًا: الإحرام وطواف القدوم يبدأ المسلم حجه بالإحرام، وينوي عند إحرامه الحجّ فقط إذا كان نُسكه الإفراد، ثمّ يتوجّه إلى مكّة المُكرَّمة مُلَبِّيًا؛ فإذا وصلها توجّه إلى المسجد الحرام، وأوّل ما يبتدئه في المسجد الحرام هو طواف القدوم حول البيت العتيق.
ويبدأ الطواف من عند الحجر الأسود، فيستلم الحجر، ويُقبّله في كلّ شوط إن أمكنه ذلك، ما لم يكن في ذلك أذيّة للمسلمين، فإن لم يستطع أن يُقبّل الحجرَ، فإنّه يلمسه بِيَده، أو بشيء يُمسكه بِيَده، ثمّ يُقبّله، فإن عجز عن ذلك، أشارَ إلى الحجر الأسود بِيَده، ويطوف حول البيت سبعة أشواط، ويضطبع فيها، ويرمل في الأشواط الثلاثة الأولى، ويشتغل بذِكر الله -تعالى-، والدعاء، وعند تمام طوافه يُصلّي ركعتَين عند مَقام نبي الله إبراهيم -عليه السلام- إن استطاع.
السعي بين الصفا والمروة
وعندما ينتهي الحاجّ من طواف القدوم، يتوجّه للسعى بين الصفا والمروة سبعة أشواط، ويكون ذهابه شوطًا، وإيابه شوطًا، ويكون هذا السَّعي هو سَعي الحجّ، ويبقى بعد السَّعي في مكّة المُكرَّمة على إحرامه إلى اليوم الثامن من ذي الحجّة؛ وهو يوم التروية، ويستطيع الحاجّ أن يُؤخّر السَّعي إلى حين أداء طواف الإفاضة.
يوم التروية
يبدأ الحاجّ أعمالَ الحجّ في يوم التروية، فيتوجّه قبل زوال الشمس إلى مِنى حتى يبيتَ فيها ليلة التاسع من ذي الحجّة، اتِّباعًا لسُنّة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، ويُصلّي فيها الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، وفجر اليوم التاسع من ذي الحجّة؛ وهو يوم عرفة.
يوم عرفة
أعظم أيّام الحجّ هو يوم عرفة، وهو رُكن من أهمّ أركانه، ويُسَنّ للحاجّ أن يبدأ مسيره من مِنى إلى عرفة بعد طلوع الفجر، ويُسَنّ كذلك أن يدخل إلى عرفة بعد زوال الشمس، ويجوز للحاجّ الوقوف في أيّ مكان في عرفة إلّا في منطقة بطن عُرَنَة، ويجمع بين الظهر والعصر في عرفة جمع تقديم، ثمّ يشتغل بالدعاء، والذِّكر، والتلبية، وقراءة القرآن إلى أن يتمّ غروب الشمس، ولا يُغادر عرفة قبل ذلك، فإذا غربت الشمس، انطلقَ إلى مزدلفة.
المزدلفة
ينطلق الحاجّ من عرفة إلى المُزدلفة بعد غياب شمس اليوم التاسع من ذي الحجّة؛ فإذا وصلها جمعَ فيها بين المغرب، والعشاء جمع تأخير، ويبيت ليلته فيها وجوبًا عند جمهور الفقهاء من الشافعية، والمالكية، والحنابلة، وقال الحنفية بسُنّية البيات في مُزدلفة، ويُستحَبّ للحاجّ أن يجمع حصى الجِمار التي سيرمي بها من مُزدلفة، وعددها سبعون حصاة، أو يقتصر على سبع حَصَيات ليرميَ بها جمرة العقبة الكُبرى في اليوم العاشر من ذي الحجّة، ثمّ يُصلّي الفجر، ويقف للدعاء والتهليل، وذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ الوقوف بعد الفجر في مُزدلفة سُنّة، ورأى الحنفيّة أنّ الوقوف واجب إلّا لِمَن مَنَعه عُذر، كشدّة الزِّحام، ثمّ يتوجّه الحاجّ إلى مِنى بعد ذلك.
أيام التشريق
تبدأ أيّام التشريق الثلاثة بعد يوم النَّحر؛ وهي أيّام الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر من شهر ذي الحجّة، وقد ذهب جمهور الفقهاء من الشافعيّة، والمالكيّة، والحنابلة إلى أنّ المَبيت في مِنى واجب في اليوم الأوّل والثاني من أيّام التشريق، وقال الحنفيّة بسُنّة المَبيت، ويرمي الحاجّ في كلّ يوم ثلاث جمرات بالترتيب؛ فيبدأ بالجمرة الصُّغرى، ثمّ الوُسطى، ثمّ الكُبرى، ويرمي كلّ جمرة بسبع حَصَيات، ويقف للدعاء بين كلّ جمرتَين.
التعجل فى الحج
ويجوز لِمَن أراد أن يتعجّل أن يخرج من مِنى بعد رَمي الجمرات في اليوم الثاني، ويسقط عنه الرَّمي في اليوم الثالث، وقد اشترط الجمهور خروج الحاجّ المُتعجّل من مِنى قبل غروب شمس اليوم الثاني من أيّام التشريق، واشترط الحنفيّة خروجه قبل فجر اليوم الثالث من أيّام التشريق، أمّا من أراد أن يتأخّر إلى اليوم الثالث، فإنّه يرمي الجمرات قبل غروب الشمس.
ويُسَنّ للحاجّ بعد خروجه من مِنى أن ينزل في منطقة المُحَصَّب عند مدخل مكّة؛ فيُصلّي، ويذكر الله -تعالى- فيها.
طواف الوداع
يجب على الحاجّ إذا عزم على الرحيل من مكّة أن يطوف طواف الوداع؛ حتى يكون آخر عهده بمكّة هو البيت العتيق، وبعد الطواف يُصلّي الحاجّ ركعتَي الطواف، ويشرب من ماء زمزم، ويُسَنّ له استلام الحجر الأسود، والتمسُّك بأستار الكعبة إن تيسّر له ذلك، ويخرج من المسجد الحرام وهو يدعو بالمَغفرة، والرضوان، وأن يُعيده الله -تعالى- إلى بيته العتيق، ويكون الحاجّ بذلك قد أتمّ مناسك الحجّ مُفردًا.