وزير العدل: توجيه رئاسي بالاستفادة من مزايا التكنولوجيا في الخدمات المقدمة للمواطنين
أكد المستشار عمر مروان، وزير العدل، أن الرئيس عبد الفتاح السيسي يولي اهتماما كبيرا بتحقيق العدالة الناجزة والقضاء على بطء التقاضي، والاستفادة من المزايا التي يتيحها التطور التكنولوجي بغية تحسين جودة ونوعية الخدمات التي تقدمها القطاعات المختلفة لوزارة العدل، في إطار رؤية استراتيجية قوامها رفع الأعباء من على كاهل المواطنين والتيسير عليهم.
وشدد وزير العدل، في حديث خاص أجراه مع الكاتب الصحفي علي حسن، رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط، على أن الرئيس السيسي يحرص، قولا وفعلا، على استقلال القضاء وعدم التدخل في شئون العدالة، باعتبار أن هذا الأمر من ضمانات استقرار الدولة وأساس للحكم الرشيد، فضلا عن إبداء التقدير والاحترام الكبيرين لقضاة مصر ورسالتهم السامية بتحقيق العدالة وإنصاف المظلومين.
وأشار إلى أن هناك توجيهات رئاسية بضرورة الارتقاء بكل عناصر منظومة العدالة، بما ينعكس إيجابا على المواطن المصري، وذلك عبر تعزيز قدرات القضاة والجهات المعاونة لهم من خلال مواصلة العلم والتدريب والتطوير، والتوسع في إنشاء دور العدالة، والاستفادة من مزايا الرقمنة في استحداث آليات خدمية متطورة.
ولفت وزير العدل إلى أن النجاح الكبير والمشهود الذي حققته المرأة في فترة وجيزة عقب دخولها العمل بالنيابة العامة ومجلس الدولة للمرة الأولى، أثبت صوابية التوجيه الرئاسي بضرورة منح المرأة حقوقها كاملة في الالتحاق بالعمل القضائي من أول السُلم الوظيفي وليس مجرد النقل بين الجهات والهيئات القضائية.
وقال: "شاهدنا للمرة الأولى في التاريخ القضائي، المرأة تمثل الادعاء العام والمرافعة أمام محاكم الجنايات في أكثر القضايا تعقيدا، بما فيها جرائم القتل، وجلست على منصة القضاء للفصل في المنازعات، ونجحت التجربة نجاحا فاق كل توقع، وكل ذلك يرجع إلى إيمان الرئيس عبد الفتاح السيسي بدور المرأة في المجتمع، وثقته في إمكانياتها المتعددة التي تسهم في رفعة شأن الوطن بجانب جهود الرجال".
وأكد، أن لجنة منازعات الاستثمار التي يترأسها، لا تدخر جهدًا في سبيل الفصل في المنازعات المعروضة عليها بما يساهم في تهيئة المُناخ الملائم للاستثمار وعدم وجود أي عقبات تعوق عمل المستثمرين، موضحا أن اللجنة انتهت بالفعل من الفصل في 995 منازعة من إجمالي 1043 منازعة، وأن عمل اللجنة يتميز بالسرعة والمرونة اللازمين.
وأعرب مروان عن سعادته الكبيرة بعودة العمل إلى محكمة شمال سيناء بعد القضاء على الإرهاب، مشيرًا إلى أن استئناف العمل بالمحكمة هو نتيجة لعودة الاستقرار والأمن والأمان لبقعة غالية من أرض الوطن وعودة الحياة إلى طبيعتها بالكامل، لافتًا إلى أن القرار لاقى ترحيبًا من القضاة وأعضاء النيابة العامة للعمل بالمحكمة، الذين أبدوا استعدادهم لأداء رسالتهم وخدمة وطنهم، فضلا عن الارتياح الكبير الذي قوبل به القرار من قبل المحامين والمتقاضين باعتبار أنه يحقق راحتهم ويسهل إجراءات التقاضي لهم بدلا من السفر إلى محافظة أخرى للحصول على هذا الحق.
وكشف وزير العدل النقاب عن أن اللجنة المكلفة بإعداد مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد، شارفت على الانتهاء من عملها، مشيرًا إلى أن عملية إعداد المشروع تتعاون فيها كل الجهات المعنية مع اللجنة، حتى يمكن الوصول إلى قانون متوازن ومتكامل للأحوال الشخصية يعالج كافة المشاكل المطروحة ويضع حلولا لها ويحافظ على كيان الأسرة ويحمي مصالح كافة أفرادها.
وأوضح، أن اللجنة التي تعد مشروع القانون تضم نخبة من المتخصصين في قضايا الأحوال الشخصية والأسرة، وحصلت من جهات الدولة المختلفة على جميع البيانات والإحصاءات والمعلومات اللازمة، بحيث يُبنى القانون الجديد على أسس علمية دقيقة ومنضبطة تواكب الحداثة وظروف المجتمع المصري، وبعيدا عن الهوى والانطباعات، بما يساهم بفعالية في معالجة الأزمات الأسرية.
وأشار إلى أنه في أعقاب انتهاء اللجنة من عملها، سيتم طرح مشروع القانون للحوار المجتمعي والاستماع إلى كل الآراء بشأن جميع بنوده، ووضعها في الاعتبار، وإدخال التعديلات اللازمة إذا ما اقتضى الأمر، ثم وضع الصياغة النهائية وعرضه على مجلس الوزراء ثم البرلمان، مُشددًا على أن الرئيس السيسي يولي اهتماما خاصا بالأسرة المصرية وحريص كل الحرص على ضرورة الحفاظ على كيانها ومستقبل أفرادها.
واستعرض مروان تفاصيل الخطة الاستراتيجية التي وضعتها وزارة العدل في سبيل القضاء على بطء التقاضي وتحقيق العدالة الناجزة، مشيرا إلى أن وتيرة التقدم السريع المحرز في هذا الملف على مدى 3 سنوات، من شأنها القضاء تماما على بطء التقاضي في غضون العامين القضائيين القادمين.
وأكد أن الجهد الاستثنائي المبذول، بالتوازي مع جهود القضاة ورغبتهم الأصيلة في أداء رسالتهم السامية على أفضل صورة ممكنة، أثمر عن تحسن كبير في وتيرة إنجاز الدعاوى أمام المحاكم المختلفة، حيث تضاءلت إلى حد كبير الشكوى من بطء التقاضي المزعج، لافتا إلى أن إرجاء الدعاوى القضائية أصبح لمدة قصيرة ولا يتم التأجيل لذات السبب أكثر من مرة.
ولفت إلى أن الخطة الاستراتيجية لمعالجة بطء التقاضي، تتضمن أيضا إجراء التفتيش الدوري على المحاكم، والعمل على إنجاز الدعاوى أمام مكاتب الخبراء، لافتا إلى أنه تم إنجاز معظم الدعاوى الواردة للخبراء عن عام 2020 وما قبله.
وأشار إلى أنه جرى إعطاء أولوية للقضايا الأقدم، واعتبار كل دعوى مدنية أقيمت قبل عام 2020 وكل دعوى أمام محاكم الأسرة أقيمت قبل عام 2021 لها الأولوية في الفصل فيها، إلى جانب رفع كفاءة وتطوير 38 محكمة ابتدائية و337 محكمة جزئية، فضلا عن التطوير الشامل الذي طال 45 محكمة ومبنى للجهات التابعة لها، فضلا عن إنشاء المحاكم الجديدة، والتوسع في دورات تدريب القضاة والعاملين بالجهات المعاونة لهم، لصقل مهاراتهم الفنية، لتصل إلى قرابة 600 دورة وورشة تدريبية.
وتطرق وزير العدل إلى مشروع مثول المتهمين المحبوسين احتياطيا عن بُعد أمام القضاء للنظر في تجديد الحبس، مشيرا إلى أن دخوله حيز التنفيذ أسهم في انتظام العمل في جلسات نظر تجديد الحبس دون تأخير، والحد من خطورة نقل المحبوسين من أماكن حبسهم إلى المحاكم، إلى جانب توفير نفقات نقل المتهمين من مقار الحبس إلى المحاكم.
وأوضح أنه كان يتم يوميا نقل المحبوسين احتياطيا من 236 سجنا عموميا ومركزيا وأماكن الحبس، إلى مقار المحاكم المختصة في عموم الجمهورية، لنظر إجراءات تجديد حبسهم، بمتوسط نحو 1000 مأمورية ترحيل يوميا.
وقال إن هذا المشروع حقق أيضا هدفا صحيا ووقائيا في ظل جائحة كورونا، إذ ساهم بشكل كبير في الحد من تعرض المحبوسين احتياطيا، للمخالطة مع الغير أثناء نقلهم إلى المحاكم والعودة إلى أماكن الحبس.
وشدد على أن وزارة العدل خطت خُطى ثابتة نحو التحول الرقمي في مختلف إجراءات التقاضي في سبيل التخفيف عن كاهل المواطنين ومواكبة العصر، حيث تم إطلاق نظام التقاضي الإلكتروني في جميع المحاكم الاقتصادية على مستوى الجمهورية، فأصبحت الدعوى تقام عن بُعد ابتداء من إيداع الصحيفة وحتى إصدار الحكم واستئنافه.
وأضاف أنه تم تطبيق نظام إقامة الدعوى المدنية عن بُعد في 22 محكمة ابتدائية و 34 محكمة جزئية، فضلا عن النظام المتكامل لميكنة مراسلات الإعلان بشأن القضايا المقامة عن بُعد، وميكنة كافة مراحل تداول الدعوى والعمل الإداري لملفات الدعوى المدنية.
وتابع أن وزارة العدل بدأت المرحلة التجريبية من مشروع ميكنة محاضر جلسات المحاكم وتحويل الصوت إلى نص مكتوب، حيث بدأ العمل به في محكمة القاهرة الجديدة تمهيدا لتعميمه على كافة المحاكم، موضحا أن المشروع يقوم على استخدام "الذكاء الصناعي" في منظومة التقاضي، ويشمل مرافعات المحامين الشفوية وطلباتهم وقرارات القضاة، وتحويلها إلى محرر مكتوب يُطبع في نهاية الجلسة.
وأكد أن خطة تحقيق العدالة الناجزة، تضمنت أيضا تطوير الجهات المعاونة للقضاة ومنها الخبراء والطب الشرعي، باعتبار أنهما يعدان التقارير الفنية اللازمة للفصل في الدعاوى، بما يسهم في تحقيق العدالة الناجزة، موضحا أنه جرى إدخال أحدث الأجهزة والمعدات الفنية في دار التشريح والمعامل الكيماوية والطبية ووحدات أبحاث التزييف والتزوير وإنشاء عيادات العنف ضد المرأة والطفل.
وفي ما يتعلق بتطوير العمل وخدمات التوثيق والشهر العقاري، قال المستشار عمر مروان وزير العدل، إن هناك توجيها واضحا من قبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، بتحديث منظومة عمل التوثيق والشهر العقاري، واعتماد الوسائل التكنولوجية الحديثة والتوسع في إنشاء المقار الجديدة في جميع المحافظات للحد من الزحام والتكدس وتلبية احتياجات وظروف المواطنين تخفيفا عنهم.
وأوضح أن وزارة العدل وضعت في سبيل تطوير القطاع خطة متكاملة تقوم على زيادة عدد الموظفين، وتطوير وزيادة المقرات، والاستفادة من التحول الرقمي، وتدريب العاملين، وتبسيط الإجراءات وتيسير نقل الملكية، وإنشاء وحدة لتلقي الاستفسارات وشكاوى الشهر العقاري والمتابعة، والتيسير وإنجاز معاملات ذوي الإعاقة وكبار السن كأولوية، ووضع آلية تقييم دورية لقياس مدى كفاءة وفاعلية الخطوات المتخذة لتحقيق رضاء المواطنين.
وأشار إلى أنه تم تدعيم الشهر العقاري والتوثيق بأعداد كبيرة من الموظفين والباحثين المدربين بصورة راقية، حيث بلغ عدد العاملين بالقطاع على مستوى الجمهورية 6561 موظفا، وذلك في سبيل القضاء على الزحام والتكدس وإنهاء تأخر معاملات المواطنين، إلى جانب إبرام بروتوكولات تعاون لافتتاح وتشغيل فروع التوثيق داخل المكاتب البريدية والمجمعات الخدمية الحكومية والمجمعات التجارية (المولات) ومقار شركات الاتصالات والبنوك، فضلا عن استحداث خدمات التوثيق من خلال السيارات المتنقلة.
وقال إنه تم أيضا إطلاق 27 خدمة من خدمات التوثيق عبر (بوابة مصر الرقمية) على شبكة الإنترنت وأبرزها خدمات تحرير توكيلات القضايا والتوكيل العام الرسمي وإقرار تصحيح محرر موثق، واعتماد آليات السداد الإلكتروني نظير الخدمات المقدمة وتحديد الفرع الذي يُمكن من خلاله استلام المعاملة وتوقيت الاستلام، فضلا عن إنشاء تطبيق (أرغب في عمل توكيل) من خلال الهواتف الذكية الذي يمكن من خلاله حجز مواعيد وتحديد أقرب الفروع لإنجاز المعاملات.
وأضاف: "هذه الإجراءات التي اتُخذت بزيادة أعداد الموظفين، وفتح منافذ جديدة لتقديم الخدمات، واستخدام التطوير التقني في إنجاز المعاملات، أدت إلى تخفيف حدة مشكلة التكدس في مقار الشهر العقاري والتوثيق بشكل كبير للغاية، وتحولت الصورة في عين كل منصف من الزحام والتأخير اليومي في كل مقار الشهر العقاري والتوثيق، إلى صورة حضارية أفضل حالا ".
واختتم حديثه قائلا إنه يجري العمل حاليا على إنشاء 333 فرعا لمكاتب التوثيق في إطار المشروع القومي لتطوير قري الريف المصري تنفيذا لمبادرة (حياة كريمة) التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي، وذلك داخل المجمعات الخدمية الحكومية على مستوى القرى الأم.