مفكرون ومثقفون: معرض القاهرة للكتاب يرسخ لريادة مصر وسجلها الحافل بالتنوع الثقافي
أكد مفكرون ومثقفون أن معرض القاهرة الدولي للكتاب سيبقى الحدث الثقافي والمعرفي الأبرز في العالم العربي، مُخلدا لجهود قافلة من الرواد أسهموا في نهضة مصر الثقافية وتجلياتها على العالم على مدى حقب من الزمان.
وشدد المفكرون والمثقفون، على أن معرض القاهرة للكتاب والذي تنطلق دورته الـ 55 رسميا بعد غد /الأربعاء/ ، يعد ترسيخا لريادة مصر ثقافيا عبر التاريخ الإنساني.. منوهين بأن مصر تمتلك سجلا حافلا بالتنوع الثقافي يمزج حاضرها الواعد بماضيها العتيد.
وتتجه أنظار العالم بعد ساعات قلائل إلى مصر ، حيث تعقد الدورة الـ 55 من معرض القاهرة الدولي للكتاب ، في مركز مصر للمعارض والمؤتمرات الدولية بالتجمع الخامس في الفترة من 25 يناير الجاري إلى 6 فبراير المقبل تحت شعار "نصنع المعرفة نصون الكلمة".
وتحل مملكة النرويج ضيف شرف النسخة المرتقبة من معرض القاهرة الدولي للكتاب، ووقع اختيار اللجنة الاستشارية العليا لمعرض القاهرة الدولي للكتاب على عالم المصريات الدكتور سليم حسن (1893 - 1961) ، ليكون شخصية المعرض ورائد أدب الطفل، يعقوب الشاروني (1931- 2023) ليكون شخصية معرض الطفل.
سجل مصري حافل بالتنوع الثقافي:
ففي البداية ، أكد الكاتب والأديب إيهاب القسطاوي أن مصر لعبت دورا محوريا ومتواصلًا في الثقافة منذ بزوغ فجر الإنسانية ، ففي الوقت الذي كان يعيش العالم ظلاما مطبقا ، كانت مصر تقيد شعلة الثقافة المتوهجة ، وتهدي الإنسانية المبادئ الأولى للكتابة بنقوش خالدة عصية على الاندثار.
وذكر القسطاوي أن مصر تمتلك سجلا حافلا بالتنوع الثقافي يمزج حاضرها الواعد بماضيها العتيد، وأن معرض القاهرة الدولي للكتاب يبقى الحدث الثقافي والمعرفي الأبرز في العالم العربي مُخلدا لجهود قافلة من رواد ساهموا في نهضة مصر الثقافية وتجلياتها على العالم على مدى حقب من الزمان.
وأشاد بما تشهده مصر حالياً من زخم ثقافيّ كبير، باعتبار أن الثقافة المصرية أصبحت أحدى أولويات الجمهورية الجديدة من خلال تحقيق العدالة الثقافية المتمثلة بإقامة عديد من الأنشطة الثقافية في مختلف المحافظات واستهداف الأجيال الجديدة.. معبرا عن فخره ، بكونه مواطنا مصريا، بالإنجازات التي تتحقق كل يوم .. مثمنا دور مصر الثقافي الذي تشغله في العالم العربي.
وشدد على أن أهمية معرض القاهرة الدولي للكتاب تأتي استمرارًا لريادة مصر الثقافية عبر التاريخ الإنساني ، وأنه يعد اﻟﺤﺪث اﻟﺜﻘﺎﻓﻲّ اﻷﺑﺮز ، بما يشكله كجسر للحوار الفكري في مختلف أطياف المعرفة ، وبما يليق بقيمة ومكانة مصر في العالم.
ويعد معرض القاهرة الدولي للكتاب من أهم الفعاليات الثقافية في مصر والعالم العربي، حيث يسهم في نشر الثقافة والمعرفة بين جميع فئات المجتمع ، انطلق المعرض لأول مرة في عام 1969، بمناسبة الاحتفال بعيد القاهرة الألفي، وكان في بدايته يقام لمدة أسبوع واحد، ولكن تم تمديده في السنوات التالية إلى أسبوعين، ثم ثلاثة أسابيع، ثم أربعة أسابيع.
ومن جانبه .. أكد الروائي البارز سمير الفيل أن معرض القاهرة الدولي للكتاب يعد التظاهرة الثقافية الأكثر نفاذية وقبولا في المجتمع المصري ؛ لما تضمه من فعاليات وأنشطة ثقافية مفيدة للجميع.
وقال الفيل : إن المعرض يعد فرصة للالتقاء بالكتاب العرب القادمين من مختلف الأقطار بينما لم يستبعد أن يكون معرض القاهرة بشكله الجديد أكبر تجمع ثقافي عربي يمد الواقع بالكثير من الكتب الجيدة رغم ارتفاع أسعار الورق والأحبار.
وحول الأعمال التي يشارك بها في دورة المعرض الحالية .. أضاف الروائي الفيل :"لي في هذا المعرض أربع مجموعات قصصية جديدة ، هي : " ذئاب مارقة " عن هيئة قصور الثقافة ، "دمى حزينة" عن دار بتانة للنشر والتوزيع ، و"شارع التبليطة" عن دار غراب للنشر والتوزيع ، و"قهوة على الريحة" عن الهيئة المصرية العامة للكتاب ، وكل مجموعة صادرة عن دار نشر مختلفة.
وأشار إلى وجود كتب مهمة صدرت عن المشروع القومي للترجمة، والكتب مترجمة عن لغاتها الأصلية ، وتباع بأثمان رمزية .. منوها باهتمام بعض دور النشر بكتب الأطفال ، وعلى رأسها مطبوعات " المركز القومي لثقافة الطفل" ، برئاسة الكاتب الأستاذ محمد عبد الحافظ ناصف.
واعتبر أن المعرض يعد بالأساس واجهة لعرض الكتب الصادرة حديثا ، فهو سوق واسع للعرض والطلب ، كما توجد منصات بغرض مناقشة الأعمال الصادرة حديثا، وهناك أيضا حفلات التوقيع التي أثبتت جدواها في دورات سابقة.
يشار إلى أن الدورة الحالية لمعرض القاهرة للكتاب تقام على مساحة 80 ألف متر مربع، بإجمالي مساحة تضم (5) صالات للعرض، فيما يصل عدد الناشرين والجهات الرسمية المصرية والعربية والأجنبية المشاركة إلى 1200 دار نشر، من 70 دولة من مختلف دول العالم، كما يبلغ عدد العارضين 5250 عارضا هذا العام.
المعرض وذكرى البدايات:
وتلتقط أطراف الحديث منه الروائية الدكتورة إيمان سند بقولها إن معرض القاهرة الدولي للكتاب يمثل لي ذكرى البدايات؛ أول رواية قررت الحصول عليها، واشتريتها من مصروفي.. أول كتاب كنت في حاجة إليه لإتمام بحث، وغير موجود في مكتبة البيت، ولم استطع استعارته من مكتبة المدرسة.
وأشارت إلى أول مجموعة مثقفة تعرفت عليها ، وكان اللقاء بينهما لمتابعة فعاليات المعرض.. "ندوات نادرة حضرتها وأنا طالبة صغيرة ، مكثت بالساعات لحجز مكانًا للجلوس قريبة من المقدمة لاستمع لمحمد حسنين هيكل، أو نزار قباني، لأنيس منصور، أو عادل إمام، للخال عبد الرحمن الأبنودي أو يوسف إدريس".
وربطت الروائية إيمان سند المتخصصة في أدب الأطفال بين معرض القاهرة الدولي للكتاب وذكرى أول كتاب، وأول قصة أطفال تم نشرهما لها ، وكانت تزين رفوف دار نشر كبيرة أو صغيرة، أميل لرفعها ووضعها في أول الصفوف كلما اختفت في الخلفية .. مشيرة إلى أن المعرض يعد فرصة للتعرف على دور النشر الأوربية والعربية، وانتظارها كل عام لرؤية كتب رائعة أو ترجمات جديدة لم نرها من قبل.
وبدوره .. قال الروائي فكري داود : إن معرض القاهرة الدولي الكتاب يعتبر عيدا سنويا ورحلة ثقافية وفكرية وترفيهية في آن واحد.
وأضاف أن المعرض لا يهم المصريين فحسب بل يهتم به مثقفو العالم العربي، وتتسابق دور النشر المصرية والعربية للمشاركة فيه، وهو بذلك يمثل بالنسبة لي، ككاتب مصري وعربي، مزارا مهما ورحلة ضرورية، أنتظرها من العام للعام، حيث أتفقد أولا أحدث رواياتي ومجموعاتي القصصية، التي منها روايتي (المحارم) الصادرة عن دار أفاتار للطباعة والنشر ومجموعة (استكانة النهر العجوز) الصادرة عن دار الإسلام للطباعة والنشر، ومجموعة ’’رحيق الجميز‘‘ الصادرة في سلسلة الكتاب الفضي 2023، عن نادي القصة، بالتعاون مع معهد ليفانت بالإسكندرية، وهي المجموعة التي ستتم مناقشتها بالمعرض هذا العام، ضمن خطة الهيئة المصرية العامة للكتاب..
معربا عن أمله أن تعرض نُسخ من روايته (خلخلة الجذور) الصادرة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب 2019 ، ورواية (الشوك والياسمين) الصادرة ضمن روايات الهلال 2018.
وأكد حرصه على متابعة أحدث الإصدارات عامة، في كل فروع المعرفة، خصوصا الأدبية منها عربيا وعالميا، وأخص سور الأزبكية بزيارات خاصة، وألتقط منه ما كبرت قيمته وقل ثمنه. كما أتنقل بين جلسات المناقشات وندوات الشعر، وكل الأنشطة المتاحة.
وأكد أن المعرض يعد فرصة للاطلاع على أحدث الإصدارات الإلكترونية، وأجنحة كتب الأطفال، ومتابعة آخر تقنيات إنتاجها، ولا شك أن هناك أجنحة معينة لابد لأي زائر - وأنا منهم - للمعرض، من قضاء وقت أطول بها، مثل جناح الهيئة المصرية العامة للكتاب، والهيئة العامة لقصور الثقافة، وجناح دار الهلال، ودار أخبار اليوم، وجناح مؤسسة الأهرام، حيث تكون الكتب أفضل إخراجا وأقل سعرا، مقارنة بالأماكن الأخرى، ودور النشر الخاصة، بعد الارتفاع الكبير، في أسعار الورق ومستلزمات الطباعة.
جسر للتواصل بين مصر والعالم:
ومن جانبها.. أكدت الشاعرة الكبيرة شيرين العدوي أن معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 55، يؤكد استمرار جسور التواصل بين مصر والعالم كافة في جميع المجالات.
واعتبرت أن معرض القاهرة الدولي للكتاب تظاهرة ثقافية عالمية وعلينا جميعا استغلالها كونها فرصة لتبادل الثقافات والأحاديث التي تؤكد أن الثقافة ليست بمعزل عن مناحي الحياة الأخرى ولا المجالات الأخرى.
وقالت : إن معرض القاهرة للكتاب هو الأهم والأقدم في المنطقة العربية والشرق الأوسط، ويعد من أكبر المعارض الدولية في العالم..موضحة أن معرض القاهرة له أهمية كبيرة سواء على مستوى الأقدمية ودوره في تكوين وإقامة جسر للثقافة العربية، والتواصل بين المثقفين ودور وصناع النشر في العالم العربي بالإضافة إلى أهميته في أنه ملتقى للمثقفين والمبدعين للتلاقي والنقاش والحوار.
وأشارت إلى أن معرض القاهرة الدولي للكتاب، فرصة للاطلاع على الجديد من إنتاج المطابع العربية والعالمية في هذا الموقع المهم وهو علامة على عمق ثقافة الشعب المصري وطابع بريد باسم مصر يجمع كل الشعوب المشاركة ويوحدها عبر التقاء العقول التي تحملها دور النشر معبرة عن أهم المنجز الحضاري لكل دولة.
وبدوره .. أكد الكاتب الصحفي محمد خضير عضو لجنة الشباب بالمجلس الأعلى للثقافة، أن حرص الدولة المصرية على إقامة معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته ال 55 ووضعة تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية، تمثل رسالة بأن الكلمة والصورة الثقافية الحضارية التي تحرص وزارة الثقافة على انطلاقة في موعد الثابت بالثلاث الأخيرة لشهر يناير حتى الأسبوع الأول من فبراير من كل عام ليواكب خطة الوزارة الثقافية في إرسال رسالة للعالم كله مفاداها أن مصر حاضنة لأهم صناعة معرفية تصون الكلمة وتحمل لواء التراث من أرض الكنانة إلى كل ثقافات العالم.
وقال خضير : إن المعرض دورة تلو دورة خلال الخمسين عاما يشير إلى أن الشباب يتسلح بالمعرفة من خلال الاطلاع والقراءة سواء كان من شباب الناشرين والمنظمين إلى الجمهور والزائرين من الشباب والطلاب والباحثين من مصر والوطن العربي ليسهموا أيضا في صناعة الكلمة والصورة الحقيقية لمصر الحضارية والثقافية على مر العصور..
موضحا أن معرض القاهرة الدولي للكتاب يبرز خلال فعالياته المتطورة مكانة مصر الثقافية في الحضارة الإنسانية، والدور الذي قدمته لتاريخ المعرفة ويسهم في تكوين الوعي الإنساني على مر التاريخ.
ولفت إلى أن معرض الكتاب لا يضم فقط تقديم الكتاب بل يضم برنامج فعاليات ثقافية وفنية تسهم في حزب الشباب والجمهور من زوار المعرض ؛ لأن المعرض يقدم ما يقرب من 500 فعالية، تقام على مدار أيام المعرض، وتلقى إقبالا كثيفا من جمهور ومحبي القراءة والاطلاع وتقديم الفعاليات الثقافية للجميع.