بيان الأفضلية بين إطالة الركوع والسجود في الصلاة
بيان الأفضلية بين إطالة الركوع والسجود في الصلاة؛ هو ما يرغب في معرفته الكثيرون من أجل تأدية الصلاة على أفضل ما يكون لتحقق المراد من رب العباد؛ ما يجعل من معرفة بيان الأفضلية بين إطالة الركوع والسجود في الصلاة أمرا مهما.
وورد إلى دار الإفتاء سؤال حول بيان الأفضلية بين إطالة الركوع والسجود في الصلاة، وأجاب عنه مفتي الجمهورية الدكتور شوقي علام باستفاضة عبر الموقع الرسمي لدار الإفتاء ليعرف الجميع بيان الأفضلية بين إطالة الركوع والسجود في الصلاة.
بيان الأفضلية بين إطالة الركوع والسجود في الصلاة
سأل يقول: هل إطالة الركوع في الصلاة أفضل أم إطالة السجود؟
وأجاب مفتي الجمهورية: الاعتدال بين أركان الصلاة من هدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو مما يحسن فيها، ولا أفضلية لركن على ركن في الأداء؛ لكون جميعها مأمورًا بها لا تتم الصلاةُ ولا تصِحُّ إلا به، أما إذا رغب المصلي في الإطالة في أحد أركانها عن البَقِيّةِ، فإن الأفضلية في ذلك ترجع في أيٍّ منها إلى ما يجد من حضور قلبه، ويخشع لربه، ويحقق مقصوده، فإن كان حاله حال التعظيم والخوف من الله كانت الإطالة في الركوع أفضل لحاله؛ لكونه مقام التعظيم إن تحقق من وجود قلبه به، وإن كان حاله حال الرجاء والدعاء كانت الإطالة في السجود أفضل؛ لكونه مقام الدعاء إن تحقق من وجود قلبه به أيضًا.
مكانة الصلاة في الإسلام وحرص الصحابة عليها
تَعْظُم أفضلية الصلاة على سائر ما شرع الله تعالى من عبادات؛ إذ هي عماد الدين وقوامه، وأهم ركن من أركانه بعد الشهادتين، وأحبُّ الأعمال التي يُتَقربُ بها إلى الله تعالى، فعَنْ عُمَرَ بن الخطاب رضي الله عنه، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ، فَقَالَ: "يَا رَسُولَ اللهِ أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ عِنْدَ اللهِ فِي الْإِسْلَامِ؟ قَالَ: الصَّلَاةُ لِوَقْتِهَا، وَمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ فَلَا دِينَ لَهُ، وَالصَّلَاةُ عِمَادُ الدِّين» أخرجه الإمام البيهقي في "شعب الإيمان".
ولعظم مكانة الصلاة وأفضليتها حرص الصحابة رضي الله عنهم على تأديتها على أتمِّ وجهٍ وأكملِه، متأسّين في ذلك بصلاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الهيئة والصفة والوقت؛ تطبيقًا لأمره صلى الله عليه وآله وسلم؛ حيث قال: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه"، ولما علموا من أنه لا تمام ولا كمال يرومه أو يتغياه إنسان في شيء من عبادته إلا إذا كان متبعًا في ذلك هدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسنته الشريفة.
وبلغ من حرصهم على اتباع النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن اعتَنَوْا بتقدير وقت صلاته؛ في قيامه، وركوعه، وسجوده، وكانوا يتناقلون ذلك فيما بينهم؛ حتى إذا رَغِبُوا في الامتثال به عَلِمُوا كيف يُصَلُّونَ مثل صلاته، ملتزمين في ذلك بِطُولها وقِصَرِهَا وهيئتها.
فعن حذيفة رضي الله عنه أنه قال: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَافْتَتَحَ الْبَقَرَةَ، فَقُلْتُ: يَرْكَعُ عِنْدَ الْمِائَةِ، ثُمَّ مَضَى، فَقُلْتُ: يُصَلِّي بِهَا فِي رَكْعَةٍ، فَمَضَى، فَقُلْتُ: يَرْكَعُ بِهَا، ثُمَّ افْتَتَحَ النِّسَاءَ، فَقَرَأَهَا، ثُمَّ افْتَتَحَ آلَ عِمْرَانَ، فَقَرَأَهَا، يَقْرَأُ مُتَرَسِّلًا، إِذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَسْبِيحٌ سَبَّحَ، وَإِذَا مَرَّ بِسُؤَالٍ سَأَلَ، وَإِذَا مَرَّ بِتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ، ثُمَّ رَكَعَ، فَجَعَلَ يَقُولُ: «سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ»، فَكَانَ رُكُوعُهُ نَحْوًا مِنْ قِيَامِهِ، ثُمَّ قَالَ: «سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ»، ثُمَّ قَامَ طَوِيلًا قَرِيبًا مِمَّا رَكَعَ، ثُمَّ سَجَدَ، فَقَالَ: «سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى»، فَكَانَ سُجُودُهُ قَرِيبًا مِنْ قِيَامِهِ. أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "كُنَّا نَحْزِرُ قِيَامَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ؛ فَحَزَرْنَا قِيَامَهُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ قَدْرَ قِرَاءَةِ: الم تَنْزِيلُ السَّجْدَةِ، وَحَزَرْنَا قِيَامَهُ فِي الْأُخْرَيَيْنِ قَدْرَ النِّصْفِ مِنْ ذَلِكَ، وَحَزَرْنَا قِيَامَهُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنَ الْعَصْرِ عَلَى قَدْرِ قِيَامِهِ فِي الْأُخْرَيَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ، وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ مِنَ الْعَصْرِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ ذَلِكَ" أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".
قال العلامة مظهر الدين الزَّيْداني في "المفاتيح في شرح المصابيح" (2/ 130، ط. دار النوادر): [قوله: "نحزِرُ"؛ أي: نقدِّرُ، (الحَزْر): التقدير] اهـ.
هدي النبي عليه السلام في المفاضلة بين أركان الصلاة
من هدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم في صلاته أنه لم يكن يفاضل بين أركانها، فقد كانت صلاته معتدلة، ومتقاربة الأركان، فلا يكاد يزيد وقت ركن فيها عن الآخر؛ ممَّا يزيد حسن الصلاة واتساقها.
فعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: "كَانَ رُكُوعُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ وَسُجُودُهُ وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، مَا خَلَا القِيَامَ وَالقُعُودَ قَرِيبًا مِنَ السَّوَاءِ" أخرجه الإمام البخاري في "الصحيح".
وعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: "مَا صَلَّيْتُ خَلْفَ أَحَدٍ أَوْجَزَ صَلَاةً مِنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ فِي تَمَامٍ، كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ مُتَقَارِبَةً، وَكَانَتْ صَلَاةُ أَبِي بَكْرٍ مُتَقَارِبَةً، فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه مَدَّ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ إِذَا قَالَ: «سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ» قَامَ؛ حَتَّى نَقُولَ قَدْ أَوْهَمَ، ثُمَّ يَسْجُدُ وَيَقْعُدُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ؛ حَتَّى نَقُولَ قَدْ أَوْهَمَ" أخرجه الإمام مسلم في "الصحيح".
قال العلامة مظهر الدين الزيداني في "المفاتيح في شرح المصابيح" (2/ 143): ["قريبًا من السواء"؛ أي: قريبًا من التماثُل؛ أي: يُشبه بعضُها بعضًا] اهـ.
وقال الشيخ ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (23/ 114-115، ط. مجمع الملك فهد): [وتحقيق الأمر: أنَّ الأفضل في الصلاة أن تكون معتدلة. فإذا أطال القيام يطيل الركوع والسجود كما كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصلي بالليل؛ كما رواه حذيفة وغيره. وهكذا كانت صلاته الفريضة، وصلاة الكسوف، وغيرهما كانت صلاته معتدلة] اهـ.
وقال العلامة ابن رجب الحنبلي في "فتح الباري" (5/ 54، ط. دار ابن الجوزي): [معنى هذا: أنَّ صلاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم كانت متقاربةً في مقدارها، فكان ركوعه ورفعه من ركوعه وسجوده ورفعه من سجوده قريبًا من الاستواء في مقداره] اهـ.
فالأفضل أن تكون صلاة المصلي متساوية أو متقاربة في وقت أركانها وألا يُبَالغ في إطالة ركن عن بقية الأركان مبالغة تخرجه عن حد الاتساق والموالاة بينهم.
ومع تقرير ذلك واستحسانه؛ فإنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم تخصيصه لكلٍّ من الركوع والسجود بأحوال ينبغي على المصلّي أن يتحراها؛ حيث خص الركوع بكونه مقامًا لتعظيم الله تعالى في الصلاة، وخص السجود بكونه مقامًا للاجتهاد في الدعاء، وفي كل منهما ما ناسب حال الإنسان على التفاوت الحاصل له والمتردد بين الخوف والرجاء، بحيث إذا غلب عليه أحدهما استحسن له الإطالة في الركن الذي يوافق حاله.
فإذا غلب على المصلي وهو في صلاته حال الخوف والتعظيم والإجلال لله تعالى، بحيث يخشع قلبه باستحضار ذلك: استحسن له الإطالة في الركوع، وكان في حقه أفضل من الإطالة في غيره، وإذا غلب عليه وهو في صلاته حال الرجاء والرغبة في قضاء الحوائج وإنجاح المقاصد؛ بحيث إذا دعا الله تعالى استحضر قلبه خاشعًا له، كان الأفضل في حقه الإطالة في السجود أكثر من غيره، بشرط ألَّا يكون ذلك كله بالقدر الذي يخرج الصلاة عن تناسبها واعتدال هيئتها وصفتها.
نصوص وأقوال الفقهاء:
فعن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ، فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ» أخرجه الإمام مسلم في "الصحيح".
وجه أفضلية إطالة الركوع عن السجود في الصلاة
أما إطالة الركوع فإنه يفضل من وجهين:
أحدهما: لكونه مقامًا لتعظيم الله تعالى وكثرة الثناء عليه، وتعظيم الله تعالى أحب إليه من مسألته، مع ما في ذلك من جزيل عطائه ووفير ثوابه، إضافة إلى ما يتضمنه من معنى الدعاء عند العرب؛ فعَنْ عُمَرَ بن الخطاب رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَالَ: يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: «إِذَا شَغَلَ عَبْدِي ذِكْرِي عَنْ مَسْأَلَتِي أَعْطَيْتُهُ أَفْضَلَ مَا أُعْطِي السَّائِلِينَ» أخرجه البزار في "المسند"، والطبراني في "الدعاء".
قال الإمام ابن بطال في "شرح صحيح البخاري" (2/ 413، ط. مكتبة الرشد): [الركوع لتعظيم الله تعالى، وإن كانت قراءة القرآن أفضل من ذكر التعظيم، فلذلك ينبغي أن يكون في كلِّ موضع ما جعل فيه، وإن كان غيره أشرف منه، ويؤيد هذا المعنى: ما روى الأعمش عن النخعي قال: "كان يقال إذا بدأ الرجل بالثناء قبل الدعاء: استوجب، وإذا بدأ بالدعاء قبل الثناء.. كان على الرجاء"، وروى ابن عيينة عن منصور بن المعتمر عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه قال: "يقول الله: إذا شغل عبدي ثناؤه عليَّ عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطى السائلين".. قال أهل المقالة الأولى: تعظيم الربِّ والثناء عليه عند العرب دعاء] اهـ.
وقال الإمام ابن عبد البر في "الاستذكار" (1/ 431، ط. دار الكتب العلمية): [أجمعوا أنَّ الركوع موضع لتعظيم الله بالتسبيح وأنواع الذكر] اهـ.
وقال أبو الوليد الباجي في "المنتقى شرح الموطأ" (1/ 149، ط. مطبعة السعادة): [فوجه الدليل منه: أنه أمر بتعظيم الله تعالى في الركوع، وهذا يقتضي إفراده لذلك، ووجه ثان: وهو أنه خص كل حالة من الحالتين بنوع من العمل فالظاهر اختصاصه به وإلا بطلت فائدة التخصيص، فلا يعدل عن هذا الظاهر إلا بدليل. والله أعلم] اهـ.
والثاني: أنه قد نص بعض العلماء على أن المفاضلة في العبادات إنما تكون بأِشقها على البدن والنفس؛ لما في زيادة المشقة من زيادة المثوبة، والركوع من أكثر أركان الصلاة مشقة؛ لما فيه من القيام مع إنحناء الجسد.
قال العلامة الشلبي في "حاشيته على تبيين الحقائق" (1/ 173، ط. الأميرية): [قال صاحب "المبسوط" طول القيام أشق على البدن من كثرة الركوع والسجود، وقد سئل عن أفضل الأعمال فقال: أَحْمَزُهَا أي: أَشَقُّهَا على البدن.. وإن كان الفضل بالأشق كما علل به صاحب "المبسوط"؛ فالركوع الطويل أشق من القيام والسجود] اهـ.
وقال العلامة ابن عابدين في "رد المحتار" (1/ 497، ط. دار الفكر): [أفضل العبادة أشقها] اهـ.
وجه أفضلية إطالة السجود عن الركوع في الصلاة
أما أفضلية إطالة السجود: فإنه قد نص جماعة من الفقهاء على تفضيل السجود على الركوع من حيث كونه أكثر المواضع تواضعًا لله تعالى وقربًا إليه، مع كونه موطنًا للدعاء ومحلًّا للإجابة.
قال الإمام الشِّلْبِيِّ في "حاشيته على تبيين الحقائق" (1/ 173، ط. المطبعة الاميرية): [أما كون تطويل السجود أفضل من تطويل الركوع؛ فلحديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه عليه الصلاة والسلام قال: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ»] اهـ.
وقال الإمام النووي في "روضة الطالبين وعمدة المفتين" (1/ 234، ط. المكتب الإسلامي): [تطويل السجود أفضل من تطويل الركوع] اهـ.
وقال الإمام الشوكاني في "نيل الأوطار" (2/ 285، ط. دار الحديث): [الحكمة في تخصيص الركوع بالعظيم، والسجود بالأعلى: أن السجود لَمَّا كان فيه غاية التواضع لما فيه من وضع الجبهة التي هي أشرف الأعضاء على مَوَاطِئِ الأقدام كان أفضل من الركوع] اهـ.
ضابط في أفضلية الإطالة في ركن من أركان الصلاة
خلاصة ذلك: أن جميع مواطن الصلاة موضع للأفضلية إذ جميعها عبادة لله تعالى مأمور بها، ولا تتم الصلاة إلا بها، ومَردّ كون موضع منها أفضل من موضع آخر إنما يرجع لحال المُصلّي، وفي أيهما يجد قلبه ويصل بمقصوده من صلاته لربه، فإن وجد قلبه في القيام كانت الإطالة فيه الأفضل في حقه، وإن وجده في السجود كان كذلك.
وإن كان المقصود بالأفضلية الإطلاق مع تجردها عن حال المصلي، فإنه قد تواردت النصوص على المساواة بينهما في الأفضلية فيهما، لكونهما مواطن الخضوع لله تعالى وتساقط ما يحمله الإنسان من الذنوب والآثام.
فعن عَبْد اللهِ بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: «إِنَّ أَفْضَلَ الصَّلَاةِ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ» رواه الإمام مسلم في "صحيحه".
وعن عبدِ اللهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما، أنه رَأَى فَتًى وَهُوَ يُصَلِّي قَدْ أَطَالَ صَلَاتَهُ، وَأَطْنَبَ فِيهَا، فَقَالَ: مَنْ يَعْرِفُ هَذَا؟ فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: لَوْ كُنْتُ أَعْرِفُهُ لَأَمَرْتُهُ أَنْ يُطِيلَ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا قَامَ يُصَلِّي، أُتِيَ بِذُنُوبِهِ، فوُضِعت عَلَى رَأْسِهِ أَوْ عَاتِقِهِ، فَكُلَّمَا رَكَعَ أَوْ سَجَدَ تَسَاقَطَتْ» أخرجه ابن حبان في "الصحيح"، والطبراني في "المعجم الكبير"، والبيهقي في "السنن الكبرى" و"شعب الإيمان".
الخلاصة
بناءً على ما سبق: فإنَّ الاعتدال بين أركان الصلاة من هدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو ممَّا يحسن فيها، ولا أفضلية لركن على ركن في الأداء؛ لكون جميعها مأمورًا بها لا تتم الصلاةُ ولا تصِحُّ إلا به، أما إذا رغب المصلي في الإطالة في أحد أركانها عن البَقِيّةِ، فإنَّ الأفضلية في ذلك ترجع في أيٍّ منها إلى ما يجد من حضور قلبه، ويخشع لربه، ويحقق مقصوده، فإن كان حاله حال التعظيم والخوف من الله كانت الإطالة في الركوع أفضل لحاله؛ لكونه مقام التعظيم إن تحقق من وجود قلبه به، وإن كان حاله حال الرجاء والدعاء كانت الإطالة في السجود أفضل؛ لكونه مقام الدعاء إن تحقّق من وجود قلبه به أيضًا.