عيد ميلاد «قيثارة الغناء».. لماذا لقبت نجاة بـ«الصغيرة»؟
ولدت نجاة محمد كمال حسني البابا المعروفة بـ«نجاة الصغيرة» 11 أغسطس 1938؛ حيث يحل اليوم الجمعة، عيد ميلاد المغنية والممثلة نجاة الصغيرة.
وتعد نجاة الصغيرة من أشهر رموز الطرب والغناء في «العصر الذهبي» للخمسينات والستينات من القرن العشرين، واعتزلت الغناء عام 2002. ثم عادت مرة أخرى للغناء في بدايات عام 2017.
ولدت نجاة الصغيرة في القاهرة، حيث أنجبها والدها محمد كمال حسني، الذي كان يعمل خطاطًا من زوجته الأولى الدمشقية، وأختها لأبيها غير الشقيقة هي الفنانة سعاد حسني من زوجة مصرية؛ حيث هاجر والدهما إلى مصر في شبابه.
وذكرت الفنانة نجاة الصغيرة في حديث متلفز مع المذيعة سلوى حجازي، أن لها ثمانية أشقاء وشقيقات. حيث عدّوا إخوة سعاد حسني من أمها إخوة لنجاة فقالوا أن لنجاة 17 عشرا أخا وأختا
كان بيت والدها معروفا باسم «بيت الفنانين»؛ فابنه عز الدين حسني (1927 - 2013)، هو ملحن موسيقي، وقد درس شقيقته نجاة الموسيقى والغناء، وابنه الآخر سامي حسني يعزف على آلة التشيلو، وهو كذلك مصمم مجوهرات وخطاط، والفنانة الشهيرة سعاد حسني.
بداية مسيرة نجاة الصغيرة الفنية
بدأت نجاة الصغيرة حياتها الفنية بالغناء في التجمعات العائلية وهي في الخامسة من عمرها. وقدمت أول فيلم لها وهي في سن الثامنة بعنوان «هدية» الذي صدر عام 1947.
وكتب عنها الكاتب الصحفي المصري فكري أباظة في بداية ظهورها: «إنها الصغيرة التي تحتاج إلى رعاية حتى يشتد عودها، وفي حاجة إلى عناية حتى تكبر، وهي محافظة على موهبتها، مبقية على نضارتها»؛ ما كان سببًا في شهرة الفنانة نجاة بالصغيرة.
احتراف نجاة الصغيرة الفن
عندما بلغت نجاة الصغيرة سن التاسعة عشرة، كلف والدها شقيقها الأكبر «عز الدين» بتدريبها على حفظ أغاني أم كلثوم لتقوم بأدائها فيما بعد في حفلات الفرقة.
ووصلت نجاة الصغيرة إلى درجة من الإتقان، مكنتها من تقليد أم كلثوم، وبهذا بدأت مرحلة جديدة في
مشوار نجاة الصغيرة الفني
كتب لها الشاعر مأمون الشناوي أغنية «أوصفولي الحب» من تلحين محمود الشريف، وكانت هذه الأغنية بدايتها الفنية الحقيقية، وبدأ منذ ذلك الوقت يمتلئ محيط نجاة الصغيرة بالمثقفين أمثال محمد التابعي، مأمون الشناوي، كامل الشناوي، فكري أباظة، محمود الشريف، وكونت نجاة من هذه النخبة بذلك هيئة مستشارين من الأصدقاء الذين يقدمون لها النصيحة، وينيرون الطريق أمامها.
وتمتعت نجاة الصغيرة بموهبة كبيرة ومميزة، وإلى جانب ذلك عرفت نجاة الصغيرة بدقتها الشديدة جدا في العمل، وحرصها الشديد وكان لهذه الدقة والحرص الكبيرين دور كبير في الحفاظ المستمر.
نجاة الصغيرة ومحمد عبدالوهاب
لحن «كل دا كان ليه» كان بداية التعاون بين نجاة الصغيرة والموسيقار محمد عبدالوهاب؛ لتتوالى بعده أعمالها الفنية؛ حيث غنت أيضا للملحنين؛ سيد مكاوي، وحلمي بكر، وبليغ حمدي، وكمال الطويل وهو أفضل الموسيقيين الذين استوعبوا صوتها، وكذلك الموسيقار محمد الموجي وهاني شنودة.
واعتمدت نجاة الصغيرة في السنوات العشر الأولى من مسيرتها الغنائية تقلد نجاة المطربين الآخرين؛ خاصة أم كلثوم.
وفي عام 1946 كتب الكاتب الصحفي الشهير فكري أباظة في مجلة المصور تقريرا بعنوان (مطربة يجب أن تستولي عليها الحكومة) طالب فيه الدولة بدعم موهبة نجاة الصغيرة؛ إلا أن عائلتها ردت على ذلك بقولها عن تلك الفترة إنها كانت بمثابة «تدريب» لصوتها.
وفي عام 1949، قدم الملحن محمد عبدالوهاب (1902-1991) بالفعل شكوى رسمية في مركز شرطة ضد والد نجاة، ادعى في شكواه أن هذا التدريب هو عرقلة للعملية الطبيعية لتنمية صوتها، وأنها ينبغي أن تترك وحدها لتتطور بشكل طبيعي دون تلك التدريبات.
كان أداء نجاة على المسرح دائما موفقا؛ فقال عنها الملحن كمال الطويل -وهو أحد الذين تعاونوا معها كثيرا- في مقابلة تليفزيونية إن نجاة الصغيرة كانت الأفضل أداء على مستوى العالم العربي. وبالنسبة إلى الجمهور فهم يضعونها في المركز الأول عربيا.
وكان الموسيقار محمد عبدالوهاب -وهو أبرز ملحن عربي في القرن العشرين- يرى أن أعماله وألحانه كانت أكثر أمانا مع نجاة. ووصفها بأنها «صاحبة السكون الصاخب»!
ويقول نزار قباني وهو أحد أشهر الشعراء المعاصرين: «إنه عندما ينشر ديوانا شعريا فإنه يأمل في الحصول على نحو 15 ألف قارئ على أحسن تقدير، لكن عندما تغني نجاة إحدى قصائده فإنها تجتذب الملايين في العالم العربي.
تركت نجاة تقليد المطربين الآخرين عندما غنت أول أغنية خاصة بها في عام 1955 عن عمر يناهز 16 عاما.
لتحافظ على جمهورها لفترة أطول على خشبة المسرح تحول انتباه نجاة إلى شعراء مثل نزار قباني. صاحب الأنماط الشعرية الكلاسيكية التي تجمع بين البساطة والأناقة في استكشاف مواضيع الحب والأمور النسوية. تغنت نجاة بأربع من قصائده على الأقل والتي كانت تلحن من قبل عبد الوهاب. كانت هذه الأغاني طويلة المدة ناجحة للغاية وزادت من شعبيتها على وجه السرعة حتى اقتربت من شعبية أم كلثوم. وكان نجاحها مع الأغنيات الطويلة هائلا. وكان تدريبها دقيق، فكانت تخضع لبروفات مطولة في استوديوهات التسجيل مما جعل أداءها الدؤوب على المسرح مميزا. في المجموع، سجلت نجاة الصغيرة أكثر من 200 أغنية 53 من أفضلها متاحة على موقع أبل «اي تيونز».
كان هذا النجاح رافدا لنجاة في السنوات اللاحقة، في الفترة التي كان يواجهها صعوبة في العثور على قصائد جديدة وما يقابلها من الألحان الموسيقية. وللتغلب على هذا النقص في القصائد والألحان، اضطرت نجاة إلى الاعتماد على قدراتها الخاصة في الأداء. على سبيل المثال: في عام 1976، يوم كانت في سن 37 عاما، قدمت العديد من الأغاني في فيلمها الأخير ” جفت الدموع “. وكانت إحدى هذه الأغاني أغنية “متى؟”، وهي من قصيدة كتبها نزار قباني ومن ألحان محمد عبد الوهاب. وكانت مدة هذه الأغنية في الفيلم أقل من عشر دقائق. لكن بعد نجاح الأغنية، وفي السنوات التي تلت ذلك الفيلم، غنت نجاة هذه الأغنية عدة مرات على خشبة المسرح. وكانت آخر مرة في عام 2002 (قبل الاعتزال). وفي واحدة من الحفلات التي قدمتها نجاة في الثمانينات، عندما كانت في الأربعينات من عمرها، أدت نجاة أغنية (متى؟) على المسرح بأداء استمر لما يقرب من ساعة! في هذا الأداء، مددت هذه الأغنية (نفس الأغنية التي ظهرت في الفيلم) من 10 دقائق إلى حوالي ساعة كاملة على المسرح. ويعتبر الكثيرون أن هذا الأداء كان ناجحا للغاية، وقد تم تسجيل هذه الحفلة تلفزيونيا ويمكن العثور عليها بسهولة على يوتيوب.
أعمال نجاة الصغيرة الفنية
حفل مشوار نجاة الصغيرة الفني بـ 13 فيلما سينمائيا على مدى 30 عاما؛ اعتزلت تصوير الأفلام عام 1976 عن عمر يناهز 37 عاما، وكل أفلامها تقريبا تحتوي على أغاني لها، وأشهر وأبرز هذه الأفلام هي تلك الأفلام التي قامت فيها بدور البطولة؛ وبعد اعتزالها من أفلام السينما استمرت نجاة الصغيرة لأكثر من ثلاثة عقود لاحقة قدمت فيها حفلات غنائية عديدة وبعدها اعتزلت من المسرح أيضا.
وتؤكد نجاة بنفسها في تلك المقابلة التي أجرتها مع التلفزيون المصري عام 1964، سعيها دائما لتحري جودة الكلمات التي تغنيها. وكانت حذرة للغاية ودقيقة في اختيارها للكلمات.
حياة نجاة الصغيرة الخاصة
تزوجت نجاة مرتين. كان زواجها الأول في سن مبكرة، تحديدًا في عام 1955، عندما كانت بعمر 16 (أو 17) سنة، من كمال منسي الذي كان صديقًا لشقيقها، ثم انفصلت عنه حوالي عام 1960. ومن ثم تزوجت مرة أخرى في عام 1967 من زوجها الثاني، المخرج حسام الدين مصطفى (1926-2000)، إلا أنّها انفصلت عنه بعد مدة قصيرة، ولم تتزوّج منذ ذلك الحين، وكرست حياتها لتربية طفلها الوحيد «وليد» من زواجها الأول، وإلى التفرغ لعملها.
عودة نجاة الصغيرة إلى الغناء بعد الاعتزال
في بداية عام 2017، قررت نجاة الصغيرة العودة إلى الساحة الفنية من خلال أغنية «كل الكلام»؛ من كلمات عبد الرحمن الأبنودي، وألحان طلال، وتوزيع يحيى الموجي. وقد استغرق تنفيذ العمل سنة كاملة. وقد تم تصوير الأغنية فيديو كليب من إخراج هاني لاشين.