«محمية المأوى» في الأردن ملاذ أمن لأسود ونمور صارعت الموت في مناطق النزاع الدولي
يبدو أن الأردن لم يعد فقط محطة للاجئين والنازحين من البشر جراء مناطق النزاعات والصراعات التي تحيط ببلاد الهاشميين ولكنه أيضا أصبح ملجأ ومأوى للحيوانات التي لم ترحمها القنابل ورصاص الصراعات في الدول المحيطة بالمملكة الأردنية الهاشمية.
فــ"محمية المأوى" والتي تقع في محافظة جرش شمال الأردن، وتحديدا في الطريق الصاعد إلى جبل المنارة في مدينة سوف غرب مدينة جرش، تعد مركزا طبيعيا أنشأته مؤسسة الأميرة عالية بنت الحسين بالشراكة مع إحدى المؤسسات الدولية لإيواء حيوانات ربما عاشت لفترات تحت تهديد السلاح في مناطق النزاع المحيطة بالأردن كسوريا والعراق وفلسطين وربما خارج القطر أيضا .
أكثر من 260 فدانا محاطة بسور من الأسلاك الشائكة وبتأمين عال المستوى، توفر عملية الإيواء والإنقاذ للحيوانات من خلال السلطات المختص سواء كانت تلك الحيوانات من داخل الأردن أو من خارجه من مناطق الحروب المجاورة حيث تعيش في تلك المحمية عبر تقديم كافة الرعاية الصحية والطبية وسبل العيش الكريم لحيوانات كل ما تستطيع أن تقوم به هو التعبير عن آلامها أمام الناظرين، وسط مساحة كبيرة من المساحات الخضراء والأعمدة، وغابات البلوط والقطلب والقيقب والبطم.
و"محمية المأوى" تأسست عام 2011 عبر مقر لها في عمان والآن هي محمية في جرش وهي الأولى من نوعها في الشرق الأوسط لرعاية وإيواء الحيوانات المفترسة وحماية الحيوانات المصادرة من التجارة غير الشرعية في داخل الأردن وخارجه ، فيما تحتوي المحمية على أكثر من 70 حيوانا بينهم أسود ودبب وضباع و نمور وغيرها.
دور المحمية المحوري
مدير المحمية المهندس مصطفى خريسات، كشف لمدير مكتب وكالة أنباء الشرق الأوسط بعمان على هامش زيارة وزيرة البيئة الدكتورة ياسمين فؤاد ومحافظ الفيوم الدكتور أحمد الأنصاري لمحمية "المأوى"، أن الحيوانات الموجودة حاليا في المحمية جاءت أغلبها من مناطق النزاع في محيط الأردن كسوريا وفلسطين والعراق، مشيرا إلى أن فكرة إنشاء المحمية قائمة على أساس توفير الحماية والمأوى للحيوانات التي ربما كُتب لها الحياة مرة أخرى قادمة من مناطق الصراعات.
وقال خريسات إنه يوجد بالمحمية عدد من الأسود والنمور والدببة تم الحصول عليها في ظروف سيئة جدا في دول مجاورة من خلال التنسيق مع السلطات الأردنية وسلطات تلك البلدان وخصوصا سوريا خلال السنوات الماضية التي شهدت فيها أحداث مؤسفة منذ عام 2011، مشيرا إلى أن هناك حيوانات أخرى أيضا تم الحصول عليها من خلال محاولات تهريبها عبر المعابر الحدودية للأردن، أو من أشخاص حاولوا تربيتها داخل منازلهم بطريقة غير قانونية وتعرض أغلبها للتعذيب أو سوء المعاملة من أصحابها.
وأشار ، إلى أن كل حيوان من الحيوانات الموجودة له قصة وتاريخ وحدث ومسجل لدى الشئون الإدارية للمحمية، ضاربا مثلا بدب ودبة تم الحصول عليهما من سوريا استمرا في حالة عدم استقرار نفسي وجسدي لمدة 3 سنوات نظرا لما شعرا به من أصوات القنابل والصواريخ في سوريا.
وتابع أن المحمية والتي تم تأسيسها عام 2011، كشراكة بين مؤسسة الأميرة عالية بنت الحسين ومنظمة "FOUR Paws" النمساوية، تقوم فى الأساس على حماية المواقع الحيوية بالأصل، وهي من آخر الغابات المتبقية بهذه الكثافة فى الأردن، وفتحت أبوابها للجمهور أواخر 2018، مؤكدا أن هدفها إنساني في المقام الأول وليس ربحية.
ولفت، إلى أن الحيوانات الموجودة بالمحمية الكبيرة تخضع للعلاج وإعادة التأهيل فى بيئة تحاكي البيئة الطبيعية وسط المساحات الخضراء الواسعة والأشجار والرعاية الصحية والخبرات الدولية الموجودة ضمن برنامج عمل المحمية.
"التعاون المصري ـــ الأردني"
وخلال الجولة التفقدية، استمعت وزيرة البيئة ومحافظ الفيوم لشرح مفصل عن طبيعة تأسيس وعمل محمية "المأوى" الأردنية ، فيما أشادت الوزيرة بالمحمية باعتبارها مشروعا يعمل على تعزيز التعاون بين الجانبين المصري والأردني فى مجالات سبل الاستثمار فى المحميات الطبيعية والحفاظ عليها والتنوع البيولوجي من خلال تبادل الخبرات وعرض التجارب بين البلدين فى تلك المجالات خاصة وأن المشروع يعد الأول من نوعه فى دعم التعاون المصرى الأردنى فى مجال الاستثمار البيئي وحماية الطبيعة لمواجهة التغيرات المناخية.
ولفتت إلى أن التعاون المصري الأردني مثمر في كافة المجالات، مؤكدة أن هذا النوع من التعاون يعزز العلاقات المصرية الأردنية ويأتي في إطار التعاون في حماية البيئة ومواجهة التحديات المناخية.
محافظ الفيوم، بدوره أعرب عن إعجابه بنموذج العمل في محمية "المأوى"، مؤكدا أن المحافظة تعمل من أجل تبادل الخبرات والتجارب مع الأردن في قطاع المحميات الطبيعية.
وخلال جولة وزيرة البيئة ومحافظ الفيوم ، قدم خريسات، عرضا تفصيليا عن المحمية ونظامها الداخلي، معربا عن تطلعه لتبادل التجارب مع مصر في مثل هذه المحميات.
وتسعى مصر من خلال التعاون مع الأردن وخصوصا في مناطق محافظة الفيوم إلى إنشاء نموذج مثل محمية المأوي حيث أكد الدكتور أحمد الأنصاري، أن ملف الاستثمار بالمحميات الطبيعية من الملفات المهمة، التي تأتي على رأس أولويات المحافظة، في إطار الجهود الحثيثة للنهوض بكافة الفرص الاستثمارية الواعدة على أرض الفيوم تنفيذا لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي والدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء.
وأكد، أن المحافظة قامت بالتنسيق مع مؤسسة "فور بوز انترناشيونال"، خلال الأشهر الماضية، بعد عرض فكرة مشروع "ملاذ آمن للحيوانات البرية" بمحمية وادى الريان بالفيوم، بهدف تنفيذه بشكل يشبه ما تم بدولتي الأردن وجنوب إفريقيا، وبعد البحث وإعداد الدراسات اللازمة في هذا الشأن تم التنسيق بين المحافظة، وقطاع المحميات بوزارة البيئة، لاختيار الأماكن التي يمكن تنفيذ الملاذ الآمن للحيوانات البرية عليها بمحافظة الفيوم وخاصة بمحمية وادى الريان، بالشكل الذي سيحقق تنمية اقتصادية للسكان المحليين، وتحقيق تمكين اقتصادى للصناعات الحرفية واليدوية التي تشتهر بها المحافظة، فضلاً عن تنمية السياحة البيئية بالمحمية؛ ما أثمر عن الدعوة الملكية لزيارة محمية المأوى للحيوانات البرية بدولة الأردن.
والمشروع من المقترح إنشاؤه على مساحة 500 فدان من أراضي المحميات الطبيعية بالفيوم، لإنشاء محمية للحياة البرية بالقرب من أكبر مناطق الجذب السياحي الموجودة ومناطق التنوع البيولوجي، وإقامة منازل صديقة للبيئة؛ ما يكفل الحد الأدنى من الأثر البصري والإيكولوجي، كأحد المشروعات الاستثمارية الخضراء التي تدعم فرص التنمية السياحية على أرض الفيوم، وتوفير فرص عمل، فضلاً عن حماية البيئة.
أسود ونمور ودبب وضباع، رصدتها لـ/أ ش أ/ بالصور، لم تكن يوما تعرف معنى الحدود والسفر وإنما كانت بيئتها في مواطنها هو ملاذها وأمنها، إلا أن الحروب والنزاعات لم تستهدف البشر وإنما وصلت للحجر والحيوان هكذا هو الانطباع الأول حينما تضع قدمك بمحمية كمحمية المأوى بالأردن والمنتظر إقامة مثلها أيضا في أرض الكنانة مصر.