من السد العالي لـ«بريكس».. 80 عامًا من العلاقات القوية بين مصر وروسيا
مرت 80 عامًا على بدء العلاقات الدبلوماسية بين مصر وروسيا، التي شهدت تقاربًا كبيرًا بين البلدين على مختلف الأصعدة، لاسيما في الاقتصاد والسياسة، لتقدم كل منهما دعمًا كبيرًا للأخرى في ظل العلاقة القوية التي تربطهما، القائمة على المنفعة المتبادلة وتقارب الشعبين.
وتحتفل مصر وروسيا بالذكرى الـ80 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما، عبر العديد من الفعاليات، التي تؤكد متانة العلاقات ونُبل المواقف عبر تاريخ تلك العلاقات، وما هو قادم من شراكة استراتيجية ترسخ سبل التعاون البناء، عبر تدشين شراكات متنوعة في المجالات المختلفة، وإطلاق المشروعات الضخمة التي تواكب التقدم العالمي، وتتغلب على الظروف الاقتصادية الصعبة التي يواجهها العالم.
تاريخ بدء العلاقات بين مصر وروسيا
ويرجع تاريخ نشأة العلاقات الدبلوماسية بين مصر وروسيا إلى عام 1943، حين تعاونت المملكة المصرية مع الاتحاد السوفيتي، بينما يرجع تاريخ بدء التعاون الاقتصادي بين مصر ورسيا إلى عام 1948، حينما وقعت المملكة أول اتفاقية اقتصادية مع السوفييت.
العلاقات الاقتصادية القوية بين مصر وروسيا
وصلت ذروة التعاون بين مصر وروسيا في الخمسينات والستينات من القرن الماضي، في عهد الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، إذ ساعد الاتحاد السوفيتي مصر على إنشاء العديد من المشروعات الاقتصادية، يأتي في مقدمتها السد العالي في أسوان، ومجمع الحديد والصلب في حلوان، ومجمع الألومنيوم بنجع حمادي، ومد الخطوط الكهربائية من أسوان إل الإسكندرية.
ووصل عدد المشروعات الصناعية التي أنشأتها مصر بمساهمة الاتحاد السوفيتي إلى 97 مشروعًا.
مشروعات كبرى بين مصر وروسيا
1- السد العالي
يعتبر مشروع السد العالي أعظم مشروع في القرن العشرين، الذي تم بسواعد أبناء مصر وبمعاونة الاتحاد السوفيتي، والذي حمى أرض مصر من الغرق وقت فيضان النيل، وشعب مصر من العطش وقت انحسار مياهه، فضلًا عن الطاقة الكهربائية الضخمة التي تولدت بمساعدة توربيناته، مما ساهم في إطلاق مشروعات تنموية عديدة.
واتخذ الرئيس جمال عبدالناصر قرار بناء السد العالي في عام 1953، بتشكيل لجنة لوضع تصميم للمشروع، وتم وضع تصميم السد العالي في عام 1954 تحت إشراف المهندس موسى عرفة، والدكتور حسن زكي، بمساعدة عدد من الشركات السوفيتية وقتها.
ومنح الاتحاد السوفيتي مصر وقتها قرضًا بقيمة مليار دولار، بفائدة ضعيفة، وشطب ثلثه في وقت لاحق، لإكمال تنفيذ مشروع السد.
وأرسلت موسكو إلى مصر المهندسين والفنيين والخبراء في إنشاءات السدود، والحفارات الضخمة والمعدات، وأشرفت على المشروع الذي اكتمل في موعده.
2- محطة الضبعة النووية
وأعطت مصر وروسيا إشارة البدء في مشروع محطة الضبعة النووية في 11 ديسمبر 2017، على يد الرئيسان عبدالفتاح السيسي والروسي فلاديمير بوتين، بعد التوقيع على وثيقة إطلاق المشروع.
ويرجع تاريخ إنشاء محطة الضبعة النووية إلى 19 نوفمبر 2018، حين وقّعت الحكومتين المصرية والروسية اتفاقية تعاون تقضي بإنشاء موسكو أول محطة نووية تضم 4 مفاعلات لإنتاج الطاقة الكهربائية في منطقة الضبعة، ومثّل الجانب المصري هيئة المحطات النووية، ومثّل الجانب الروسي شركة روز أتوم الروسية العاملة في مجال بناء المحطات النووية،
وتشمل الاتفاقية النواحي الفنية المتعلقة بأحدث التكنولوجيات التي تشمل أعلى معايير الأمان النووي، كما يتضمن العرض الروسي أفضل الأسعار التمويلية الخاصة بأفضل تمويل وفترة سماح أو فائدة، ولا تضع الاتفاقية شروطا سياسية على مصر وبمقتضاها توفر روسيا حوالي 80% من المكون الأجنبي، وتوفّر مصر حوالي 20%، على أن تقوم مصر بسداد قيمة المحطة النووية بعد الانتهاء من إنشائها وتشغيلها، ومن المخطط اكتمال مشروع محطة الضبعة النووية في غضون 12 سنة.
وتضم المحطة النووية وفقًا للاتفاقية في المرحلة الأولى 4 وحدات، قدرة كل منها حوالي 1200 ميجاوات، بتكلفة حوالي 10 مليارات دولار، كما تم توقيع اتفاقية أخرى تحصل بموجبها مصر على قرض روسي لتمويل إنشاء هذه المحطة، ووقع البلدان اتفاقية ثالثة بين هيئة الرقابة النووية والإشعاعية في مصر والجهاز الفيدرالي للرقابة البيئية والتكنولوجية والنووية في روسيا، وقع اتفاقية إنشاء المحطة النووية في الضبعة وزير الكهرباء والمدير العام لهيئة الطاقة الذرية الروسية.
توريد 1300 عربة سكك حديدية
ووقعت مصر وروسيا في 25 سبتمبر 2018، أضخم صفقة في تاريخ السكك الحديدية المصرية، بتوريد وتصنيع 1300 عربة سكك حديدية جديدة للركاب، وذلك بين هيئة سكك حديد مصر والتحالف الروسي المجري الممثل في شركة ترانسماش هولدينج.
إنشاء ورشة لصيانة عربات القطارات الروسية
ووقعت مصر وروسيا عقد إنشاء ورشة لصيانة عربات القطارات الروسية بجميع أنواعها، بورش أبوزعبل للسكك الحديدية، بين الهيئة القومية لسكك حديد مصر وشركة ترانسماش هولدينج انترناشيونال أيه جي (TMH International AG).
ويهدف العقد إلى ما يلي:
- إنشاء ورشة جديدة بورش أبوزعبل بالتعاون مع شركة ترانسماش، التي ستقوم بإعداد التصميمات الخاصة بها.
- توريد شركة ترانسماش المعدات اللازمة للورشة الجديدة لتنفيذ أعمال الصيانة بها.
- توريد الشركة قطع الغيار لمدة 12 عامًا لكل عربة تبدأ من تاريخ تشغيل العربة.
- تقدم الشركة الدعم الفني لمدة 12 عامًا بواسطة 20 خبيرًا من شركة ترانسماش هولدينج.
- التدريب على العمرة الجسيمة التي تتم بعد تشغيل العربة بـ18 عامًا بهدف نقل الخبرة للعمالة المصرية بما يمكنهم من تنفيذ جميع أنواع العمرات والصيانات المطلوبة، وتصنيع بعض قطع الغيار محليًا بنسب تبدأ من 20% من قطع الغيار، وتصل إلى 60%، بهدف توطين صناعة قطع الغيار.
المنطقة الصناعية الروسية في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس
وتسعى روسيا لإقامة منطقة صناعية في قناة السويس، في ظل اهتمام القيادة السياسية في البلدين بتعزيز سبل التعاون الاقتصادي، وتوطين الصناعة، بينما تستهدف مصر أن تكون مركزًا للتصدير إلى أسواق العديد من الدول في مناطق جغرافية مختلفة.
وتمهد المنطقة الصناعية الروسية الطريق لتعاون مصري روسي قوي في الإنتاج والتصنيع المشترك.
انضمام مصر إلى بريكس
ويعتبر انضمام مصر إلى تجمع بريكس للاقتصادات الناشئة أحدث حلقات التعاون الاقتصادي بين مصر وروسيا، التي تعتبر عنصرًا أساسيًا في التكتل الاقتصادي، الذي يستهدف كسر هيمنة الدولار الأمريكي المستخدم في التعاملات الاقتصادية والتبادل التجاري بين الدول، وتوفير الدعم اللازم لإقامة المشروعات التنموية في البلدان ذات الاقتصادات الناشئة.
مميزات انضمام مصر لتجمع بريكس
- يعد انضمام مصر لتحالف بريكس تأكيدًا على متانة العلاقات الاقتصادية والسياسية الجيدة بين مصر ودول التكتل، وعلى مكانتها الاقتصادية والجيوسياسية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
- يساعد التقارب مع مجموعة بريكس في الترويج للإصلاحات التي شهدتها البيئة المصرية الاقتصادية والاستثمارية في السنوات الأخيرة، بالصورة التي ترفع من فرص مصر لجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية.
- يستهدف تكتل بريكس الاقتصادي تقليل التعاملات البينية بـ الدولار الأمريكي لتخفيف الضغط على النقد الأجنبي، الذي يمثل الدولار الحصة الكبرى منه، وهو ما يصب في صالح تحسين عدد من المؤشرات الاقتصادية المحلية".
- يمنح بنك التنمية التابع لتكتل بريكس فرصا لمصر للحصول على تمويلات ميسرة لمشروعاتها التنموية، بالإضافة إلى أن وجودها داخل التكتل يعني استفادتها من ثمار نجاح مستهدفاته التي تقترب من التحقق، فيما يخص خلق نظام عالمي يمنح مزيدًا من الثقل للدول النامية والناشئة.