واشنطن تدرس تحميل المصارف الكبرى 23 مليار دولار كجزء من تكلفة أزمة البنوك
تدرس المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع، التي تواجه تكاليف تبلغ نحو 23 مليار دولار نتيجة انهيار بنوك في الآونة الأخيرة، توجيه جزء أكبر من المعتاد من هذا العبء إلى أكبر البنوك الأميركية، وفقاً لأشخاص على دراية بالأمر.
قالت المؤسسة إنها تخطط لاقتطاعات جديدة في الصناعة في مايو لدعم صندوق التأمين على الودائع البالغ حجمه 128 مليار دولار من المنتظر أن يتأثر بشدة جراء انهيار بنكي "سيليكون فالي" و"سينغنتشر" مؤخراً. أشارت الهيئة التنظيمية، الواقعة تحت ضغط سياسي لتجنيب البنوك الصغيرة تبعات الأزمة، إلى أن لديها حرية الحركة في كيفية تحديد تلك الرسوم.
وراء الكواليس، يتطلع المسؤولون للحد من الضغط على البنوك المحلية عن طريق تحويل جزء كبير من النفقات نحو مؤسسات أكبر كثيراً، وفقاً لأشخاص على دراية بالمناقشات. هذا من شأنه أن يزيد التكلفة المقدرة حالياً بمليارات الدولارات على البنوك الكبيرة مثل "جيه بي مورغان تشيس آند كو" و"بنك أوف أميركا" و"ويلز فارغو اند كو".
محا مؤشر ناسداك للبنوك الصغيرة والإقليمية الخسائر وارتفع 0.2% اعتباراً من الساعة 3:25 مساء في نيويورك بعد أن أبلغت بلومبرغ عن المداولات الداخلية لمؤسسة التأمين الاتحادية. قلصت أسهم البنوك الكبيرة المكاسب وانتعشت في غضون ساعة.
لا تزال المحادثات بشأن تحديد حجم التقييم وتوقيته في مراحل مبكرة. قال أشخاص، طلبوا عدم ذكر أسمائهم كي يتسنى لهم الحديث عن المداولات الخاصة، إن الاعتماد بشدة على البنوك الكبرى يُنظر إليه على أنه الحل الأكثر قبولاً سياسياً.
امتنع ممثلو المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع و"جيه بي مورغان تشيس آند كو" و"بنك أوف أميركا" و"ويلز فارغو اند كو" عن التعليق.
تعد كيفية توزيع كلفة انهيار "سيليكون فالي بنك" و"سينغنتشر" بالفعل موضوعاً ساخناً في واشنطن، حيث ضغط المشرعون على رئيس مجلس إدارة المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع مارتن غرينبرغ ووزيرة الخزانة جانيت يلين ورئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول بشأن من سيتحمل العبء، خاصة بعد قرار غير معتاد لدعم ودائع هذين البنكين. أنقذ هذا الإجراء الاستثنائي عدداً كبيراً من الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا والعملاء الأثرياء الذين تجاوزت أرصدتهم بكثير الحد النموذجي للتغطية الذي حددته مؤسسة التأمين الفيدرالية وهو 250 ألف دولار.
قال السناتور الجمهوري جون بوزمان ليلين في جلسة استماع الأسبوع الماضي: "إنني قلق من أن يتعين على مواطني (ولاية) أركنساس دعم ودائع سيليكون فالي وسيغنتشر، وربما غيرها من الودائع. هل سيتم فرض رسوم التقييم الخاص على البنوك المجتمعية؟".
وأكدت له أن مؤسسة التأمين على الودائع لديها هامش حرية في تحديد البنوك التي ستدفع. وأضاف غرينبرغ في جلسة استماع يوم الأربعاء، عند سؤاله عن الضغط على البنوك المحلية: "سنكون حساسين للغاية للتأثير (الذي قد يقع عليها). لدينا السلطة التقديرية لتحديد هذا التقييم للمؤسسات التي حققت أكبر استفادة مباشرة".
كانت الفوضى التي أطاحت ببنكي "سيليكون فالي" و"سيغنتشر"، بطريقة واحدة على الأقل، نعمة لأكبر البنوك في البلاد. كان كل من هذين البنكين قد اجتذب المليارات من الودائع غير المؤمن عليها والتي ثبت أنها غير مستقرة، ما أجبرهما على تكبد خسائر من مبيعات أصول متسرعة لإعادة هذه الودائع للعملاء. عمد العملاء في البنوك الصغيرة في أنحاء الولايات المتحدة على أثر ذلك إلى تحويل الأموال السائلة إلى البنوك العملاقة، وإغراقها بتمويل رخيص.
تدفع البنوك رسوماً لصندوق التأمين التابع لمؤسسة التأمين الفيدرالية كل ثلاثة أشهر لأنها تجتذب الودائع المؤهلة لحماية المؤسسة. وما دامت البنوك تجد طرقاً لكسب المزيد من خلال إقراض الأموال أو استثمارها، فإنها تحقق أرباحاً.
تتباين رسوم مؤسسة التأمين على الودائع تبايناً شديداً. ألزم قانون دود فرانك لإصلاح القطاع المصرفي لعام 2010 المؤسسة بمراعاة حجم البنك عند تحديد التصنيفات الفردية. ويمكن أن يلعب تعقيد البنك والتصنيفات التنظيمية السرية دوراً أيضاً في هذا الصدد. وهذا يعني أن البنك الكبير لا يدفع أكثر فقط لأنه به المزيد من الودائع، ولكن أيضاً لأن تصنيفه أعلى بكثير.
فعندما يتعرض الصندوق الرئيسي لمؤسسة التأمين الفيدرالية لهزة، يمكن للمؤسسة فرض تقييم خاص لتسريع إعادة تعبئة خزائنها، ويمكنها تحديد كيفية وضع تلك التصنيفات وبالتالي الرسوم.
وبالإضافة إلى تحديد البنوك التي ربما استفادت، أبلغ جرينبرغ مجلس الشيوخ في شهادة مكتوبة هذا الأسبوع بأن المسؤولين قد ينظرون إلى "الظروف الاقتصادية والآثار على الصناعة وعوامل أخرى مثل التي تراها مؤسسة التأمين الفيدرالية مناسبة وذات صلة".
وقال إنه بمجرد أن تصبح المؤسسة جاهزة لاقتراح صيغة في مايو، فإنها ستسعى للحصول على اقتراحات "من المعنيين جميعاً".
في الكونغرس، يطالب المشرعون علناً الهيئات التنظيمية بتجنيب البنوك الصغيرة الاضطرار إلى تمويل التدخل الاستثنائي في "سيليكون فالي بنك" لإنقاذ من وصفتهم السناتور باتي موراي "بالمودعين فاحشي الثراء".
قالت السناتور الديمقراطية من واشنطن ليلين في جلسة استماع: "أنتم توجدون الحاجة إلى تقييم خاص سيُفرض على تلك البنوك المجتمعية المدارة جيداً والتي لم تأخذ هذه المخاطر". وأشارت موراي إلى أن العديد من البنوك الصغيرة تلبي احتياجات الأشخاص الذين لديهم أموال أقل بكثير.
فعندما شرعت مؤسسة التأمين الفدرالية في جمع 5.5 مليار دولار من خلال تقييم خاص في عام 2009، قال "جيه بي مورغان" إن الرسوم الإضافية انتزعت 675 مليون دولار من أرباحه في الربع الثاني.
ويمكن لتداعيات أزمة "سيليكون فالي" و"سيغنتشر" أن تتجاوز ذلك بكثير. قدرت مؤسسة التأمين يوم الأحد أن انهيار "إس في بي" سيتكلف 20 مليار دولار، علاوة على 2.5 مليار تتوقعها من "سيغنتشر". ومن غير الواضح مدى السرعة التي ترغب بها المؤسسة في جمع التقييم.
في الآونة الأخيرة، واجه بعض البنوك الكبيرة أيضاً ضغوطاً لدعم الميزانية العمومية لبنك متعثر آخر، وهو "فيرست ريبابليك بنك". في الوقت الحالي، تمنح الهيئات التنظيمية هذا البنك مزيداً من الوقت للتوصل إلى اتفاق لتعزيز ميزانيته العمومية، حسبما قال أشخاص مطلعون على الوضع في أواخر الأسبوع الماضي.
ولكن بعد المحادثات مع المسؤولين الحكوميين، توقع بعض المديرين التنفيذيين في وول ستريت أنه حتى إذا لم تضخ بنوكهم المزيد من الأموال في "فيرست ريبابليك"، فلا يزال من الممكن أن يجدوا أنفسهم على مسار آخر: الدفع بموجب تقييم خاص لمؤسسة التأمين الفيدرالية إذا تدخلت المؤسسة لإنقاذ هذا البنك.