مناسك الحج بالترتيب.. من الإحرام إلى طواف الوداع في 10 خطوات
مناسك الحج بالترتيب هي ما يسأل عنه الكثيرون مع دخول أيام الحج، حتى يستطيع حجاج بيت الله الحرام تأدية مناسك الحج بالترتيب لينالوا الأجر والثواب من الله سبحانه وتعالي.
ونستعرض في سياق التقرير التالي مناسك الحج بالترتيب، بداية من الإحرام وحتى طواف الوداع حتى يتعرف الجميع على مناسك الحج بالترتيب.
مناسك الحج بالترتيب
الإحرام
يقصد بالإحرام أن ينوي الحاج الإحرام -الدخول في نسك الحج- بِقَلبِهِ، مستحضرًا النية ، وسبب تسميته بالإحرام لأن الحاج بمجرّد الدخول فيه يحرّم عليه أمورًا كانت محللة له، وقد تعددت آراء الفقهاء في حكم التلبية عند الإحرام بين الاستحباب والفرضيّة، والمشهور عند جمهور العلماء القول باستحبابها.
وللحاج أن يحرم في أشهر الحج، وهي: شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة، وأعمال الحج تكون في الثامن والتاسع والعاشر والحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة وهذا هو الميقات الزماني للإحرام، وفي ما يتعلق بالميقات المكاني للإحرام.
وميقات أهل المدينة: ذو الحليفة وميقات أهل اليمن: السعديّة وميقات أهل مصر والشام والمغرب: الجحفة.
الطواف
وإن أتى طواف القدوم ثانيًا عند ذكر مناسك الحج بالترتيب إلا أنه أول سنن الحج. وطواف القدوم سنّة من سنن الحج حسب قول الجمهور، ويسمى طواف الورود، وطواف الوارد، وطواف التحيّة؛ لأنه شُرع للقادم من غير مكة المكرمة، ويبدأ طواف القدوم بدخول الحاج إلى مكة المكرمة، وذلك لتحيّة البيت العتيق، وآخر وقته الوقوف بعرفة عند جمهور الفقهاء، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ الله عَنْهَا: (أنَّ أَوَّلَ شيءٍ بَدَأَ به حِينَ قَدِمَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- أنَّهُ تَوَضَّأَ، ثُمَّ طَافَ).
السعي
ذهب الحنفية إلى سُنّية السعي ولكنه ركن من أركان الحج بحسب أقوال كل من المذهب المالكي، والشافعي، والحنبلي، وذهب الجمهور إلى أن الشرط في السعي إتمام سبعة أشواط، قال تعالى: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا).
ويبدأ وقت السعي يوم النحر بعد طواف الزيارة لا طواف القدوم؛ ذلك لأن السعي واجب، وطواف القدوم سنّة، فلا يجوز أن يكون الواجب تَبعًا للسنّة. ويكون السعي بارتقاء الحاج إلى الصفا ليبدأ السعي، ويكون مستقبلًا الكعبة، ويوحد الله، تعالى، ويكبّره، ثم يتّجه إلى المروة بالمشي المعتاد، فإذا ما حاذى العمودين الأخضرين أسرع في المشي، حتى إذا وصل المروة وحّد الله وكبّره، وهذا شوط واحد. ثم يشرع في الشوط الثاني، ويفعل فيه مثلما فعل في الشوط الأول، حتى يتم الشوط السابع.
يوم التروية بـ"منى"
يصادف يوم التروية اليوم الثامن من ذي الحجة، ويستحب للحاج أن يخرج من مكة المكرمة إلى منى في يوم التروية، فيُصَلِّي بِمِنى خَمْسَ صلواتٍ هي: الظُّهْرُ، وَالْعَصْرُ، وَالْمَغْرِبُ، وَالْعِشَاءُ، وَالْفَجْرُ، وذلك باتفاق الأئمة الأربعة، ويبيت بها ليلة عرفة، ثم يسير الحجاج من منى إلى عرفة سيرًا على الأقدام بعد طلوع شمس عرفة، وهو سنّة عند الجمهور.
الوقوف بعرفة
وعلى الرغم من أن الوقوف بعرفة يأتي خامسًا عند ذكر مناسك الحج بالترتيب إلا أنه أول ركنٌ من أركان الحج ولا يكتمل الحج إلّا به، وذلك باتّفاق الأئمّة الأربعة، فقد ثبتت ركنيّته بالسنّة والإجماع.
ويوافق اليوم التاسع من ذي الحجّة وليلة العاشر من ذي الحجّة إلى طلوع الفجر، فمن فاته يوم عرفة أو تأخّر عنه فقد فاته الحج، واتفق العلماء في أنّ طلوع فجر يوم النحر هو وقت انتهاء الوقوف بعرفة، إلّا أن الآراء تعددت في أول وقت الوقوف بعرفة.
سنن الوقوف في يوم عرفة
- الاغتسال: عَنْ عَلِيٍّ، رَضِيَ الله عَنْهُ، لِمَا سُئِل عَنِ الْغُسْل قَال: "يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَيَوْمَ عَرَفَةَ، وَيَوْمَ النَّحْرِ، وَيَوْمَ الْفِطْرِ".
- خطبة عرفة: وتكون بعد الزوال، وهي خطبتان يُفصل بينهما جلسة خفيفة.
- الجمع بين الصلاتين: وتكون بين صلاة الظهر والعصر في وقت الظهر.
- التعجيل في الوقوف: فإذا ما جمع الحاج صلاتي الظهر والعصر في وقت الظهر، يسنّ له تعجيل المسير إلى الموقف.
- الإفاضة بعد الغروب: فاذا غربت شمس عرفة أفاض الناس والإمام، فمن وجد فرجة فليسرع في المشي.
- الإكثار من أعمال الخير: بأن يُكثر الحاج من العبادات، والأذكار، وقراءة القرآن، والدعاء.
المبيت بمزدلفة ورمي جمرة العقبة
وإن كان المبيت بمزدلفة يأتي سادسًا عند ذكر مناسك الحج بالترتيب إلا أنه أول واجبات الحج. ويمشي الحاج إلى مزدلفة في سكينة ووقار، ويسرع إذا ما وجد فرجة، وذهب جمهور إلى جواز تأخير صلاتيّ المغرب والعشاء لأدائهما في مزدلفة، وقيل إن ترك الحاج المبيت بمزدلفة صحّ حجّه، لكن عليه دم أي ذبح الهدي. وإن حضر مزدلفة في النصف الثاني من الليل وأقام فيها قلّت المدة أو كثرت حصل المبيت.
واتّفق الفقهاء على أنّ رمي الجمرات واجب من واجبات الحج، وتُرمى في الأماكن الخاصة للرمي، وتُرمى هذه الجمرات من جميع الجهات، عن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قال: (أَنَّ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَفَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِمِنًى لِلنَّاسِ يَسْأَلُونَهُ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَال: لَمْ أَشْعُرْ، فَحَلَقْتُ قَبْل أَنْ أَذْبَحَ؟ قَال: اذْبَحْ وَلاَ حَرَجَ فَجَاءَ آخَرُ فَقَال: لَمْ أَشْعُرْ فَنَحَرْتُ قَبْل أَنْ أَرْمِيَ؟ قَال: ارْمِ وَلاَ حَرَجَ)، وعدد الحصى الواجب رميه سبع حصيات، ويكبّر الحاج مع حصاة منها.
ويمس الحاج بالحصى بطرفي إبهامه ومسبّحة يده اليمنى، ويرفع يده حتى يُرى بياض إبطيه، ويقذفها ويكبّر، وصيغة التكبير تجوز بأي صيغة مطلقًا، واختار العلماء هذا التكبير أو ما يكون نحوها: "بِسْمِ الله والله أَكْبَرُ، رَغْمًا لِلشَّيْطَانِ وَرِضًا لِلرَّحْمَنِ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا مَبْرُورًا وَسَعْيًا مَشْكُورًا، وَذَنْبًا مَغْفُورًا".
الهدي والتحلل
- الهدي إما أن يكون هدي تطوّع، أو هدي تمتع أو قران، أو لجبر نقصان ما، ووقت ذبح الهدي يكون حسب سبب ذبح الهدي.
- التحلل من الإحرام ويُراد بذلك الخروج من الإحرام، وهو تحلل أصغر يتحقق برمي جمرة العقبة، والنحر، والحلق أو التقصير، وبهذا التحلل يحل للحاج كل شيء سوى النساء. ويرى آخرون أنه يحصل برمي الجمرة، والحلق، والتقصير، وبهذا يحل للحاج كل شيء عدا النساء. وتحلل أكبر وبهذا التحلل تباح جميع المحظورات الإحرام دون استثناء، ويبدأ وقت التحلل عند فجر يوم النحر، ويحصل هذا التحلل بطواف الإفاضة بشرط الحلق أو التقصير، إلّا أن المالكيّة زادوا السعي قبل الطواف.
طواف الإفاضة
وقت طواف الإفاضة ويسمّى طواف الزيارة؛ وهو ركن من أركان الحج باتّفاق المذاهب الأربعة، والمطلوب هو سبعة أشواط بحسب جمهور العلماء، بينما قال الحنفيّة إن الركن المطلوب هو أداء أربعة أشواط فقط.
رمي الجمرات في أيام التشريق
- اتّفق الفقهاء على أنّ رمي الجمرات واجب من واجبات الحج، ومن تركها يلزمه دم أي ذبح هدي؛ لتركه واجباً من واجبات الحج.
- الجمرات ثلاث، هي:
الجمرة الأولى: وهي أول جمرة، وتقع بعد مسجد الخيف في منى، وهي أبعد الجمرات عن مكة المكرمة، وترمى بسبع حصيات متعاقبات.
الجمرة الثانية: بعد الجمرة الأولى وقبل جمرة العقبة، ترمى بسبع حصيات، مع التكبير مع رمي كل حصاة.
الجمرة الثالثة: وهي جمرة العقبة، تُرمى بسبع حصيات، ويقوم الحاج بالتكبير مع كل حصاة.
طواف الوداع وإتمام الحج
يسمّى طواف الصّدر، وطواف آخر العهد، وسبب تسميته بذلك لأن الحاج يودّع به البيت الحرام، وذهب جمهور الفقهاء إلى أنّه واجب، ووقته يكون عقب انتهاء الحاج من جميع مناسك الحج، وأي طواف يفعله الحاج بعد طواف الزيارة يُجْزِئ عن طواف الوداع.