أكبر تراجع للدولار في عام وسط رهان على انتهاء رفع الفائدة

هبط الدولار الأمريكي بأكبر قدر خلال سنة بعد أن دفعت بيانات التضخم الضعيفة المضاربين لتكثيف الرهانات على أن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سيبدأ في تخفيض أسعار الفائدة مع حلول منتصف 2024، ما قلص عائدات سندات الخزانة الأمريكية.

تراجع مؤشر بلومبرج للدولار 1.3% أمس، ما يُعد أكبر هبوط من نوعه منذ نوفمبر 2022، وبقي قريباً اليوم الأربعاء من سعر إغلاق اليوم السابق، ما ساعد على صعود عملتي الوون والرينجيت بأعلى نسبة بين العملات الآسيوية، وجاءت هذه التحركات بعد صدور تقرير بيَّن أن تباطؤ التضخم الرئيسي والتضخم الأساسي في الولايات المتحدة الأميركية خلال أكتوبر الماضي فاق توقعات خبراء الاقتصاد.

«جولدمان ساكس»: قوة الاقتصاد الأمريكي ستخفف من انخفاض الدولار

بعد ارتفاع الاحتياطي الأجنبي.. أسعار الدولار في البنوك الآن

تغيرات كبيرة

أحدث صدور البيانات تغيرات كبيرة في أنحاء الأسواق المالية على مستوى العالم، إذ يتوقع المضاربون أن تنجح عمليات رفع أسعار الفائدة بشدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في كبح أسوأ صعود لمعدلات التضخم منذ ثمانينيات القرن الماضي، وقلص ذلك عوائد السندات، ما أضعف تحفيز المستثمرين الأجانب على نقل الأموال إلى داخل الولايات المتحدة الأمريكية وعزز ارتفاع الأصول الخطرة على غرار الأسهم الأمريكية وأسهم الأسواق الناشئة.

صعد الدولار الأمريكي في غالبية العام الحالي على خلفية زيادة عائدات سندات الخزانة الأمريكية، لكن هذه الديناميكية بدأت تعمل في الاتجاه العكسي أمس الثلاثاء، عندما تراجع الدولار أمام كافة العملات الرئيسية العالمية تقريباً إذ أخذ المضاربون بحسبانهم توقعات تخفيض بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سعر الفائدة الرئيسي بنحو نصف نقطة مئوية مع حلول يوليو المقبل.

أوضح سايمون هارفي من شركة "مونيكس" (Monex): "خلال الأسابيع الأخيرة، بدا الأمر كأنه إحجام عن شراء الدولار بسبب البيانات الداعمة لسردية الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي باستمرار أسعار الفائدة المرتفعة لمدة أطول، ولا عجب أن نشاهد عملات أجنبية أوروبية وعملات شديدة التقلب تصعد أمام الدولار الأمريكي مع انتشار توقعات تخفيض سعر الفائدة".

أسعار العملات

من بين ما يطلق عليه عملات مجموعة الدول العشر الكبرى، صعد الدولار الأسترالي 2.1% أمس، في أكبر زيادة منذ يناير الماضي، وتقدم اليورو 1.8% في أكبر ارتفاع له في يوم واحد خلال سنة، وتراجعت تحركات العملات بصورة طفيفة اليوم.

من بين العملات الآسيوية الناشئة، صعد الوون 1.9% ليتصدر مكاسب اليوم، يليه الرينجيت الماليزي، الذي ارتفع 1.3%.

هبط الين الياباني من أدنى مستوى له خلال 33 سنة أمام الدولار الأمريكي، وهو المستوى الذي يتجهز عنده المضاربون لتدخل محتمل من قبل الحكومة اليابانية لدعم العملة المتعثرة، كثيراً ما حذر وزير المالية الياباني شونيتشي سوزوكي الأسبوع الجاري من أن الحكومة ستتصدى للتحركات المفرطة.

رهانات التشديد تتلاشى

تدل حركة عقود المقايضة لبنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي على انحسار احتمالات رفع سعر الفائدة مرة أخرى لمستوى الصفر تقريباً في ظل توقعات بتقديم توقيت إقرار أول خفض منتظر إلى مايو أو يونيو المقبلين، وصعدت سندات الخزانة الأمريكية عبر آجال الاستحقاق المختلفة أمس، مع تراجع عائدات سندات أجل 5 أعوام بما يصل إلى 25 نقطة أساس مسجلة مستوى منخفضاً قدره 4.41%، وتغيرت عائدات سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 أعوام قليلاً لتسجل 4.45% اليوم.

تتوقع سوق عقود الخيارات أن يساعد تراجع الدولار الأمريكي على إحداث توازن في المراكز الشرائية له، وهبط مؤشر التقلبات لمدة 3 شهور لأدنى مستوى له منذ فبراير 2022.

ذكر باريش أوباديايا، مدير وحدة أصول الدخل الثابت واستراتيجية العملة في شركة "أموندي يو إس" (Amundi US): "تحركت الأسواق بناءً على توقعات بمزيد من تخفيضات أسعار الفائدة السنة المقبلة وتقديم موعد بدء دورة تيسير السياسة النقدية"، وأشار إلى "نقص في البيانات الأساسية على المدى القصير، ويمكن أن يُعزز الاحتمال الكبير بعدم زيادة سعر الفائدة في ديسمبر المقبل وتحركات خارج حسبان السوق هذا الصعود".