هل يعني رفع أسعار الفائدة اقتراب تعويم الجنيه؟
اتخذ البنك المركزي المصري، في اجتماعه الأخير، قرارًا برفع أسعار الفائدة بنسبة 2% (200 نقطة أساس)، مما دفع البعض لتوقع حدوث تخفيض جديد في سعر صرف الجنيه (تعويم الجنيه)، بهدف زيادة الطلب على الجنيه ودفع معدلات الاستثمار، لمواصلة برنامج الإصلاح الاقتصادي، الذي بدأته الحكومة مع صندوق النقد الدولي في عام 2016.
وقرر البنك المركزي، أمس الخميس، رفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بنسبة 2% بما يعادل 200 نقطة أساس، ليصل إلى 21.25%، 22.25% و21.75%، على الترتيب، رفع سعر الائتمان والخصم بواقع 200 نقطة أساس، ليصل إلى 21.75%.
هل سيتم تعويم الجنيه؟
وفي شأن التوقعات بحدوث تعويم الجنيه بعد رفع أسعار الفائدة، قال محمد عبدالعال، الخبير المصرفي، في تصريحات نقلتها شبكة «سكاي نيوز»، إن قرار رفع أسعار الفائدة لا يمكن ربطه بإجراءات تتعلق بتحرير سعر صرف الجنيه (تعويم الجنيه)، خصوصًا أن كل الأسباب التي أوردها بيان البنك المركزي، لم تشر من قريب أو بعيد إلى مثل هذا الإجراء.
وأوضح الخبير المصرفي، أن أحد أبرز أسباب رفع أسعار الفائدة 200 نقطة أساس، هو ارتفاع معدل السيولة المحلية عن الفترة السابقة، مما يزيد من الطلب على السلع والخدمات، بالتالي زيادة التضخم، إضافة إلى رؤية البنك المركزي لمعدلات التضخم العام والأساسي، التي انخفضت خلال الـ3 أشهر الماضية بالنسبة للتضخم الأساسي.
وكشف، أن البنك المركزي المصري يتوقع بعض الضغوط التضخمية نتيجة التوترات الجيوسياسية في منطقة البحر الأحمر وخلافه، وذلك رغم تباطؤ معدلات التضخم العالمي نتيجة لتأثير السياسات التقليدية التي تتبعها البنوك.
أسباب رفع أسعار الفائدة
1- تباطؤ النشاط الاقتصادي
اتسم النشاط الاقتصادي بالتباطؤ نتيجة سياسات التقييد النقدي التي اتبعتها البنوك المركزية الرئيسية على الطلب، كما انخفضت الضغوط التضخمية العالمية مؤخرًا نتيجة لسياسات التقييد النقدي التي تم اتباعها في العديد من الاقتصادات المتقدمة والناشئة، وعليه تراجعت توقعات معدلات التضخم لتلك الاقتصادات مقارنةً بما تم عرضه في الاجتماع السابق.
وبالرغم من ذلك، يوجد حالة من عدم اليقين حول توقعات التضخم، خصوصًا ما يتعلق بأسعار السلع العالمية وذلك نتيجة للتوترات الجيوسياسية التي يشهدها العالم حاليًا، واضطراب سلاسل التوريد في البحر الأحمر.
2- نمو الناتج المحلي
وعلى الصعيد المحلي، سجل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي معدل نمو قدره 2.7% خلال الربع الثالث من عام 2023 مقارنةً بمعدل 2.9% خلال الربع السابق له، وجاء النمو مدعومًا بالمساهمات الموجبة لكل من قطاع التجارة والزراعة والاتصالات.
وعلى الرغم من ذلك، تشير المؤشرات الأولية للربع الرابع من عام 2023 إلى تباطؤ النشاط الاقتصادي، وبناءً عليه، من المتوقع أن يتباطأ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال العام المالي 2023/2024 مقارنةً بالعام المالي السابق له، على أن يتعافى تدريجيًا فيما بعد.
وجاء ذلك تماشيًا مع التطورات الفعلية للبيانات وكذا التداعيات السلبية الناجمة عن حالة عدم الاستقرار الإقليمي واضطراب حركة الملاحة في البحر الأحمر على قطاع الخدمات.
وفيما يتعلق بسوق العمل، استقر معدل البطالة ليسجل 7.1% خلال الربع الثالث من عام 2023.
واصلت المعدلات السنوية للتضخم العام والأساسي انخفاضها لتسجل 33.7% و34.2% على الترتيب، في ديسمبر 2023، مدفوعةً بالأثر الإيجابي لفترة الأساس.
3- استمرارية الضغوط التضخمية
في حين تشير التطورات الحالية إلى استمرارية الضغوط التضخمية وارتفاعها عن نمطها المعتاد، وهو ما ينعكس على تضخم كل من السلع الغذائية وغير الغذائية.
ومن المتوقع استمرار تلك الضغوط في ضوء إجراءات ضبط المالية العامة، وتواصل الضغوط من جانب العرض، إضافة إلى ذلك، ساهم ارتفاع معدل نمو السيولة المحلية عن متوسطه التاريخي في تصاعد الضغوط التضخمية.
وجاءت البيانات الواردة منذ اجتماع لجنة السياسة النقدية السابق في ديسمبر 2023، بما في ذلك بيانات التضخم، أعلى من المتوقع.
وستستمر الضغوط التضخمية واسعة النطاق في التأثير على أنماط الاستهلاك والتسعير، بالإضافة إلى ذلك، قد ينتج عن التوترات الجيوسياسية واضطراب الملاحة البحرية ارتفاع حالة عدم اليقين حول معدلات التضخم العالمية والمحلية.
4- تصاعد التضخم
وفي ضوء ما سبق، ترى لجنة السياسة النقدية تصاعد المخاطر المحيطة بتوقعات التضخم، وبالتالي قررت لجنة السياسة النقدية رفع أسعار العائد الأساسية لدى البنك المركزي بمقدار 200 نقطة أساس وذلك بهدف الحد من توقعات التضخم، وتقييد الأوضاع النقدية للحفاظ على مسار نزولي لمعدلات التضخم.
وستستمر اللجنة في تقييم توازنات المخاطر بهدف تحقيق استقرار الأسعار على المدى المتوسط، ولن تتردد في استخدام كل أدواتها المتاحة لتقييد الأوضاع النقدية، كما تؤكد اللجنة أن مسار أسعار العائد الأساسية يعتمد على معدلات التضخم المتوقعة.