ارتفاع أسعار الفائدة يضاعف تكاليف الديون السيادية بحلول 2025
تتوقع شركة "جانوس هندرسون جروب" (Janus Henderson Group) أن تتضاعف تكاليف الديون السيادية في غضون الأعوام الثلاثة المقبلة، بما يضع الحكومات بشكل متزايد تحت رحمة مستثمري السندات.
جيم سيلنسكي، الرئيس العالمي للدخل الثابت في شركة إدارة الأصول، قال إنه يرجّح بلوغ تكاليف الفائدة على الديون الحكومية 2.8 تريليون دولار أمريكي في 2025 مع ارتفاع أسعار الفائدة، الأمر الذي من شأنه أن يكبح الإنفاق المالي، ويذهب بالأموال بعيداً عن المجالات المنتجة اقتصادياً.
يعني ذلك أن الحكومات ستكون أكثر اعتماداً على أسواق السندات، وهو ما يهيئ الساحة لمواجهات بين المستثمرين وصنّاع السياسات النقدية.
أوضح سيلنسكي أن قرار حكومة المملكة المتحدة إلغاء التخفيضات الضريبية الكبيرة العام الماضي في أعقاب هبوط سوق السندات، والجدل الدائر في الكونجرس الأمريكي حول سقف الدين، هما بمثابة "علامتين تحذيريتين مبكرتين على أنه يجب ضبط الإنفاق، وقال: "سيحاول الأفراد الإنفاق ببذخ، ومن ثم يجب أن تأتي القيود والضوابط عبر الأسواق".
إنه تحوُّل تامّ مقارنة بأعوام من أسعار الفائدة شديدة الانخفاض وبرامج شراء السندات من البنوك المركزية، التي سمحت للحكومات في مختلف أنحاء العالم باقتراض مبالغ قياسية بتكلفة منخفضة، أما الآن فأسعار الفائدة ترتفع على مستوى العالم، وزادت في الولايات المتحدة الأمريكية من الصفر تقريباً إلى نحو 5% خلال عام فقط، فيما ينشط حالياً بعض البنوك المركزية في التخلص من السندات، وهو ما يفاقم الضغوط على السوق.
قفزت تكاليف الفائدة على الحكومات 21% تقريباً في 2022، مسجّلة أسرع زيادة لها منذ 1984، حسب تقرير "جانوس هندرسون" لمؤشر الديون السيادية الصادر أمس الخميس، وبيّن التقرير أن الديون الحكومية على مستوى العالم زادت 7.6%، مسجلة مستوى قياسياً بلغ 66.2 تريليون دولار.
قال سيلنسكي في مقابلة من بوسطن: "بات الأفراد أقلّ حساسية تجاه نطاق وحجم هذه الأرقام، لقد شهدنا على مدى عقدين تقريباً أعباء اقتراض ثقيلة لم تؤثّر بدرجة كبيرة في أسعار الفائدة، ومن جوانب عديدة، انتهت الأوقات السعيدة الآن، وقد تكون المشكلة المالية إحدى المشكلات التي تحدد سمات العقد المقبل".
أضاف أن الحكومات حصلت على "فرصة ذهبية" من أسعار الفائدة المنخفضة، ومن الطلب الضخم على السندات من المستثمرين الذين يطمحون إلى جعل فائض مدخراتهم يولّد عائدات، وتوقع سيلنسكي استقرار أسعار الفائدة عند مستوى متوازن أعلى، يفوق المستويات الدنيا المسجلة خلال الأعوام الماضية عندما كانت أسعار الفائدة في بلدان عديدة دون الصفر.
رغم ذلك ما زال بإمكان مستثمري السندات تحقيق مكاسب، إذ تقول "جانوس" إن العائدات "أكثر جاذبية حالياً مما كانت عليه في أي وقت منذ 2007"، لا سيما مع انخفاض التضخم "أسرع مما يعتقد البعض"، وقال سيلنسكي إن المستثمرين لا يمكنهم تحقيق زيادة في الدخل من العوائد العالية فحسب، بل أيضاً مكاسب رأسمالية في حال هبطت أسعار الفائدة عن المستويات الراهنة.
يرى سيلنكسي أن السندات طويلة الأجل يُفترض أن "تقدّم أداءً جيداً للغاية في العام المقبل مع تَعرُّض الاقتصاد لضغوط، ونحن نوزّع أصول محافظ عملائنا وفقاً لذلك"، وأي انفراجة يُتوقع أن تحدث بعد أن تُمنَى جميع أسواق الدخل الثابت بخسائر تاريخية.
وارتفعت بحدة عوائد السندات عالمياً خلال الأشهر الثمانية عشر الماضية، مما سبّب خسائر ضخمة وفق تسعير السوق لحاملي السندات، وأيضاً في تكاليف اقتراض على الحكومات عند بيعها لديون جديدة.
وتراجع مؤشر بلومبرج العالمي للعائد الإجمالي للسندات الحكومية وسندات الشركات ذات التصنيف الاستثماري، 16% خلال 2022، ما يُعَدّ أسوأ عام له في سجلّ البيانات الذي بدأ منذ 1991، وصعد أقلّ عائد ممكن للسندات ضمن المؤشر من نحو 1.3% إلى 4% تقريباً في أكتوبر الماضي، ومنذ ذلك الوقت هبط إلى نحو 3.5%.