الجمود السياسي الأمريكي يهدد هيمنة الدولار مع تراجعه جزئيًا
يتجاهل المستثمرون الذين يراهنون على استمرار هيمنة الدولار في السنوات القادمة مخاطر ازدياد عدم الاستقرار السياسي في الولايات المتحدة وتصاعد التوترات مع الصين.
هذه هي وجهة نظر الاستراتيجيين في "جيه بي مورجان" الذين يرون بأن الأسواق لا تعكس بالكامل خطر حدوث تراجع "سريع وملحوظ" في قيمة الدولار كعملة مفضلة للاحتياطيات العالمية والتجارة - وهي عملية تعرف باسم "التخلي عن الدولار"- في ضوء ارتفاع قيمة الدولار حالياً لمستويات تاريخية.
قال الاستراتيجيون بمن فيهم جان لويز وجويس تشانج: "إذا تصاعدت التوترات بين الولايات المتحدة والصين وشهدنا انقسامات عالمية أكثر، يُرجح أن يؤدي ذلك إلى انحسار العولمة في التجارة والتمويل، كما يمكن أن يؤدي ذلك إلى التخلص من الدولار في مجال التمويل".
مخاطر محتملة
من بين العوامل الرئيسية الأخرى التي قد تهدد هيمنة الدولار على المدى الطويل هو الجمود السياسي في الولايات المتحدة الذي يمكن أن يعرقل جهود إدارة الدين الوطني، "ما يمنع الحكومة من تحقيق الاستقرار في الاقتصاد خلال أي أزمة بسبب القيود المالية"، وفقاً لما كتبه الاستراتيجيون في تقرير صدر يوم الثلاثاء.
في وقت سابق من العام الجاري، هددت سياسة حافة الهاوية أكبر اقتصاد في العالم عندما تناحر السياسيون حول حدود سقف الديون قبل التوصل إلى حل في اللحظة الأخيرة، وهذه الظاهرة قد تصبح أكثر شيوعاً في بلد يزداد انقسامه.
حدد الاستراتيجيون سيناريو خطر آخر محتمل وهو تصاعد المنافسة بين الولايات المتحدة والصين، وتوقعوا أن تتحول إلى "حرب باردة ثانية"، مضيفين: "ستهدد قائمة من الإصلاحات الاقتصادية داخل الصين –بدءاً من تخفيف قيود رأس المال إلى تعزيز سيولة السوق- سيادة الدولار".
وفقاً لبنك "جيه بي مورجان"، سيكون تأثير التخلي عن الدولار والصدمات على استقراره ملموساً على نطاق واسع عبر فئات الأصول إذ ستتراجع قيمة العملة الخضراء ومضاعفات الأسهم فيما ستصعد عائدات السندات.
في الوقت نفسه، تم تداول العملة الأمريكية قرب أعلى مستوياتها التاريخية المعدلة وفق التضخم خلال شهر مايو، وفقاً لأحدث البيانات الصادرة عن بنك التسويات الدولية، والجدير بالذكر أن البيانات لا تشمل عمليات البيع الحادة للدولار في يوليو، والتي شهدت تراجع مؤشر بلومبرج للدولار بنسبة 2% تقريباً الأسبوع الماضي إلى أدنى مستوياته المسجلة في أبريل 2022.
تخلي جزئي عن الدولار
يرى الاستراتيجيون أن احتمال استبدال الدولار تماماً كعملة احتياطية رئيسية خلال السنوات الـ10 المقبلة منخفض للغاية، ويزعمون أن "التخلي الجزئي عن الدولار" هو الأكثر احتمالاً، مع استحواذ الصين -باعتبارها أكبر دولة منافسة للولايات المتحدة والدولار في الاقتصاد العالمي- على دور أكبر بين الدول غير المنحازة للولايات المتحدة.
ثورة دول "بريكس" على الدولار لا طائل منها
في حين لا يزال الدولار العملة الاحتياطية المهيمنة، تراجعت حصة الدولار من الاحتياطيات الدولية من 73% في عام 2001 إلى 58% في عام 2022، وفق بيانات صندوق النقد الدولي، ومع ذلك، عوضت مخصصات الدولار في محافظ صناديق الثروة السيادية هذا التراجع.
بالنسبة إلى المستثمرين القلقين بشأن فقدان الدولار لقوته بالإضافة إلى تناقص الترابط عبر الدول، يوصي "جيه بي مورجان" بتقليل وزن الدولار والأسهم والسندات الأمريكية خاصة طويلة الأجل في محافظهم الاستثمارية، كما أوصى البنك بالمراهنة على أسهم القيمة الأمريكية، والتي تميل إلى "التفوق على أسهم النمو في بيئة العائد الحقيقي المرتفع".