شيخ الأزهر: الأسرة في الإسلام عقد ديني مقدس ومحاط بتشريعات إلهية دقيقة
قال الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، إن مِمَّا يَلْحَظُه المتأمِّل في أمر الأسرة في الإسلام أنها ليست عَقْدًا أو نِظَامًا مَدنيًّا أو طبيعيًّا أو اجتماعيًّا، وإنَّما هي عقدٌ ديني مُقدَّس له حُرمته وقُدسيتُه، وهو محاط بتشريعات إلهية دقيقة، منها ما هو ثابت وباقٍ ومصاحب للأسرة مهما تغيَّر بها الزمان والمكان، ومنها ما يتطوَّر، لكن بشرط أن يبقى ضمن ثوابت الإسلام وأُطُره الخُلُقيَّة والإنسانيَّة، مِمَّا يُلاحَظ في هذا السِّياق أنَّ مقصد الشَّريعة الإسلاميَّة من نظام الأسرة هو حفظُ النسل والإبقاءُ على استمرار النوع الإنساني، وأنَّ الغريزة الجنسية وإشباعَها، وإنْ كانت مقصدًا من مقاصد الزواج -إلا أنها – في المقام الأول- وسيلةٌ لبناء الأُسرة وليست غايةً متفردة في ذاتها.
وتابع شيخ الأزهر، خلال الحلقة الـ23 ببرنامجه الرمضاني «الإمام الطيب»: “أن الغريزة الجنسية الوسيلة التي تدفع الرجلَ والمرأة للالتقاء على كيفية معينة ووضع مخصوص يضمن استمرار النوع البشري وتكاثره، وهذه الوسيلة ليست خاصة بالإنسان: رجلًا وامرأة فقط، بل هي الوسيلةُ ذاتها في بقاء الأنواع الحية كلها وتكاثرها واستمرارها، سواء في عالم الحيوان أو النبات، بل هي كذلك في عالم الأجسام والأجساد.. فأنت لا يُمكنك أن تتوازن -وقوفًا ولا مشيًا- لو لم تكن لك ساقان، وأنت لا تعملُ عملًا مُتقَنًا إلَّا إذا كانت لك يدان، ولا تتكلَّمُ لو لم يتردَّد الكلامُ بين شفتين، ولا تنتظم الحياة أصلًا إلَّا بمزاوجة الليل والنهار، والشمس والقمر، والموت والحياة، والأرض والسماء.. ومن هنا قال العلماء: «لا ينفرد بالوحدانية إلَّا الخالق الواحد، الذي يقول: {وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} الذاريات: 49”.
وأوضح، أنَّ من أبرز ما يُطالع المتأمِّلَ في نظام الأسرة في الإسلام هذا التشريعُ التَّفصيلي الذي يُصاحب نشأة الأسرة وتطورها منذ الخطوة الأولى في بنائها وتكوينها، وهي خطوة اختيار الزوجين، كلٍّ منهما للآخَر، وعلى أي مقياس ينبغي أن يكون هذا الاختيار، وأوَّلُ ما يُطالعنا في هذا السِّياق هو أن الإسلام يَرْعَى مشروعَ بناء الأسرة منذ مرحلته الباكرة، وهي مرحلة اختيار الشاب للفتاة التي يرغب في خِطبتها، ويمدُّه بطائفةٍ من التوجيهات الخُلُقيَّة، وضوابط الواقع وتجارب الحياة، فينصحُه أوَّل ما ينصحُه أنْ ينظر إليها أوَّلًا.