أسواق النفط تترقب تأثيرات محتملة لخفض الإنتاج
تترقب أسواق النفط التأثيرات المحتملة لدخول الخفض الطوعي الإضافي، الذي أعلنته المملكة العربية السعودية في يونيو الماضي ودخل حيز التنفيذ في الأول من يوليو الجاري، بواقع مليون برميل يومياً، الذي تزامن مع تهديدات بوقف صادرات ليبيا من الخام بسبب نزاعات سياسية داخلية.
عانت أسعار النفط في النصف الأول من العام الجاري من التأثيرات السلبية لكبوة نمو الاقتصاد العالمي، بسبب التشديد النقدي الذي انتهجته البنوك المركزية الكبرى في الغرب لكبح معدلات التضخم المتفاقمة.
تسبب غياب حالة اليقين في توجه دول رئيسية بتحالف "أوبك+" لخفض طوعي للإنتاج بواقع 1.6 مليون برميل يومياً في شهري مارس ومايو تتضمن 500 ألف برميل لكل من روسيا والسعودية.
وفي ظل قتامة التوقُّعات الاقتصادية للعام الجاري؛ قدّمت المملكة العربية السعودية خفضاً طوعياً إضافياً لمدة شهر يمتد حتى نهاية يوليو الجاري، ليصل إجمالي الخفض الطوعي السعودي إلى 1.5 مليون برميل يومياً، كما أعلنت في الرابع من يونيو الماضي أنَّ الخفض الإضافي قد يمتد لأكثر من شهر.
قال الأمير عبد العزيز بن سلمان، وزير الطاقة السعودي، في حينه، إنَّ الخفض الطوعي من قِبل بلاده في يوليو سيكون "رقماً حقيقياً"، واصفاً إياه بـ"الهدية" لتحقيق استقرار السوق، مشدداً على أنَّ قرارات "أوبك+" لا تستهدف نطاقاً سعرياً محدداً.
تهديدات من ليبيا
تزامن دخول الخفض الطوعي السعودي حيز التنفيذ مع تصاعد تهديدات رئيس الحكومة الليبية المُكلف من مجلس النوّاب أسامة حماد، بأنَّ حكومته سترفع الراية الحمراء، وتمنع تدفق النفط والغاز ووقف تصديرهما، وذلك باللجوء للقضاء لاستصدار أمر بإعلان القوة القاهرة مع اتخاذ الإجراءات اللازمة لتعيين حارس قضائي على إيرادات النفط الليبي المحجوزة إدارياً والبالغة أكثر من 130 مليار دينار (27 مليار دولار)، لمنع العبث بها من حكومة الوحدة الوطنية.
ويوم الجمعة، دعا المبعوث الأمريكي إلى ليبيا ريتشارد نورلاند، الجهات السياسية في البلاد إلى تجنّب إغلاق المنشآت النفطية، وقال إنَّ ذلك سيكون مدمّراً للاقتصاد، ويضر جميع الليبيين، وهو ما رد عليه حماد في سلسلة تغريدات يوم أمس السبت معتبراً إياه تدخلاً في الشؤون الليبية.
يبلغ إنتاج ليبيا من النفط حالياً 1.2 مليون برميل يومياً، وتستهدف زيادته إلى 1.3 مليون برميل يومياً بنهاية العام الجاري.
خسائر فصلية متتالية
سجل خام برنت أطول سلسلة خسائر فصلية منذ ما يزيد على ثلاثة عقود وسط وفرة في المعروض، واستمرار القلق حول معدلات الطلب.
استقرت أسعار خام برنت دون مستوى 75 دولاراً للبرميل يوم الجمعة، في رابع انخفاض فصلي لها على التوالي، بينما سجل خام غرب تكساس الوسيط أول تدهور فصلي متتالٍ في أسعاره منذ عام 2019.
توقُّعات الأداء للنصف الثاني من العام مختلطة، إذ يتوقع بعض المحللين نقصاً في معروض الخام بالأسواق، وأرجعوا ذلك جزئياً إلى انتهاء أعمال الصيانة الموسمية، لكنَّ رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي جيروم باول وبعض أقرانه أعلنوا عن احتمال زيادة جديدة في أسعار الفائدة، مما قد يؤثر سلباً على مستوى استهلاك الطاقة.
وفي أخر تقارير توقُّعات الأسعار؛ خفّض بنك (HSBC) توقعاته لأسعار النفط، منضماً بذلك إلى مجموعة من المؤسسات الكبرى في "وول ستريت"، التي قلصت هي الأخرى توقُّعاتها لأسعار الخام في ارتداد عن نظرتها التفاؤلية الأولى.
كتب محللو البنك، بمن فيهم أجاي بارمار، في مذكرة يوم الجمعة، أنَّ متوسط سعر خام برنت قد يصل إلى 80 دولاراً للبرميل في النصف الثاني من العام، انخفاضاً من 93.50 دولار في توقُّعات سابقة. كما خفّض توقُّعاته طويلة الأجل إلى 75 دولاراً للبرميل مقارنة بـ85 دولاراً.
وأضافوا: "لم تتلقّ السوق دعماً كبيراً من المعززات الاقتصادية الأساسية، كما أحاطت بها مخاوف الاقتصاد الكلي بصورة أكبر. نعتقد أنَّ الوضع سيبقى على ما هو عليه لفترة طويلة من هذا الصيف".
مع ذلك؛ ما يزال البنك البريطاني يتوقَّع تراجع الإمدادات في الأسواق خلال النصف الثاني، مدفوعاً بمزيج من خفض إنتاج تحالف "أوبك+"، والطلب الصيني القوي، وتجديد احتياطيات الطوارئ الأمريكية.