المفتي: فهم الدين يعتمد على قراءة رشيدة للنصوص ومراعاة للواقع والوصل بينهما
قال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم-: "إن فهم الدين له قواعد وضوابط ويمثل منهجًا متكاملًا ورثه العلماء جيلًا بعد جيل يعتمد على قراءة رشيدة للنصوص ومراعاة للواقع المعيش والوصل بين النصوص والواقع".
وأضاف علام - خلال لقائه بطلاب جامعة الثقافة الإسلامية في ولاية "كيرالا" الهندية - أن العلماء هم ورثة الأنبياء وحملة الرسالة ومجددو الملة، بهم يُقتدى في ظلمات الليل البهيم، وبأنوارهم يُهتدى إلى صراط الله المستقيم، وبإرشادهم تكون النجاة من حالك الفتن وظلام الشبهات، ومن هؤلاء الأئمة الأعلام والهداة التقاة الإمام الجليل الشافعي الذي نشر العلم في كل أرجاء الدنيا إلى أن استقر به المقام في مصر الكنانة.
وأوضح مفتي الجمهورية أن نصوص القرآن والسنة، والمعاني الكلية والمقاصد العامة لشريعتنا الإسلامية، تدور حول معاني عمارة الأرض والإصلاح فيها وتحقيق معاني قوله تعالى: ﴿هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾ [هود: 61]. وربط معاني العمارة والإصلاح بمعرفة الله تعالى وعبادته.
وأشار إلى أن المسلم لا يرى هناك تناقضًا أو تضادًا بين معنى الدين وحقائقه وشعائره وتحقيق توحيد الله وعبوديته، وبين معاني الحياة ومتطلباتها وتدبير المنافع ورعاية المصالح وعمارة الأرض على المستويات كافة والتعاون مع الجنس البشري في تحقيق ذلك، بل إنَّ المسلم يتميز عن غيره بأنه يحمل المنهج الإلهي الذي يجعل صلاح الإنسان ومعرفتَه بالله وتنفيذ أوامره جزءًا من معاني الاستخلاف في الأرض وعمارتها، ويرى أن من واجبِه أن يعملَ على تحقيق عمارة الأرض ونشر المبادئ الإسلامية من العدل والاستقامة والمساواة والحرية بحيث تنعم البشرية كلها بقيم الإسلام.
ولفت النظر إلى أن المسلم كذلك يرى أن العمل مع مؤسسات المجتمع في ذلك المجال من الواجبات الشرعية التي تُيسِّرُ حدوث صور عمارة الأرض، وبجانب ذلك يرى أن تعاونه مع غير المسلم في معاني عمارة الأرض هو من تحقيق معاني قوله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة:2]. ويرى أنه بذلك يعمل على تحقيق مقاصد الشريعة.
وأكد مفتي الجمهورية أننا نعمل على إيجاد منظومة علمية وتأهيلية للقيادات المسلمة في العالم، يكون من شأنها تجديد منظومة الفتاوى التي يستعين بها المسلم على العيش في وطنه وزمانه، كما تُرسِّخُ عنده قيمَ الوسطية والتعايش السلمي في وطنه ومجتمعه.
واختتم مفتي الجمهورية كلمته بقوله: "لقد آن الأوان أن نؤمِنَ أن لغة الحوار والتواصل البنَّاء بين البشر مهما اختلفت أعراقهم وأديانهم هي البديل الآمن، الذي يمكن من خلاله تجنب العنف والدماء والكراهية، وبناء جسورٍ من التعايش والتفاهم على أسس من المشتركات الإنسانية".