ماذا يعني «تقسيم بتكوين للنصف» وهل يرفع ذلك سعرها؟
تشتهر عملة "بتكوين" بتقلباتها الشديدة، إذ إنها عرضة لارتفاعات مفاجئة في سعرها وانخفاضات سريعة قد تمحو ملايين الدولارات من قيمة العملة خلال دقائق معدودة.
هذه التغيرات غالباً ما تكون غامضة بالنسبة إلى مراقبي السوق، نظراً لغياب أساسيات العملة الرقمية أو أي صلات تربطها بالاقتصاد الحقيقي.
تتميز "بتكوين" بصفة غريبة أخرى، حيث كانت جزءاً من الشفرة البرمجية التي أنشأت العملة؛ فمن حين لآخر، تتغير المعادلة التي تحكم معدل إنتاج رموز جديدة.
مع اقتراب توقيت هذا الحدث مرة أخرى، الذي يسمى تقسيم مكافأة تعدين "بتكوين" للنصف (Halving)، يختلف داعمو "بتكوين" والمشككون فيها حول تأثير ذلك على قيمة العملة.
1) من أين تأتي عملات "بتكوين" الجديدة؟
أحد السمات التي أدت إلى الانبهار بـ"بتكوين" هي الطريقة التي ربط بها مطوّر العملة المشفرة، صاحب الاسم المستعار ساتوشي ناكاموتو، بين إنتاج عملات جديدة والعمل المطلوب للحيلولة دون التزوير.
يتم إنتاج عملات جديدة من "بتكوين" عبر ما يسمى بالتعدين من خلال أشخاص تجري حواسيبهم مجموعة معقدة من الحسابات للتحقق من صحة المعاملات على ما يُعرف باسم سلسلة الكتل "بلوكتشين"، وهو دفتر رقمي يشبه الدفتر الأستاذ العام في المحاسبة. ويتنافس أصحاب الأجهزة التي تقوم بالتعدين مع بعضهم البعض للفوز بعملات مشفرة جديدة تُعرف باسم مكافأة تدقيق الكتلة.
2) ما هو تقسيم مكافأة تعدين "بتكوين"؟
عملية تقسيم مكافأة "بتكوين" للنصف، التي يُطلق عليها أحيانا "Halving"، تعني تخفيضاً مخططاً للمكافآت التي يحصل عليها من يقومون بالتعدين (وهو المصطلح المُستخدم في برمجيات "بتكوين").
تحدث عملية تقسيم مكافأة "بتكوين" للنصف كل 4 سنوات تقريباً – وتحديداً بعد تعدين 210 آلاف كتلة من (بلوكتشين). وكما يشير الاسم، تخفض كل عملية تقسيم وحدات "بتكوين" - التي يحصل عليها كل من يقوم بتعدين العملة مقابل تدقيق الكتلة - إلى النصف.
القواعد التنظيمية لن تحول دون وقوع الأزمة المالية المقبلة
عند إطلاق "بتكوين" في 2009، كان كل من يقوم بالتعدين يحصل على 50 "بتكوين" لكل كتلة، لكن تلك المكافأة انخفضت إلى 25 وحدة في أول عملية تقسيم في 2012، ثم إلى 12.5 وحدة في 2016، و6.25 وحدة في 2020، ومن المقرر أن تنخفض إلى 3.125 وحدة في 2024.
3) ما الفكرة وراء هذه العملية؟
يُعد إصدار "بتكوين" محدوداً من نواحي عدة. فأولاً، وفقاً لبروتوكول إنشائها، لن يجري تداول أكثر من 21 مليون عملة "بتكوين" أبداً. ويُعد ذلك عنصر جذب للعديد ممن يخافون من فقدان النقود الورقية – التي تصدرها الحكومات – قيمتها بسبب التضخم إذا جرى طباعتها بكمية أكبر مما ينبغي.
إنفوغراف: 81% مكاسب "بتكوين" منذ بداية العام حتى الآن
وعلى العكس من ذلك، يرى داعمو "بتكوين" أن زيادة قيمتها مضمونة. وتحول عملية تقسيم مقابل تدقيق المعاملات لـ"بتكوين" أيضاً دون حدوث تضخم، عبر العمل بشكل دوري على إبطاء وتيرة إنتاج وحدات جديدة من العملة المشفرة، وذلك لتفادي تجاوز مستوى الطلب.
بالنسبة لمراقبين آخرين، قد تكون هذه العمليات بمثابة علامة لشراء العملة سريعاً، من خلال الإشارة إلى أن الوتيرة الأبطأ للنمو قد يصحبها ارتفاع السعر.
4) متى سيحدث تقسيم مكافأة "بتكوين"؟
من المقرر أن تتم العملية، التي تحدث كل 4 سنوات، تقريباً في أبريل 2024. من الصعب بشكل عام توقع التاريخ المحدد، وذلك لأن الوقت المطلوب لتوليد كتل جديدة قد يتباطأ أو يتسارع اعتماداً على عدد من العوامل.
ووفقاً لأغلب التقديرات، ستحدث 64 عملية تقسيم لمكافأة تدقيق معاملات "بتكوين" قبل الوصول للحد الأقصى من معروض العملة الذي يبلغ 21 مليون وحدة تقريباً في عام 2140، وستتوقف عمليات التقسيم عند تلك المرحلة.
وبمجرد حدوث ذلك، لا يحصل أي شخص يقوم بالتعدين على مكافآت، وسيكون من المتوقع اعتمادهم على تقاضي رسوم للقيام بتدقيق المعاملات، فيما يشبه ما تقوم به شركات بطاقات الائتمان.
5) هل تؤثر عمليات تقسيم مكافأة "بتكوين" على سعر العملة؟
هذا الأمر محل نقاش محتدم. فعلى سبيل المثال، ارتفعت قيمة "بتكوين" في 2012 نحو 8000% في الأشهر الاثني عشر التي تلت خفض المكافآت، ثم ارتفعت مجدداً قرابة 1000% في أعقاب التقسيم الذي جرى في 2016.
أما التقسيم الأخير، الذي وقع في مايو 2020، فأعقبته موجة شراء من المضاربين على الصعود انتهت بسعر قياسي لـ"بتكوين" بلغ نحو 69 ألف دولار في نوفمبر 2021.
بدءاً من منتصف أبريل من العام الجاري، ارتفعت "بتكوين" نحو 67% عن المستوى المتدني بشدة، الذي وصلت إليه في 2022، إلى نحو 30 ألف دولار. ويمكن لعملية التقسيم المقبلة أن تؤدي لارتفاع في قيمة العملة بنسبة 81% على الأقل، وفقاً لمحللي "بلومبرغ إنتليجنس" و"ماتريكسبورت" (Matrixport).
من جانب آخر، يرى المشككون أن نسبة الفضل في ارتفاع السعر إلى تقسيم المكافآت أمر مخادع على أفضل تقدير.
فعلى سبيل المثال، جاءت ثاني عملية تقسيم في وقتٍ كانت "بتكوين" تكتسب فيه بالفعل شهرة أوسع في القنوات السائدة، وتزامن ذلك مع ازدهار في الطروح الأولى لبعض العملات، التي كان يجب شراء الكثير منها باستخدام "بتكوين". لكن التعافي بدأ يتراجع مؤخراً، إذ قيّده تراجع توقعات خفض الاحتياطي الفيدرالي الأميركي لأسعار الفائدة.
كذلك تشن الجهات التنظيمية حملات على قطاع التشفير، في أعقاب انهيار بورصة "إف تي إكس" في نوفمبر 2022، تهدد النظرة المستقبلية للسوق.