ذكرى موقعة كمين البرث.. ملحمة الثبات والتضحية بقيادة العقيد أحمد منسي
كانت موقعة كمين البرث خير شاهد على تضحيات 26 بطلا من أبناء القوات المسلحة في سبيل الله والوطن، وعلى رأسهم العقيد أركان حرب أحمد منسي الذي صنع ملحمة الفخر في سجلات النور.
وتحل اليوم الذكرى السادسة لـ موقعة كمين البرث الذي أثبت تفوق الإرادة المصرية في وجه الإرهابيين، وثباتهم في المواجهة رغم كل ما يحيط بهم من أخطار، وصمودهم أمام النيران في واحدة من أشرس المعارك.
بداية المعركة
بدأت موقعة كمين البرث في تمام الساعة الرابعة فجرًا في مثل هذا اليوم من شهر يوليو 2017، بظهور سيارة مفخخة عن بعد، تم تدريعها مسبقًا من العناصر الإرهابية، وتزويدها بمواد تفجير شديدة الانفجار، واقتربت من الكمين.
«حرس سلاااااح».. تلك كانت صيحة الحراسة استعدادا للتعامل مع هدف مجهول ومحتمل خطورته، ليبدأ إطلاق النيران من القوات على السيارة لتنفجر قرب الكمين، وتظهر بعدها عربيات الدفع الرباعي للعناصر الإرهابية لمحاوطة الكمين.
أبطال حتى النهاية
أبلغ المقدم – وقتها - أحمد منسى، قيادة الجيش بشأن الهجوم عبر "اللاسلكي"، حتى يتم المتابعة بين الكمين والقيادة، وخروج الطيران، في الوقت الذي قام فيه بتوجيه جنوده بالقيام بما تعلموه خلال التدريبات في الفترة الماضية، فكان الضابط "محمد صلاح" يبلغ المدفعية بإحداثيات الموقع الذى يتواجد فيه الإرهابيين لاستهدافهم.
بينما كان الشهيد فراج يتعامل في موقعة كمين البرث مع الأهداف، من فوق سيارته المدرعة، ولكن رصاصات الغدر أصابته في بداية المعركة واستشهد، ومعه الضابط حسنين وعدد من الجنود.
شجاعة شبراوي
بكل شراسة تعامل أبطال جيشنا في موقعة كمين البرث ضد العناصر الإرهابية، ومنهم الرائد الشهيد أحمد عمر شبراوي، مواليد محافظة الشرقية، والذي تخرج فى الكلية الحربية الدفعة 101.
وبسالة الرائد أحمد شبراوي، أجبرت الإرهابي الذى يهاجم الكمين أن يهتف من الرعب "إيش هذا؟!"، مستغربًا من قوة الإطلاق النيران رغم ما يملكونه من سلاح، وما قاموا به من عملية التفجير للسيارة المفخخة.
60 وساما على صدر الشهيد علي علي
الشهيد علي علي، أحد أبطال الكتيبة 103 صاعقة، اشتبك مع العناصر الإرهابية فى بداية المعركة، استشهد بـ 60 رصاصة في صدره، أما الشهيد محمد محمود محسن والملقب بـ"الهرم" ابن محافظة الدقهلية، قد التحق بالقوات المسلحة عام 2015، وتم اختياره بسلاح الصاعقة وانضم للكتيبة 103 صاعقة بمنطقة جنوب رفح مع المقدم أحمد المنسي.
وقف الهرم فى الدور الثاني من الكمين حتى أنه من قوته وزملاءه ظن الإرهابيون أن هناك كتيبة بأكملها تحمي الدور الثاني، فزادوا في هجومهم عليه حتى استشهد هو وزملاءه.
استشهاد القائد أحمد منسي
ظل الشهيد أحمد منسي يصطاد العناصر الإرهابية من أعلى سطح المبنى المحاصر حتى استشهد برصاص أحدهم.، واستمر التعامل مع العناصر الإرهابية، حتى ظهرت القوات الجوية المصرية، في سماء المعركة، لتستهدف عدد من العناصر الإرهابية، قبل أن يلوذ بعضهم بالفرار، تاركين ورائهم جثث زملائهم، في حين لم تستطيع عناصر داعش حمل جثة واحدة لأبطال الكمين، حيث كانت أوامر "منسي" قبل استشهاده، أن يحافظ كلًا منهم على زميله، ولا يترك جثته للتمثيل بها من العناصر التكفيرية.
شهادات الأبطال
ويقول الضابط محمد طلعت السباعي، أحد رجال الشهيد أحمد منسي: إن السيارة المفخخة التي استهدفت الكمين كانت محصنة، وعقب انفجارها، كانت الموجة الانفجارية شديدة للغاية لدرجة أنه "طار للسقف"، مشيرًا إلى أنه فور سقوطه على الأرض لم يكن يشعر بنفسه، إلا أن الواجب جعله ورجال "منسي" يقفون على أرجلهم بعد 5 ثواني فقط، ليستخدموا السلاح.
وتابع السباعي: تعاهدنا في هذا الوقت على الوقوف، والدفاع عن الأرض، لأخر طلقة، ولأخر نفس فينا، وهنا صعد الشهيد منسي بسلاحه على السطح، وفعلنا القنابل كلها، لمنع صعود الإرهابيين إلى السطح، والمبنى لتصوير جثامين الشهداء، ورفع علم التنظيم الإرهابي على الكمين، حتى أصبح لديهم 3 قنابل فقط، ليتم استخدامها بحكمة.
وقال إنه أصيب في يده وكتفه خلال هذا الهجوم الإرهابي، وأنه كان يخاطب الشهيد خالد مغربي، المعروف بـ"دبابة"، لدى قدومه بصحبة قوات الدعم، وأنه خلال حديثه معه على "اللاسلكي" سمع صوت الانفجار في سيارته المُدرعة، ليتم استشهاده.
ويحكي الجندي البطل أحمد عزت، أحد جنود أحمد منسي، إن القائد دربهم على أخذ أوضاع قتالية فور سماع كلمة "حرس سلاح"، والتي تعني استهداف الكمين المتواجدين به، لافتًا إلى أن سلاحهم كان متواجد "تحت المخدة"، وأن كل فرد منهم "كان عارف مكانه فين، وهيعمل ايه بالظبط مع أي هجوم".
وأضاف: الانفجار حصل من الناحية الغربية، والموضوع كان صعب لأن البيت الذي كان يتواجد به الكمين (اتهد علينا)، وتم إخلائي من تحت الأنقاض، لنواصل القتال".
ويؤكد الجندي البطل أحمد عزت، على أن الإرهابيين كانوا يريدون الصعود لأعلى الكمين، ورفع علم التنظيم الإرهابي عليه، قائلاً: "كانوا بينادوا على بعض بالأسماء الحركية، ويقولوا عايزين نخلص على الأحياء، ونطلع نرفع العلم فوق الكمين".
ويقول الجندي البطل خالد علي موسي أبو حمدون، إنهم كانوا يسمعون التكفيرين على الأجهزة التي كانت بصحبتهم وهما يقولون: "هنجيب المنسي".
وتابع: "كانوا عايزين المقدم منسي حي أو ميت.. وإحنا مخلناش حد يطلع فوق".
ويضيف "أبو حمدون"، أن الإرهابيين كانوا يريدون أخذ السلاح، وتصوير الكمين، والشهداء، وأن يرفعوا العلم، مضيفًا: "وبفضل الله معرفوش يحققوا اللي عايزينه".