رئيس «COP28»: صندوق "ألتيرا" خطوة استراتيجية تدشن مرحلة جديدة من التمويل المناخي
أكد الدكتور سلطان أحمد الجابر، رئيس مؤتمر الأطراف COP28،وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة أن قيادة الإمارات حريصة على تعزيز التمويل المناخي، وتشجيع القطاعين الحكومي والخاص والمؤسسات والمنظمات الدولية والإقليمية على توفيره للدول والمجتمعات الأشد احتياجاً، وتأمين الاستثمارات اللازمة لمواجهة تداعيات تغير المناخ بالتزامن مع تحقيق التنمية المستدامة والمنصفة للجميع.
جاء ذلك خلال فعاليات القمة العالمية للعمل المناخي التي جمعت قادة العالم في COP28 اليوم، والتي تم خلالها اطلاق صندوق "ألتيرا" الاستثماري لتحفيز العمل المناخي برأس مال أساسي أولي قدره 110 مليارات درهم (30 مليار دولار)، وذلك لتمويل الحلول الداعمة للجهود الدولية لبناء منظومة أكثر إنصافاً للتمويل المناخي، مع التركيز على توفير مزيد من التمويل لدول الجنوب العالمي.
920 مليار درهم
ويسعى صندوق ألتيرّا إلى حشد وتحفيز نحو 920 مليار درهم (250 مليار دولار) من الاستثمارات عالمياً بحلول عام 2030، ليصبح أكبر صندوق استثماري خاص يركز على حلول مواجهة تغير المناخ على مستوى العالم، ويستهدف تحفيز الأسواق الخاصة لإطلاق استثمارات مناخية، مع التركيز على إحداث تغيير جذري في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية التي تعاني نقص الاستثمارات التقليدية نتيجة ارتفاع التكلفة والمخاطر في أنحاء العالم.
وتحتاج الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية إلى 2.4 تريليون دولار سنوياً لمعالجة تغير المناخ، مما يتطلب توفير التمويل المناخي الميسر لها بشكل كافٍ وبتكلفة معقولة، لذا حرصت رئاسة COP28 على وضع تطوير آليات التمويل المناخي ضمن الركائز الأساسية لخطة عملها، والعمل على إيجاد حلول مبتكَرة وطموحة في هذا المجال، بما في ذلك تحفيز الأسواق الخاصة على نطاق واسع.
ووصف رئيسCOP28، الذي سيترأس مجلس إدارة صندوق ألتيرّا الاستثماري، إطلاق الصندوق بأنه خطوة استراتيجية تدشن مرحلة جديدة من التمويل المناخي الدولي، وأضاف معاليه أن ألتيرّا سيكون صندوقاً استثمارياً استثنائياً يحقق نقلة نوعية في جذب رؤوس أموال القطاع الخاص، ويُتوقع أن يحقق أثراً إيجابياً مضاعفاً في الاستثمار المناخي من خلال حجم تمويله الكبير وبنيته المبتكرة، موضحاً أن الإعلان عن الصندوق يدعم خطة عمل رئاسة COP28 وجهود دولة الإمارات لتوفير التمويل المناخي بشكل كافٍ وميسَّر وبتكلفة مناسبة للجميع.
وسيتولى السفير ماجد السويدي، المدير العام والممثل الخاص لرئاسة دولة الإمارات لمؤتمر الأطراف COP28، مهمة الرئيس التنفيذي لصندوق ألتيرّا الاستثماري، الذي سيكون مقره في سوق أبوظبي العالمي وسيضم فريقاً من المتخصصين في الاستثمار المناخي ممن لديهم سجل حافل من الاستثمارات في الأسواق الناشئة والنامية. وستقوم بتأسيس الصندوق شركة لونيت لإدارة الاستثمارات البديلة، وهي شركة تدير استثمارات عالمية مستقلة.
ويعد صندوق "ألتيرّا" أحد المبادرات التمويلية التي يتم إطلاقها خلال COP28 لتسريع التحول العالمي إلى اقتصاد منخفض الكربون وتعزيز المرونة المناخية.
وقال السفير ماجد السويدي: "يمثل ألتيرا عنصراً بالغ الأهمية في جهود دولة الإمارات لإنشاء منظومة عالمية للتمويل الأخضر تهيئ الفرصة لبناء اقتصاد مناخي جديد، وإعداد مجموعة فاعلة من الكفاءات المتخصصة في مجال الاستثمار المناخي، وبناء بيئة محفزة للاستثمار في دول الجنوب العالمي".
وسيقوم صندوق ألتيرا الاستثماري على هيكل مبتكر يستهدف رفع سقف الطموح، وتنشيط الأفكار المبتكَرة، وتحفيز الأطر السياسية والتنظيمية على دعم العمل المناخي، وإيجاد الحلول المطلوبة لجمع وتحفيز رأس المال بصورة عاجلة تساهم في تنشيط جميع مكونات منظومة الاقتصاد المناخي الجديدة، وستسترشد استثمارات ألتيرّا بأربع ركائز أساسية تتماشى مع خطة عمل COP28 لمعالجة أزمة المناخ وهي تحقيق انتقال منظّم ومسؤول ومنطقي وتدريجي وعادل في قطاع الطاقة، والحد من الانبعاثات الصناعية، وتشجيع ودعم المعيشة المستدامة، وتطوير ونشر تكنولوجيا المناخ.
ويتضمن هيكل الصندوق شركة "ألتيرّا أكسليريشن" التي تبلغ قيمتها نحو 92 مليار درهم (25 مليار دولار)، والتي ستتولى توجيه رأس المال المؤسسي على نطاق واسع لدعم الاستثمارات المناخية القادرة على تسريع التحول نحو اقتصاد مرن ومحايد مناخياً، وستعمل الشركة كمستثمر رئيسي ومُشارك في استراتيجيات المناخ حيث ستخصص رأس المال بشكل مباشر ومن خلال الشراكات التابعة للصندوق بهدف تعزيز تأثيرها العالمي.
وتماشياً مع تركيز COP28 على احتواء الجميع بشكل تام، ستُخصص ذراع الصندوق الأخرى، شركة "ألتيرّا ترانسفورميشن"، أكثر من 18 مليار درهم (5 مليارات دولار) لتخفيف المخاطر وتحفيز تدفقات الاستثمار إلى دول الجنوب العالمي لمواجهة التحديات التي تحد من فرص الاستثمار المناخي، وتعوق حصول هذه الدول على رأس المال بتكلفة مناسبة، بالإضافة إلى تهيئة الفرص للاستفادة من التمويل الميسَّر لزيادة جذب الاستثمار المناخي إلى البلدان الأقل نمواً والدول الجُزرية الصغيرة النامية.
ويبني الصندوق على السجل الحافل لدولة الإمارات في إدارة منصات الاستثمار الكبيرة، ويستهدف التوسع في تطبيق نماذجها المالية الناجحة التي كان لها دور أساسي في تطوير وتشغيل عدد كبير من مشروعات الطاقة المتجددة الناجحة والمجدية اقتصادياً في مختلف أنحاء العالم، كما يستفيد الصندوق من مكانة الدولة الرائدة بصفتها شريكاً موثوقاً، وحلقة وصل بين الشمال والجنوب، والشرق والغرب من خلال موقعها الجغرافي الاستراتيجي وعلاقاتها المتميزة مع المجتمع الدولي.
ويتعاون صندوق ألتيرّا الاستثماري مع شركات بلاك روك، وبروكفيلد، وتي بي جي، بصفتها شركاء الإطلاق الأوائل، وخَصص الصندوق لهم 6.5 مليار دولار ليتم إنشاء صناديق متخصصة للاستثمار المناخي على مستوى العالم، خاصةً في دول الجنوب العالمي، وسيتولى الشركاء جمع وتحفيز مبالغ مضاعَفة من رأس المال الإضافي من المستثمرين المؤسسين الآخرين والبنوك والجهات العالمية المعنية، وسيواصل الصندوق الاستثماري توسيع شراكاته سعياً إلى إيجاد الفرص، وتطوير حلول مبتكرة، وتسريع جمع وتحفيز رؤوس الأموال على نطاق واسع.
ومن خلال التركيز على الاستثمارات العمليّة والمجدية اقتصادياً، يلتزم صندوق ألتيرّا وشركاؤه بالإسراع في جمع وتحفيز رأس المال للمشروعات عالية التأثير خاصة في الأسواق الناشئة، ومن ضمن الالتزام الأولي الذي قدمته دولة الإمارات تم تخصيص مبلغ رأسمال استثماري فوري لتطوير مجموعة من المشروعات تتجاوز قدرتها الإنتاجية 6.0 غيغاواط من الطاقة النظيفة في الهند، ويشمل ذلك بناء مشروعات لطاقة الرياح والطاقة الشمسية بقدرة 1200 ميغاواط والمخطط أن تبدأ في إنتاج الطاقة النظيفة بحلول عام 2025.
ويستكشف ألتيرّا حالياً مجموعة من الاستثمارات، بما يشمل منصة تنمية إفريقية تخطط لإنشاء سلسلة مشروعات بقدرة تفوق 5 جيجا اواط من طاقة الرياح والطاقة الشمسية الكهروضوئية البرية، ومنصة لتوفير الكهرباء لأكثر من مليون فرد في المناطق الريفية النائية في أمريكا اللاتينية، والعديد غيرها.
وسيضع ألتيرّا إطار حوكمة للعمل المناخي الفعّال، وذلك لضمان قدرته على أداء دور ريادي في الوصول إلى الأهداف المناخية الجماعية للبشرية، بما يتماشى مع أفضل الممارسات الدولية ومعايير قطاع التمويل لتعزيز قدرة الصندوق على أداء مهمته، وضمان تطبيق مبادئ الشفافية والإشراف والمتابعة.