المشاركون في ندوة «بطرس غالي» يؤكدون ضرورة فهم تداعيات الحرب في أوكرانيا
أكد المشاركون في ندوة "تأثيرات الحرب بأوكرانيا على توازن القوة العالمية والاقليمية"، التي نظمتها مؤسسة "كيميت بطرس غالي للسلام والمعرفة" ، ضرورة دراسة تداعيات الحرب في أوروبا من أجل فهم التداعيات السياسية علي القوى العالمية والإقليمية.
وقال الدكتور عبد المنعم سعيد، عضو مجلس الشيوخ، في كلمته، إن الحرب الأوكرانية غيرت نظريتين في العلاقات الدولية وهما ان توازن القوى عبر الردع النووي يمنع وقوع الحروب، أما النظرية الثانية فهي ان أي حرب تؤدي حتمًا إلى تضرر جميع الأطراف، مشيرًا الى حالة الاستنزاف المتبادل بين الأطراف المتورطة في هذه الحرب.
من جانبها، ركزت الدكتورة نيفين مسعد، أستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة، على ان هذه الحرب عمقت التنافس الحاد بين قوى اقليمية في علاقتهما بالحرب الأوكرانية، حيث عززت تلك القوى من دورها علي الساحة الدولية والإقليمية خاصة مع ادانة الغزو لكن في الوقت ذاته رفض العقوبات الغربية واستفادت من إمكانية تعديل توازنات القوى.
من جهته،أشار الدكتور مصطفى الفقي، الكاتب والمفكر السياسي، الي ان الحرب الروسية- الأوكرانية ليست منشأه للمواقف لكنها كاشفة لهذه المواقف، مؤكدا علي حقيقة عدم وجود خطوط فاصلة بين القوى الدولية والإقليمية في هذه الازمة وهو ما شبهه بأجواء ما قبل الحرب العالمية الاولي حيث كان العالم يعاني من الضبابية والترقب وهو ما جعل معظم الدول غير قادرة علي اتخاذ مواقف حدية في الصراع.
ونوه الدكتور الفقي الي أن هذه الحرب اثرت كثيرا على المنطقة العربية، حيث تراجع الاهتمام الدولي بالقضية الفلسطينية، وادى الي ارتباك في العلاقات الروسية- الإسرائيلية في حين ان ازمة الطاقة الناجمة عن هذه الحرب أدت الي تغيرات جذرية في النظام المالي العالمي المرتبط بالطاقة.
اما الدكتور احمد يوسف، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، فقد ركز حديثة حول وضع القضية الفلسطينية وتأثرها بالحرب الأوكرانية ورأى ان الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي كان متراجعا علي الاجندة الدولية قبل اندلاع هذه الحرب خاصة مع تأزم محاولات حل الخلافات بين الفصائل الفلسطينية.
واضاف انه وعلي الرغم من زيارة الرئيس الامريكي، جو بايدن، والزيارة الحالية لوزير خارجيته أنتونى بلينكن، الا ان القضية الفلسطينية مازالت تراوح مكانها في هذا الصراع وتعاني من المزيد من التهميش .
وقد اثار السفير محمد ادريس، مساعد وزير الخارجية الأسبق ومندوب الدائم السابق لمصر بالأمم المتحده، تاثر الدول الافريقية بهذه الحرب رغم انهم لا ناقة لهم فيها ولا جمل، على حد تعبيره.
ورأى السفير ادريس أن دول القارة حاولت الوقوف علي الحياد في هذه الازمة لكنها لن تستطيع ذلك طويلا بسبب استمرار الحرب، مشيرًا الى الي ان هذه الحرب فاقمت من الازمات التي تعاني منها دول افريقيا خاصة فيما يتعلق بالاثار التضخمية لاسعار الأغذية والتي تدفع بنحو 50 مليون افريقي الي فقر مدقع.
واكد السفير ادريس ان الدول الافريقية دخلت بالفعل الي دوامة تباطؤ الإنتاج بسبب زيادة التكلفه الإنتاجية ودائرة ازمة الديون وفوائد الاقتراض من المؤسسات الدولية في نفس الوقت الذي تعاني فيه دولها من تراجع المنح الدولية، منوها كذلك الي ان عدم قدرة هذه الدول علي الوفاء بسداد ديونها اصبح عامل ضغط شديد علي قرارها السياسي.
بدوره، اكد الدكتور علي الدين هلال، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة ووزير الرياضة والشباب السابق، الي وجود عدد من النقاط التي قد تكون إيجابية في هذه الحرب وهو ما يثير عددا كبيرا من الأسئلة التي يجب ان نبحث لها عن إجابات.
وتسأل:"علي سبيل المثال اذا كانت روسيا لن تخرج من هذه الحرب منتصرة انتصارا حاسما وكذلك اوكرانيا ومن خلفها أمريكا وأوروبا، كيف سيكون وضع ميزان القوى العالمي في هذه الحاله؟ وكيف ستبدو الأوضاع في دول مثل المانيا واليابان اللتان اسعادتا حقهما في التسلح؟ ". واضاف انه و علي المستوى الإقليمي فلابد من قدر مما ساماه بالمغامرة العلمية لفهم الترتيبات المستقبليه في المنطقة و فرص مصر في هذه السياقات.
اما السيد عمرو موسى، وزير الخارجية الأسبق وأمين عام جامعة الدول العربية الأسبق، فقد اكد ان النظام العالمي الحالي، خاصة عبر الوكالات المتخصصة مازال ناجحا وان الجزء الخاص بفشل هذا النظام الدولي لا يتعدى الجزء الخاص بالحفاظ علي السلم والامن الدوليين او بمعنى آخر هو الجزء الخاص بمجلس الامن وهو ما سيحتاج الي الكثير من التعديل والنقاش في المستقبل.
و فيما يتعلق بالامن القومي العربي، قال عمرو موسى إن" هذا المفهوم اصبح اكثر تشعبا بناء على التكتلات الاقليميه فما يهم دول الخليج قد لا يهم دول شمال افريقيا ، لذلك لابد من مناقشة هذا الامر بشكل اكثر تفصيلا في لقاءات أخرى"، مشددًا على أهمية عودة حركة عدم الانحياز لكن في ثوب جديد
من ناحيته، أشار السفير ماجد عبد الفتاح، المندوب الدائم سابقا لمصر في الأمم المتحدة، الى ان ما يحدث حاليا أعاد الي الاذهان الحاجه الملحه الي اجندة السلام التي تقدم بها منذ عدة عقود الدكتور بطرس غالي، عندما كان يشغل منصب السكرتير العام للأمم المتحدة.
وأضاف السفير عبد الفتاح ان المنظمة الدولية تسعى الان لاستعادة هذه الاجندة كما تهتم بالاستماع لكافة الأطراف في سياق الاعداد لقمة المستقبل في عام 2024 وذلك من اجل اصلاح النظام الدولي.
وفي كلمته، نوه السيد ممدوح عباس، رئيس مجلس أمناء مؤسسة "كيميت" ، إلى ان هذه الحرب التي ستكمل عامها الأول خلال عدة أسابيع، اثارت العديد من الازمات الكبرى علي المستويين الاقتصادي والسياسي بين الدول الكبرى، فضلًا عن تأثير ذلك علي القوى الإقليمية في المنطقة العربية وتأثير ذلك علي القضية الفلسطينية.