رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

أردوغان يستهل حقبة جديدة من العلاقة التركية - الخليجية عبر بوابة السعودية

نشر
الرئيس التركي أردوغان
الرئيس التركي أردوغان وولي العهد السعودي محمد بن سلمان

يباشر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ، اليوم الإثنين، جولة إلى دول الخليج العربي يستهلها بزيارة المملكة العربية السعودية، التي وصفها بأنها "من أهم دول المنطقة ونريد تطوير العلاقات الاقتصادية معها".

أردوغان استبق زيارته إلى المنطقة بتصريحات صحفية أكد فيها أن ثمة تعهدات من دول خليجية بضخ استثمارات كبيرة في بلاده، قائلاً: "سأجري جولة في السعودية وقطر والإمارات رغبةً في تعزيز كافة العلاقات بشكل أكبر"، بما يؤشر إلى انتقال العلاقات بين الجانبين إلى حقبة جديدة من التطبيع إلى توثيق التعاون.

تستهدف الحكومة التركية جذب استثمارات بقيمة 25 مليار دولار من دول الخليج الغنية بالنفط والغاز عبر قنوات عدّة، من ضمنها الاستحواذ على حصص بشركات حكومية سيتم خصخصتها، كما أفصح مسؤولون أتراك لوكالة بلومبرج مطلع الشهر الحالي، بعد أن جفت الموارد المالية من معظم الدول الغربية إلى حدٍّ كبير خلال السنوات الأخيرة، نتيجة السياسة الاقتصادية غير التقليدية التي انتهجها أردوغان، ومواقفه السياسية غير المتوائمة مع الأميركيين والأوروبيين تجاه الأزمة الروسية الأوكرانية.


تتوقّع حكومة أنقرة أن يبلغ عجز الموازنة للعام الحالي 659 مليار ليرة (25.3 مليار دولار)، وفقاً لبيان صادر عن وزارة الخزانة.

تقرير بلومبرج أشار إلى أنه "في ظل نفور العديد من المستثمرين الغربيين نتيجة سياسة أردوغان النقدية غير التقليدية، والمتمثلة بالإبقاء على انخفاض أسعار الفائدة على حساب التضخم، برزت الدول الخليجية كمنافسة لسد فجوة الاستثمار، ما دفع الرئيس التركي للحرص على تعزيز العلاقات، والنتيجة هي توفير السعودية والإمارات وقطر سيولة أجنبية -تشتد حاجة البلاد إليها- عبر ودائع مباشرة بمليارات الدولارات بالبنك المركزي التركي"، من ضمنها إيداع الرياض 5 مليارات دولار لدى أنقرة في مارس.

طموحات استثمارية.. ومعوّقات إصلاحية


نائب الرئيس التركي جودت يلماز أكد في تصريح تلفزيوني، البارحة الأحد، ونقلته وكالة الأناضول، أن بلاده ستحقق "مكاسب استثمارية مهمة ونتائج ملموسة" خلال زيارة أردوغان لدول خليجية. متحدثاً عن وجود فرص تعاون بين الجانبين في العديد من المجالات، بدءاً من الطاقة والصناعات الدفاعية وصولاً إلى السياحة ومشاريع البنى التحتية. متابعاً: "سنجني ثمارها (الزيارة) خلال الفترة المقبلة.. يمكنني القول بأريحية إنه سيكون هناك المزيد من تدفق رأس المال إلى تركيا، قسم منها سيتحقق فورياً وقسم آخر سيكون خلال مدة معينة.. لكن يمكنني القول إن تدفق رأس المال سيكون كبيراً".

يلماز شدّد على أن المحادثات بين تركيا ودول الخليج "لا تدور حول الأموال الساخنة، وإنما تستهدف تأمين رؤوس أموال، أو تمويل طويل الأجل يشبه رؤوس الأموال".

لكن تدفق الأموال الخليجية إلى إسطنبول -العاصمة الاقتصادية والمالية لتركيا ووجهة العرب الاستثمارية الأولى- لن يكون "شيكاً على بياض"، فقد تصر دول الخليج على إصلاحات اقتصادية أعمق من قِبل أنقرة، أسوةً بالشقيقة العربية مصر التي تسعى لجمع مليارات الدولارات من الدول عينها عبر خصخصة شركات حكومية.

كان وزير المالية السعودي محمد الجدعان أكد في أكثر من مناسبة على تحوّل منهجية تقديم المملكة المساعدات المالية للدول، إذ باتت تشترط تعهد حكوماتها بتنفيذ إصلاحات اقتصادية مقابل تقديم المساعدات.

 

كذلك؛ "قد تؤدي المخاوف حيال الإجراءات الضريبية الجديدة المزمع فرضها على الشركات من قِبل الحكومة التركية إلى تردد المستثمرين الأجانب"، كما صرح سردار بازي، مدير مجموعة البحث بشركة "غلوبال سكيوريتيز" (Gobal Securities) في إسطنبول، بمقابلة مع بلومبرغ.

يقترح مشروع قانون قدّمه حزب العدالة والتنمية الحاكم زيادة في ضريبة الشركات من 20% إلى 25%، كما ستُرفع الضريبة على البنوك وشركات التأمين، والوساطة، والمعاشات، والمدفوعات الإلكترونية من 25% إلى 30%، وفقاً لمسودة القانون.

قاطرة القطاع الخاص


في مؤشرٍ على دور القطاع الخاص المحوري بنقل العلاقات التركية-الخليجية إلى مرحلة جديدة، أفصح رئيس مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركي نائل أولباك، بمقابلة مع وكالة الأناضول، أن أكثر من 200 رجل أعمال سيرافقون الرئيس أردوغان في جولته إلى المنطقة. متوقعاً أن يتم التفاوض على اتفاقيات بمليارات الدولارات في قطاعات مثل المقاولات، والإسكان، والتقنيات الرقمية، والطاقة، والسياحة، والصحة، والغذاء، والزراعة، والنقل، والتمويل. كما أعرب عن رغبة لدى رجال الأعمال الأتراك في التعاون مع نظرائهم الخليجيين للقيام باستثمارات متبادلة وفي بلدان ثالثة، خاصة أفريقيا.

أولباك أضاف: "نعلم بوجود مشاريع كبيرة بمجالات المقاولات والبنية التحتية في دول الخليج.. على سبيل المثال، يبلغ إجمالي مشاريع "رؤية المملكة 2030" أكثر من 3 تريليونات دولار".

بلومبرغ نقلت، مطلع شهر يونيو الماضي، عن رئيس اتحاد المقاولين الأتراك إردال إرين قوله إن عملاقة النفط السعودية أرامكو ترغب برؤية "أكبر عدد ممكن من المقاولين الأتراك في مشروعاتها، إذ إنهم يخططون لمصفاة وخطوط أنابيب، ومبانٍ إدارية، وإنشاءات بنية تحتية أخرى بقيمة استثمارات تصل إلى 50 مليار دولار".

وفق بيانات صدرت بمناسبة انعقاد منتدى الاستثمار السعودي التركي مساء اليوم الإثنين في جدة، نجحت المملكة في استقطاب 390 شركة تركية بإجمالي استثمارات ناهزت 270 مليار دولار، توزّعت على قطاعات الإنشاءات والصناعة التحويلية وتجارة الجملة والتجزئة والمطاعم. فيما يبلغ عدد الشركات ذات رأس المال السعودي المستثمرة في تركيا 1140 شركة في قطاعات متنوعة.

وشهد ملتقى الأعمال التركي السعودي، الذي عُقد الأسبوع الماضي في إسطنبول، توقيع 16 اتفاقية تعاون بقيمة إجمالية تفوق 600 مليون دولار، واستحوذت مجالات التطوير العقاري والإنشاءات والاستشارات الهندسية على حصة الأسد من هذه الاستثمارات.

وزير التجارة السعودي ماجد القصبي قدّر الاستثمارات السعودية في تركيا بنحو 18 مليار دولار، متوقعاً أن تزداد بمقدار 3 إلى 5 مليارات دولار كاستثمارات جديدة خلال الفترة المقبلة، كما أورد في حديثٍ سابق لقناة TRT التركية.

الميزان التجاري يميل إلى أنقرة


خلال السنوات الثلاث الماضية، بلغت قيمة صادرات المملكة إلى تركيا نحو 9.9 مليار دولار، وكانت أهم السلع المُصدّرة اللدائن ومصنوعاتها، ومنتجات كيماوية عضوية، ورصاص ومصنوعاته ومطاط ومصنوعاته. في حين بلغت قيمة واردات السعودية من تركيا، خلال الفترة عينها، نحو 5.7 مليار دولار، وكانت أهم السلع المستوردة السجاد والأرضيات، والتبغ، والأجهزة والمعدات الكهربائية وأجزائها، والآلات، والأثاث، والمباني المصنعة.


قبل أيام، أفاد وزير التجارة التركي عمر بولاط بأن حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ 6.5 مليار دولار في 2022، ووصل خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي إلى 3.4 مليار دولار، معلناً عن هدف لرفعه إلى 10 مليارات دولار على المدى القصير و30 ملياراً على المدى الطويل. ويميل الميزان التجاري حالياً لصالح الرياض على حساب أنقرة بمعدل 5 إلى 1 تقريباً.