عالم مصري يكتشف تقنية تساعد في «العودة من الشيخوخة»
خلصت دراسة حديثة أعدها عالم الجينوم المصري هيثم شعبان إلى رسم خريطة تقود لفهم آلية استعادة الخلايا الشائخة سيرتها الأولى، وذلك من خلال إعادة تنظيم الجينوم باستخدام تقنيات حديثة ابتكرها الباحث ذاته.
الدراسة نشرتها قبل ساعات المجلة الإنجليزية "Cell Death and Differentiation"، وهي إحدى مجلات مجموعة "Nature" العالمية.
وتكمن أهمية هذه الدراسة في أن هيئة التحرير للمجلة العلمية الناشرة هي من وجهت دعوة لشعبان لإعدادها باعتباره أحد المتخصصين المتميزين في مجال الجينوم.
سوزان جاسر من أهم علماء أوروبا شاركت شعبان في الدراسة
وشاركت في الدراسة كمؤلف ثان واحدة من أهم علماء سويسرا وأوروبا وهي الدكتورة سوزان جاسر، أستاذة الجينات والبيولوجيا الجزيئية مديرة مؤسسة المعهد السويسري لأبحاث السرطان التجريبية.
وركز البحث على ربط التغيرات في عملية تنظيم الجينوم المرتبطة بالخلايا الشائخة، لفهم مصير الخلايا في العديد من الأمراض المرتبطة بوجود هذه الخلايا الشائخة مثل السرطان والشيخوخة، وبالتالي إيجاد طريق لعلاجهما.
وتضمنت الدراسة أنه مع تقدم العمر تتراكم الخلايا الشائخة في أجسامنا. وتعتبر هذه الخلايا فريدة من نوعها، حيث أنها تتوقف في النهاية عن التكاثر ولكنها لا تموت، لذلك يطلق عليها "الخلايا الزومبي". وبدلاً من موتها، فإنها تبقى وتستمر في إطلاق المواد الكيميائية التي تؤدي إلى الالتهاب، وبدورها تساهم في تطور أمراض مثل الشيخوخة والأمراض المرتبطة بالعمر، بما في ذلك السرطان، والتنكس العصبي، وأمراض القلب والأوعية الدموية.
وينتج عن الشيخوخة الخلوية إعادة تشكيل واسع النطاق للتنظيم ثلاثي الأبعاد للجينوم، مما يجعل من فهم التغيرات في عملية التغيير في الجينوم وكيفية إعادة تنظيمه، أمرا بالغ الأهمية لفهم هذه الأمراض والتخلص منها، وعيش حياة الشباب لفترة أطول.
الخروج من الشيخوخة
وفي أول حديث صحفي حول هذه الدراسة، قال عالم الجينوم المصري هيثم شعبان، لموقع "سكاي نيوز عربية" إن: هذه الورقة البحثية تشرح التغييرات في عملية تنظيم الجينوم، وكيفية تكوين هياكل جينية جديدة ناتجة عن الدخول في الشيخوخة.
كان يُعتقد إلى وقت قريب أن الشيخوخة الخلوية هي حالة لا رجوع فيها إلي الحالة الطبيعية، إلى أن وجد فريق من علماء الوراثة أنه عند إضافة مزيج من أربع بروتينات نووية (مركبات كيميائية) التي تتفاعل مع المادة الوراثية للخلايا الشائخة، تعمل على إعادتها إلى حالتها الطبيعية والخروج من الشيخوخة.
هذا المزيج يعمل على إعادة تنظيم الجينوم واستعادته إلى الوضع ما قبل دخول الخلايا للشيخوخة.
وجد فريق آخر من العلماء أنه عند إيقاف عمل واحد من البروتينات المسؤولة عن عملية تغيير الجينوم الناتج عن الشيخوخة الخلوية، فإن ذلك يكفي لخروج الخلايا من الشيخوخة.
هنا نجد أن العامل المشترك في الاكتشافين هو عملية تنظيم الجينوم سواء عن طريق إعادة تنظيمه أو توقف تغيير تنظيمه، لكن كان من الصعب دراسة كيفية وآليات إعادة هذا التنظيم، لعدم توافر التقنيات التي تتيح مشاهدة الجينوم بأكمله بدقة متناهية الصغر.
أيضا كان من الصعب مشاهدة ودراسة عملية التغيير التنظيمي للجينوم الناتجة عن دخول الخلايا إلى حالة الشيخوخة الخلوية، مما أدى إلى عدم فهم الآليات الكامنة للدخول والخروج من الشيخوخة.
تقنيات ستجيب على أسئلة كثيرة
الدكتور هيثم شعبان، الذي يعمل حاليا مديرا لمشروع عن أبحاث السرطان بمركز أجورا بلوزان وكلية الطب بجامعة جنيف في سويسرا، كان قد تمكن حديثا من تطوير تقنيات تصوير الجينوم البشري في الخلايا الحية لدراسة التفاعلات الجينية والتغير في هياكل المادة الوراثية وحركته.
وحسب شعبان وما خلص إليه في دراسته الجديدة فإن "هذه التقنيات سوف تُجيب على أسئلة كثيرة متعلقة بإعادة تنظيم كامل للجينوم الحادث في الخلايا الشائخة التي لم تُدرس من قبل لعدم توفر هذه التقنيات سابقا".
حدد شعبان في بحثه الجديد، الدراسات اللازمة لفهم الآليات الكامنة في التغيير التنظيمي للجينوم الناتج عن عملية دخول الخلايا للشيخوخة، كما ركز على أهمية استخدام تكنولوجيا تصوير كامل للجينوم، وكيفية الاستفادة من التقنيات الحديثة لتوجيه الخلايا للخروج من الشيخوخة الخلوية.
وختم شعبان حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية" قائلا: "إن هذه الورقة البحثية تُمثل خريطة لكيفية الاستفادة من هذه التقنيات، ودمجها مع تقنيات أُخرى معتمدة على الذكاء الاصطناعي، ليس فقط في فهم آليات الدخول والخروج من الشيخوخة الخلوية، ولكن أيضا في تحديد مؤشرات حيوية معتمدة على بصمة التنظيم الجيني للكشف عن مراحل الشيخوخة المختلفة. وكذلك تحديد العلامات المبكرة لحالات الشيخوخة المختلفة للمساعدة في توجيه التشخيص السريري".