السندات في ورطة مع استنزاف تريليون دولار من السيولة
أصبحت البنوك المركزية جزءاً من مشهد القلق المحيط بأسواق الائتمان العالمية، حيث باتت السندات في ورطة مع استنزاف تريليون دولار من السيولة.
وفقاً لـ"سيتي جروب"؛ فإنَّ انتعاش الأصول الخطرة هذا العام يتعلّق بضخ البنوك المركزية لسيولة تناهز تريليون دولار، أكثر من ارتباطه بأي تحسن في التوقُّعات الاقتصادية، وهذا المنحى المعاكس -الكافي لخصم 50 نقطة أساس من علاوة مخاطر السندات ذات الدرجة الاستثمارية- قد يصبح في القريب العاجل عبئاً كبيراً مع عودة صنّاع السياسة النقدية إلى مسار القضاء على التضخم، بعد إخماد "حريق" القطاع المصرفي.
مات كينج، محلل الأسواق العالمية في "سيتي جروب"، كتب في مذكرة: "مع تجاوز ذروة السيولة، لن نتفاجأ على الإطلاق إذا تعرّضت الأسواق الآن لخسارة مفاجئة"، موصياً بـ"الاستمرار بمراقبة بيانات السيولة.. والاستعداد".
شهدت أسواق ديون الشركات أفضل ربع سنوي منذ عام 2019، برغم المخاوف المتزايدة بشأن الاقتصاد مع مواصلة البنوك المركزية رفع أسعار الفائدة، ومدّدت أدوات الائتمان ارتفاعها في الأسابيع الأخيرة، مما أدى إلى محو الخسائر الناجمة عن انهيار البنوك.
كينج أضاف في المذكرة المنشورة في 18 أبريل: "نتوقَّع الآن أن تتوقف كافة البنوك المركزية تقريباً عن ضخ السيولة"، والعودة إلى موقف أكثر تشدداً على صعيد السياسة النقدية، بعد هدوء العاصفة التي أثارتها أزمة القطاع المصرفي البنك، مقدّراً أن يؤدي ذلك إلى "سحب 600 إلى 800 مليار دولار من السيولة العالمية في الأسابيع المقبلة، بما يؤشر لحدّة هذه العملية".
العودة إلى السياسة الأكثر تشدداً قد تكون جارية بالفعل، بحسب كينج، مشيراً إلى أنَّ "الأسواق لم تلحظ ذلك بعد، باستثناء العوائد الحقيقية في الولايات المتحدة بشكلٍ جزئي"، أمّا الأمر الوحيد الذي قد يوقف النزوح النقدي؛ فيتمثل بهروعٍ جديد لدعم المؤسسات المالية، والذي يبدو بعيد الاحتمال إلى حدٍّ كبير.
يُرجَّح أن تعاني السندات من الدرجة غير الاستثمارية من هذا التوجه العكسي، بعد تعويض الخسائر التي سبّبتها الأزمة المصرفية الأخيرة سريعاً، وبرغم الطلب القوي على الائتمان المدعوم بظروف مالية سهلة نسبياً؛ فإنَّ العوائد ترتفع، والاقتصادات الكبرى مثل الولايات المتحدة التي تتأرجح على حافة الركود -أو حتى الركود التضخمي- لا تبشر بالخير بالنسبة للمقترضين المثقلين بالديون.
تراجعت علاوة مخاطر السندات العالمية ذات العائد المرتفع إلى حوالي 485 نقطة أساس، أي أقل بكثير من 543 نقطة أساس التي شهدتها خلال ذروة الأزمة المصرفية، ودون متوسط عام واحد البالغ حوالي 500 نقطة أساس، وأقل بكثير من المستوى الذي تحلق إليه علاوات المخاطر عادةً خلال انكماش الاقتصاد الأمريكي.
يجبر التضخم المرتفع "بعناد" البنوك المركزية على مواصلة التشديد النقدي ورفع الفائدة، ما من شأنه تهدئة الطلب مع ارتفاع تكاليف خدمة الدين، وسيضر ذلك بالشركات الأضعف أكثر من سواها، في المقابل؛ فإنَّ التباطؤ الاقتصادي يعني أيضاً أنَّ العائدات ستعاني، مما يسرّع تخفيض التصنيف الائتماني للسندات، والإعسار المالي، والتخلف عن السداد.