نزوح السيولة النقدية يكشف سرعة تكيّف صناديق أسواق المال مع رفع الفائدة
أدى التدفق النقدي الأخير من الودائع المصرفية إلى أدوات سوق المال لمزيد من تركيز المستثمرين على مدى سرعة الاستجابة الكبيرة في تمرير تعديلات بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي على أسعار الفائدة.
على مدى العقدين الماضيين؛ مررت صناديق الاستثمار في أسواق المال حوالي 88% من التعديلات على أسعار فائدة البنك المركزي الأمريكي للمستثمرين، مقارنة مع 26% فقط لأسعار الفائدة على الودائع النقدية للأفراد – ما يفوق ثلاثة أضعاف القيمة – بحسب منشور على مدونة بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، من شأن هذه الديناميكية، علاوة على تأثيرات تأخير الاستجابة، أن تعطي مجالاً لمواصلة تصاعد حجم صناديق استثمار أسواق المال.
بعد تحديث دراسة تعود في الأصل إلى 2019، استنتج باحثون من بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك أنَّ أدوات سوق المال واصلت الاستجابة بوتيرة كبيرة أثناء دورة زيادات أسعار فائدة البنك المركزي الأمريكي الأخيرة. إثر ذلك؛ يفترض الباحثون أنَّ نمو قطاع الصناديق التعاونية الخاصة بسوق المال في الولايات المتحدة الأميركية يُرجح أن يستمر بعد عمليات رفع الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي خلال السنة الماضية.
كتب فريق بحثي يضم غارا أفونوس بمنشور يوم الإثنين على مدونة "ليبيرتي ستريت إيكونوميكس" التابعة لبنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك: "أثناء دورة تشديد السياسة النقدية الحالية، ارتفعت عوائد صناديق استثمار أسواق المال 4.13 نقطة مئوية، بما يواكب تقديرنا السابق لعامل "بيتا"، في الفترة بين عامي 2002 و2020، وبالمقابل، بقيت أسعار الفائدة على الودائع ثابتة".
أشاروا إلى أنَّه خلال الفترة بين أبريل 2022 ويناير 2023 – التي شهدت تشديداً كبيراً لسياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي النقدية – ارتفعت أصول صناديق الاستثمار في أسواق المال لـ4.62 تريليون دولار أمريكي من 4.31 تريليون دولار أمريكي خلال أبريل 2022، ويعتقد الباحثون أنَّ هذه الزيادة "محدودة إلى حد ما" مع الأخذ في الاعتبار أنَّ بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي رفع سعر الفائدة الأساسي المستهدف بمقدار 4.25 نقطة مئوية نهاية يناير الماضي ليبلغ نطاق 4.25% - 4.50%.
رجح موظفون ببنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك في المدونة أنَّ ذلك "يعود لتأخر حدوث تأثير السياسة النقدية على تدفقات المستثمرين بصناديق الاستثمار في أسواق المالي، وأنَّ تشديد السياسة النقدية الأخير، في الحقيقة، قد يعزز بدرجة أكبر التوسع في قطاع صناديق استثمار أسواق المال بالمستقبل القريب".
نما مقدار النقد المُستثمر في صناديق أسواق المال بصورة أكبر مقارنة بذلك التوقيت في أعقاب رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة أكثر- وصل المؤشر الرئيسي حالياً لنطاق 4.75% - 5.00% - والاضطرابات المصرفية المصاحبة لانهيار مصرف "سيليكون فالي بنك" ومصارف أخرى.
في ظل مخاوف مرتبطة بآفاق المؤسسات الصغيرة التي دفعت الكثيرين لسحب الأموال من الحسابات المصرفية، ارتفع إجمالي أصول صناديق استثمار أسواق المال حالياً ليصل إلى 5.2 تريليون دولار أمريكي، بحسب بيانات "إنفستمنت كومباني إنستيتيوت" (Investment Company Institute)، ويتضمن ذلك ما يفوق 300 مليار دولار أميركي من صافي الأموال الجديدة في غضون 3 أسابيع فقط.
بكل تأكيد، تنقلب سرعة استجابة شركات إدارة صناديق الاستثمار في أسواق المال لزيادة أسعار الفائدة الفيدرالية مقارنة بالمصارف بطريقة عكسية خلال فترات تبني سياسية التيسير النقدي.
يأخذ المضاربون هذا الأمر في الحسبان مستقبلاً، لكن قبل ذلك، تشير حالة السوق إلى أنَّه قد يتم رفع أسعار الفائدة لمرة واحدة أخرى على الأقل في المستقبل خلال اجتماع السياسة النقدية المقبل لبنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.
يُظهر التسعير الحالي بأسواق عقود المقايضة أنَّ توقُّعات الرفع بمقدار ربع نقطة مئوية في مايو المقبل هي الأوفر حظاً، في حين تشير إلى احتمال حدوث عمليات تخفيض تفوق نصف نقطة مئوية مع حلول نهاية 2023.
اختتم الباحثون منشور المدونة بقولهم: "الفجوة بين العائد على الودائع المصرفية وعائدات أسهم صناديق الاستثمار في أسواق المال بالنسبة للسوق الكلية المعروفة بعامل "بيتا" نتيجة تحرك سعر فائدة البنك المركزي تزيد من جاذبية الأخيرة عندما يشدد بنك الاحتياطي الفيدرالي من سياسته النقدية، وتحد من جاذبيته عندما يقلص أسعار الفائدة، ومن ثم، يرتبط حجم قطاع صناديق الاستثمار في أسواق المال بدورة السياسة النقدية تشديداً وتيسيراً، وإن جاء ذلك متأخراً".