«معلومات الوزراء»: المعادن النادرة سيكون لها دور أساسي في رسم خريطة العالم
ذكر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء أن الأعوام الأخيرة شهدت تحولًا جذريًا في الحروب ومفاهيمها ونظرياتها وأدواتها، فلم تعد الحروب في الوقت الحالي حروبًا تقليدية بالمعني المتعارف عليه، وإنما باتت الحروب مزيجًا من الحروب التقليدية وغير التقليدية، وذلك بفعل التطورات التكنولوجية المتسارعة التي تلعب دورًا واضحًا وملموسًا في تغيير مستقبل الحروب والصراعات.
جاء ذلك في العدد الذي أصدره مركز المعلومات من سلسلة "مستقبليات"، وتهدف الدورية إلى تقديم رؤى مستقبلية حول أحد الموضوعات ذات البعد المستقبلي، وجاء العدد بعنوان "مستقبل الحروب"، وضم مجموعة من المقالات لأبرز الكتَّاب والخبراء والباحثين من داخل وخارج مركز المعلومات.
وأشار إلى أن الذكاء الاصطناعي يعد أحد العوامل البارزة التي تلعب دورًا أساسيًا في الحروب المستقبلية، ويعمل على قلب موازين القوى، وذلك نظرًا لدوره المحوري في تسريع عميلة اتخاذ القرارات واستجابة القادة بشكل كبير، وهو ما يسمح بمعالجة المعلومات بشكل أسرع، حيث يساهم الذكاء الاصطناعي والإنترنت والأقمار الصناعية في تغيير شكل الأسلحة في المعركة، وخفض أعداد الجنود، فلم تعد الأسلحة تعتمد على البشر بشكل مباشر، وأبرز الأمثلة على تلك الأسلحة (الطائرات، والدبابات، والغواصات) التي يمكنها القيام بمختلف العمليات العسكرية بواسطة التحكم فيها عن بعد، هذا بجانب الأسلحة الاستراتيجية غير التقليدية التي بدأت تحتل وزنًا كبيرًا في الحروب الحالية والمستقبلية، والتي سيكون لها دور أساسي في رسم خريطة العالم في المستقبل مثل المعادن الأرضية النادرة، وغيرها من مختلف الأسلحة الاقتصادية والاجتماعية التي تستخدمها الدول في التنافس فيما بينها.
ونوه بأنه اتسعت ميادين المعارك وامتدت بعيدًا عن الحدود الجغرافية للدول المتنافسة في الحرب، فأصبح الفضاء وأعماق البحار والفضاء الإلكتروني أبرز ميادين الحروب المستقبلية، كما أصبحت المجتمعات هدفًا جوهريًا في الصراعات المستقبلية وليس الجيوش فقط.
ولفت إلى أنه في ضوء ذلك بدأت أغلب الدول تدعم قدراتها في الحروب الإلكترونية والقدرات السيبرانية، وترفع ميزانيات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الرقمية والإنترنت لديها.
تضمن العدد -من خلال مقالات الخبراء والمتخصصين والباحثين الواردة به- موضوعات حول مستقبل الحروب الاقتصادية والتأثيرات المحتملة لها، وتضمنت موضوعات عن التحول الاستراتيجي للمنافسة التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، بالإضافة إلى موضوعات حول المناخ وسيناريوهاته عام 2050، حيث تم استعراض توقعات الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالمناخ بشأن الارتفاع غير المسبوق في متوسط درجات الحرارة العالمية؛
كذلك تناول العدد مستقبل حروب الموارد، وسلاح المعادن الأرضية النادرة، حيث ركز هذا الجزء على أهمية المعادن الأرضية النادرة لكونها العنصر الأساسي المكون لمختلف المنتجات والسلع التكنولوجية، وقد قُدر حجم السوق العالمية للمعادن النادرة بمبلغ 6,335.74 مليون دولار أمريكي في عام 2022، ومن المتوقع أن يكون مقدار النمو السنوي المركب بمعدل 13.40% ليصل إلى 11905.04 مليون دولار أمريكي بحلول عام 2027، وتستحوذ الصين على 38% من احتياطات العناصر النادرة حول العالم، وتُستخدم المعادن الأرضية النادرة كسلاح استراتيجي في التنافس بين الدول، ومن المتوقع أن المعادن الأرضية النادرة سوف تحتل وزنًا كبيرًا في الحروب المستقبلية؛ حيث أصبحت ساحة استراتيجية في التنافس بين مختلف الدول، وسيكون لها دور أساسي في رسم خريطة العالم.
كما تضمن العدد قسماً خاصاً اشتمل على موضوعات عن مستقبل الحروب السيبرانية والمعلوماتية وأبرز انعكاسات وآثار التكنولوجيا على الحروب التقليدية، ومستقبل الحروب السيبرانية في ظل الحرب الروسية الأوكرانية، بالإضافة لقسم آخر عن مستقبل الحروب غير النمطية بين الماضي والمستقبل، ومن ذلك: مستقبل الحروب غير المتماثلة، ودور التسويق الاجتماعي في مواجهة الحروب غير التقليدية، وتطورات الحروب الدولية في مجال تعدين الفضاء للحصول على المعادن النادرة، ومن أهم أسباب التسابق نحو تعدين الفضاء "وجود كميات هائلة من المعادن النفيسة والنادرة على سطح الكويكبات المجاورة للأرض"، و"إمكانية تحويل الجليد المائي المكتشف على سطح القمر إلى وقود هيدروجين يمكن استخدامه في تزويد الأقمار الصناعية بالوقود" و"إمكانية استخدام التربة القمرية كمواد للبناء"، و"نقل المعادن النادرة التي يتم اكتشافها على القمر والكويكبات لإعادة استخدمها وبيعها على كوكب الأرض".
جدير بالذكر أنه نتيجة لحالة التسارع القائمة بين الدول للحصول على موارد الفضاء فقد ارتفع الإنفاق الحكومي العالمي على مبادرات الفضاء ليصل إلى مستوى جديد بلغ نحو 93 مليار دولار في عام 2021، حيث جاءت الولايات المتحدة الأمريكية على رأس الحكومات التي تنفق على برامج الفضاء وبلغ حجم إنفاقها في عام 2021 نحو 54.9 مليار دولار، وتليها الصين في المرتبة الثانية بحجم إنفاق بلغ نحو 10.3 مليار دولار، ثم اليابان بحجم إنفاق بلغ نحو 4.2 مليار دولار بينما جاءت روسيا في المرتبة الخامسة بحجم إنفاق بلغ نحو 3.6 مليار دولار، وبالتالي يمكن القول بأنه في ظل عدم وجود إطار دولي محايد أو اتفاقيات جديدة تنظم وتحكم جميع الدول التي ترتاد الفضاء، سيتفاقم الصراع العالمي على الموارد والقوة.