وزير الأمن الإسرائيلي يتهم إدارة بايدن بعرقلة الحرب على غزة
انتقد وزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير، إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، واتهمها بـ"عرقلة المجهود الحربي الإسرائيلي في غزة"، فيما أثنى على الرئيس السابق دونالد ترامب، معتقدًا أنه "كان سيمنح إسرائيل حرية أكبر للقضاء على حركة حماس"، وذلك في مقابلة مع صحيفة "وول ستريت جورنال".
وقال بن غفير: "بدلاً من أن يقدم لنا بايدن دعمه الكامل، فهو منشغل بتقديم المساعدات الإنسانية والوقود (إلى غزة) واللذين يذهبان إلى حماس"، مضيفاً: "إذا كان ترامب في السلطة، لكان سلوك الولايات المتحدة مختلفاً تماماً"، وذلك في انتقاد مباشر "نادر" لإدارة بايدن، وهو ما اعتبرته "وول ستريت جورنال"، مخالفة للأعراف السياسية التقليدية، إذ تعتمد تل أبيب اعتماداً كبيراً على المساعدات الدفاعية الأمريكية.
ويُمثل بن غفير أكبر عقبة قد تواجه إسرائيل والولايات المتحدة في الوقت الذي تواجهان فيه صعوبة في التوصل إلى اتفاق لتحرير المحتجزين الباقين في غزة، وإنهاء الحرب في القطاع، وفق الصحيفة الأمريكية.
وصنع بن غفير (47 عاماً) لنفسه اسماً منذ أصبح وزيراً للأمن القومي قبل عام، إذ بات جاذباً لليمين المتطرف في إسرائيل.
وقاد مؤخراً حملة لتوزيع بنادق هجومية على المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية المحتلة، لتسليح أنفسهم تفادياً لتكرار هجمات السابع من أكتوبر الماضي.
"نتنياهو أمام مفترق طرق"
ويتمتع الوزير الإسرائيلي "المثير للجدل" في الوقت الحالي بالدعم الكافي في الائتلاف الحاكم لتقويض حكم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إذ يعتزم استغلال ذلك.
وحذَّر بن غفير في مقابلته مع "وول ستريت جورنال"، من أنه سيعارض "أي اتفاق مع حماس يتم بموجبه إطلاق سراح آلاف الفلسطينيين المحتجزين بتهمة "الإرهاب، أو إنهاء الحرب قبل هزيمة الحركة الفلسطينية بشكل كامل".
وقال إن نتنياهو "أمام مفترق طرق، وعليه أن يختار الاتجاه الذي سيسلكه".
وأكد بن غفير أنه لا يتعجل سحب البساط من نتنياهو، وتوقَّع أن تتولى حكومة تنتمي إلى يسار الوسط السلطة، وأن مسيرته المهنية بدأت للتو.
فيما يرى منتقدو بن غفير أنه "محرّض خطير، يرغب في إثارة صراع أوسع مع الفلسطينيين لتعزيز قاعدة مؤيديه"، ويقول بعض المسؤولين الإسرائيليين إن تصريحاته التي يدعو فيها تل أبيب إلى احتلال غزة تصعّب عليهم تقديم مبرراتهم في العواصم الأجنبية.
وقال مسؤول في المعارضة، لم تذكر الصحيفة اسمه: "عندما يتحدث بن غفير، فإنه يخلق رد فعل عكسي يصعّب علينا خوض الحرب وإعادة المحتجزين"، ووصف مسؤول في الائتلاف، بن غفير بأنه "صداع" لنتنياهو، لكنه قال إن "نفوذه محدود"، مشيراً إلى دراسة بريطانيا والولايات المتحدة في الاعتراف من جانب واحد بدولة فلسطينية رغم المعارضة الإسرائيلية للفكرة.
من جهته، قال رئيس معهد الديمقراطية الإسرائيلي يوهانان بليسنر: "بن غفير يتمتع بنفوذ كبير على نتنياهو"، مضيفاً أن "آخر شيء يريده نتنياهو هو إجراء انتخابات مبكرة، وبن غفير يعرف ذلك".
وتُمثل المسارات المختلفة "خياراً صعباً" أمام نتنياهو، الذي يواجه الآن خطر تعرُّض إسرائيل للعزلة الدولية إذا واصل الحرب، أو إمكانية فقدان السلطة في حال سحب بن غفير المشرعين الستة التابعين لحزبه "القوة اليهودية" الذي يتزعمه من الائتلاف الحاكم.
خطة بن غفير لمستقبل غزة
وتنطوي خطة بن غفير الخاصة بغزة، على إعادة ملء القطاع الساحلي المدمر بالمستوطنات الإسرائيلية، مع تقديم حوافز مالية للفلسطينيين لمغادرة القطاع.
وقال إن خطته تهدف إلى "تشجيع سكان غزة على الهجرة الطوعية إلى أماكن حول العالم" من خلال تقديم حوافز نقدية لهم، فيما وصف ذلك بأنه "الشيء الإنساني الحقيقي الذي يجب القيام به".
وأشار إلى أنه يعلم أن الفلسطينيين سيقبلون هذه الفكرة من خلال مناقشاته مع الفلسطينيين في الضفة الغربية، والمعلومات الاستخباراتية التي تلقاها بصفته وزيراً، لكنه رفض الإفصاح عما ورد في هذه المعلومات.
ويرى أن عقد مؤتمر عالمي قد يساعد على إيجاد دول ترغب في استقبال اللاجئين الفلسطينيين، حسبما ذكرت الصحيفة.
ويكتسب نهج بن غفير شعبية، إذ تؤيد أغلبية صغيرة من اليهود الإسرائيليين، الآن بشكل كامل أو إلى حد ما، إنشاء مستوطنات يهودية داخل غزة، وذلك وفقاً لاستطلاع أجرته جامعة "تل أبيب" الشهر الماضي.
وتُظهر استطلاعات الرأي والمناقشات العامة واسعة النطاق بين الفلسطينيين أن سكان غزة سيرفضون بأغلبية ساحقة هذه الخطة، وأن العديد من سكان القطاع يخشون من أن يكون الهدف من الحرب الإسرائيلية يتمثل في تهجيرهم بشكل دائم واستبدالهم بمستوطنين يهود، وفقاً لـ"وول ستريت جورنال".
كما ستلقى معارضة شديدة من قِبل الولايات المتحدة والحكومات العربية، التي تطالب إسرائيل بالتخلي عن سيطرتها على غزة، والسماح لسكانها بالعودة إلى منازلهم.
انتقادات إسرائيلية
وانتقد زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد تصريحات بن غفير، قائلاً إن مزاعمه "تضر بالمكانة الدولية لإسرائيل".
وأضاف لابيد أنه سيدعو نتنياهو إلى "تقييد بن غفير"، لكنه يرى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي "لا يستطيع السيطرة على أي من المتطرفين في حكومته".
فيما علَّق عضو حكومة الحرب الإسرائيلية بيني جانتس، قائلاً عبر منصة "إكس": "الخلافات مقبولة، حتى مع أكبر وأهم حليف لنا، ولكن يجب تسويتها في المحافل الملائمة، وليس في تصريحات غير مسؤولة في وسائل الإعلام. على نتنياهو أن يقيّد بن غفير".
فلسطين تندد بتصريحات بن غفير
وطالبت وزارة الخارجية الفلسطينية، بفرض عقوبات دولية رادعة على بن غفير، باعتباره يُمثل "تهديداً مباشراً لأمن واستقرار المنطقة".
وأدانت في بيان، المواقف التي أدلى بها "الوزير الفاشي بن غفير لصحيفة (وول ستريت جورنال)، واعتبرتها استعمارية عنصرية وتحريضاً مفضوحاً على استكمال إبادة شعبنا في قطاع غزة وطرده بالقوة وتهجيره من أرض وطنه".
وقالت إن بن غفير "يتفاخر بتكرار تحريضه في تحدٍ سافر للإدارة الأمريكية ومواقفها المعلنة والإجماع الدولي وقرارات محكمة العدل الدولية ومجلس الأمن الدولي، الخاصة بحماية المدنيين الفلسطينيين وتأمين احتياجاتهم الأساسية، والتي تطالب أيضاً باتخاذ إجراءات عدة لوقف مظاهر الإبادة وإبعاد شبح المجاعة وتمكين شعبنا في قطاع غزة من العودة إلى منازله في عموم القطاع".