بعد موقفها تجاه قطاع غزة.. أبرز القرارات التي أصدرتها محكمة العدل الدولية في تاريخها
تابعت دول العالم بقلق وترقب، اليوم الجمعة، مجرى الأحداث في لاهاي بهولندا، مقر محكمة العدل الدولية، في أعقاب الدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، وانتهاكها اتفاقية الأمم المتحدة بشأن الإبادة الجماعية، مما يذكرنا بأهم القرارات التي أصدرتها محكمة العدل طوال تاريخها.
وأصدرت محكمة العدل الدولية، قرارًا يأمر إسرائيل باتخاذ إجراءات لمنع ومعاقبة التحريض المباشر على الإبادة الجماعية، والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، وضمان عدم ارتكاب قواتها إبادة جماعية، واتخاذ إجراءات لتحسين الوضع الإنساني، وتقديم تقرير إلى المحكمة في غضون شهر واحد حول ما تفعله لتنفيذ الأمر.
أبرز قرارات محكمة العدل
ونستعرض فيما يلي أبرز القرارات التي أصدرتها محكمة العدل الدولية في تاريخها:
1- دعوى هولندا وكندا ضد سوريا
في 12 يونيو 2023، أعلنت محكمة العدل الدولية أن هولندا وكندا رفعتا دعوى مشتركة ضد سوريا، يُزعم فيها انتهاك السلطات في دمشق لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
وفي 16 نوفمبر 2023، أصدرت محكمة العدل الدولية قرارا يطالب سوريا باتخاذ جميع الإجراءات الفعالة لـ«منع التدمير وضمان الحفاظ على أي أدلة تتعلق بالادعاءات المرتبطة بالأفعال التي تدخل في نطاق الاتفاقية ضد التعذيب وغيره من سوء المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة».
2- طلب إيران الإفراج عن أصول مالية مجمدة
في يونيو 2016، رفعت إيران قضية ضد أمريكا أمام المحكمة، طالبت فيها واشنطن بالإفراج عن أموال جمدتها بقيمة حوالي ملياري دولار.
وفي مارس 2023، قضت محكمة العدل الدولية بعدم الاختصاص في قضية أصول إيران المجمدة في الولايات المتحدة.
3- دعوى إيران ضد واشنطن بسبب العقوبات
في أواخر أغسطس عام 2018، رفعت إيران رفعت دعوى قضائية أمام المحكمة زعمت فيها أن الولايات المتحدة انتهكت معاهدة الصداقة والعلاقات الاقتصادية والحقوق القنصلية لعام 1955 بين البلدين بسبب العقوبات التي فرضتها واشنطن على إيران.
وفي 3 أكتوبر من العام ذاته، أصدرت المحكمة قرارًا بأنه «لا ينبغي أن تؤثر العقوبات الأمريكية على الوضع الإنساني في إيران ولا على الطيران المدني»، وهو الحكم الذي أعربت واشنطن عن رفضها الالتزام به.
4- إعلان استقلال كوسوفو أحادي الجانب
في 8 أكتوبر 2010، طلبت الجمعية العامة من المحكمة إبداء رأيها، غير الملزم، حول مشروعية إعلان كوسوفو استقلالها، بعد خروج القوات الصربية منها عام 1999 .
وفي 22 يوليو عام 2010، قدّمت محكمة العدل الدولية رأيا استشاريا بأن إعلان كوسوفو الاستقلال عن صربيا في فبراير 2008 لا يمثل انتهاكاً للقانون الدولي، بعدما صوت لصالح القرار 10 قضاة وفي حين اعترض عليه أربعة.
5- الجدار الفاصل في الأراضي الفلسطينية المحتلة
في ديسمبر عام 2003، طالبت الجمعية العامة محكمة العدل بإصدار رأيها الاستشاري بشأن العواقب القانونية لتشييد الجدار العازل الذي كانت تبنيه حينها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفقاً لمبادئ القانون الدولي واتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949.
وفي 9 يوليو 2004، قررت المحكمة أن الجدار مخالف للقانون الدولي، وطالبت إسرائيل بإزالته من كل الأراضي الفلسطينية، مع تعويض المتضررين من بناء الجدار، وطالبت كذلك دول العالم بعدم الاعتراف بالوضع غير القانوني الناجم عن بناء الجدار.
ودعت الجمعية العامة ومجلس الأمن إلى النظر في أي إجراءات أخرى لإنهاء الوضع غير القانوني للجدار.
6- قضية الصحراء الغربية
في 13 ديسمبر 1974، طلبت الجمعية العامة رأي المحكمة الاستشاري بشأن «هل كانت الصحراء الغربية وقت الاستعمار الإسباني إقليما لا يملكه أحد؟»، وسألت كذلك عن «الروابط القانونية بين الإقليم والمملكة المغربية والكيان الموريتاني».
وفي 16 أكتوبر، شاركت المحكمة رأيها، قائلة إن «المواد والمعلومات المقدمة إليها أظهرت وجود روابط قانونية» إبان فترة الاستعمار الإسباني، بين سلطان المغرب وبعض القبائل التي كانت تعيش في إقليم الصحراء الغربية وروابط قانونية كذلك بين «الكيان الموريتاني».
بيد أن رأيها النهائي خلص إلى أن تلك المواد والمعلومات «لم تثبت أي رابطة للسيادة الإقليمية بين إقليم الصحراء الغربية والمملكة المغربية أو الكيان الموريتاني».
وأصدرت بعيدها المحكمة قرارًا بمنح حق تقرير المصير لسكان الصحراء الغربية - الأمر الذي رفضه، آنذاك العاهل المغربي الملك الحسن الثاني بن محمد؛ إذا يعتبر المغرب الصحراء الغربية جزءاً لا يتجزأ من ترابه الوطني.
قرار محكمة العدل بشأن فلسطين
وقالت محكمة العدل الدولية خلال إعلان قرارها بشأن حماية الفلسطينيين، إن لديها صلاحية للحكم بإجراءات طارئة في قضية الإبادة الجماعية ضد إسرائيل، وإنها لن ترفض قضية الإبادة الجماعية ضد تل أبيب، مؤكدة: «الفلسطينيون مجموعة تخضع للحماية، بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية».
وأكدت المحكمة: «نقر بحق الفلسطينيين بغزة في الحماية من أعمال الإبادة الجماعية.. وعلى الأقل بعض الحقوق التي تسعى جنوب إفريقيا إلى الحصول عليها منطقية».
ومن بين الإجراءات التي طلبتها جنوب إفريقيا، الوقف الفوري للحرب الإسرائيلية على غزة، التي دمرت مساحات كبيرة من القطاع، وقتلت أكثر من 26 ألف فلسطيني، وفقا للسلطات الصحية في غزة.
ولم تبت المحكمة في جوهر الدعوى، حول ما إذا كانت إسرائيل ترتكب إبادة جماعية، بل اكتفت، بإصدار قرار حول تدابير عاجلة، قبل النظر في صلب القضية، التي سيستغرق الفصل فيها سنوات.
التدابير المؤقتة
والتدابير المؤقتة هي نوع من الأوامر التقييدية لمنع تفاقم النزاع في أثناء نظر المحكمة في القضية بأكملها، إذ غالبًا ما يعلن قضاة محكمة العدل الدولية مثل هذه التدابير، والتي تتكون عموماً من مطالبة دولة بالامتناع عن أي إجراء قد يؤدي إلى تفاقم النزاع القانوني.
وبالنسبة للتدابير المؤقتة، فإن المحكمة تحتاج فقط أولاً أن تحدد ما إذا كانت لها الولاية القضائية، وما إذا كانت الأفعال موضع الشكوى يمكن أن تقع ضمن نطاق اتفاق الإبادة الجماعية.
محكمة العدل الدولية
محكمة العدل الدولية، والتي يُطلق عليها أيضا اسم «المحكمة العالمية» هي أعلى هيئة قانونية تابعة للأمم المتحدة، وتأسست عام 1945 للتعامل مع النزاعات بين الدول، ولا ينبغي الخلط بينها وبين المحكمة الجنائية الدولية، والتي تتخذ أيضًا من لاهاي في هولندا مقرًا لها، وتتعامل مع تهم جرائم الحرب الموجهة ضد الأفراد.
وتتعامل هيئة محكمة العدل الدولية المؤلفة من 15 قاضيًا، التي سيُضاف إليها قاضٍ واحد من كل طرف في قضية إسرائيل، مع النزاعات الحدودية والقضايا المتزايدة التي ترفعها الدول لاتهام أخرى بانتهاك التزامات معاهدة الأمم المتحدة.
ووقَّعت كل من جنوب إفريقيا وإسرائيل على اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948، التي تمنح محكمة العدل الدولية الاختصاص، القضائي للفصل في النزاعات على أساس المعاهدة، وبينما تدور القضية بشأن الأراضي الفلسطينية المحتلة، ليس للفلسطينيين أي دور رسمي في الإجراءات، لأنهم ليسوا دولة عضوًا في الأمم المتحدة.
وتُلزم اتفاقية منع الإبادة الجماعية جميع الدول الموقّعة، ليس فقط بعدم ارتكاب الإبادة الجماعية، بل وبمنعها والمعاقبة عليها، وتُعرّف المعاهدة الإبادة الجماعية بأنها «الأفعال المرتكبة بقصد التدمير الكلي، أو الجزئي لجماعة قومية، أو إثنية، أو عنصرية، أو دينية».