أبو الغيط يدعو لمضاعفة الجهود العربية لمواجهة تداعيات البيئة العالمية المتقلبة
دعا الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط إلى مضاعفة الجهود لحماية المكتسبات التي حققها العمل العربي المشترك ومواجهة البيئة العالمية المتقلبة والخطيرة.
وقال أبو الغيط - في كلمته اليوم الخميس، -خلال افتتاح أعمال الدورة (54) للجنة التنسيق العليا للعمل العربي المشترك في (أبوظبي) بدولة الإمارات العربية المتحدة - "علينا أن نضاعف من جهودنا لحماية المكتسبات التي حققها العمل العربي المشترك، وأن ندقق في تطورات الأوضاع لقراءتها على نحو سليم، ثم نقدم الدعم والمشورة اللازمين لتجاوز تداعياتها".
ونبه إلى أن العالم يواجه منذ بداية العقد الحالي تعاظماً للمخاطر التي تهدد ازدهار المجتمعات وأمنها، وبما يؤشر لبداية مرحلة جديدة طابعها "عدم الاستقرار"، مشيرا إلى أن من أبرز ملامح المرحلة استمرار ارتفاع معدلات التضخم والاستدانة، منذ جائحة كورونا، إلى معدلات قياسية، وتراجع الطلب العالمي على السلع وتصاعد الركود والبطالة.
وأضاف الأمين العام أن هذه الآثار جعلت الحكومات جميعاً تسير على حبل مشدود، إذ عليها التعامل مع معادلة صعبة من أجل توفير الحماية لشرائح واسعة من الأفراد من تبعات أزمتي الغذاء والتضخم، في وقت تتعرض فيه إيراداتها لضغوط شديدة بسبب الانكماش الاقتصادي وارتفاع أسعار الطاقة ومعدلات العجز والديون.
وتابع أبو الغيط "إننا نلحظ اليوم، وبشكل ملموس ارتفاع تكاليف المعيشة الذي تسبب في تدهور القدرة الشرائية لفئات واسعة من المجتمعات، بما قد يُفضي إلى أزمة إنسانية في بعض الدول الهشة، ومنها بعض دولنا العربية للأسف الشديد، بل وقد يتسبب في مخاطر مختلفة في عدد كبير من الدول عبر العالم في ظل اتساع نطاق التفاوت الاجتماعي، وتدهور مؤشرات العدالة والتنمية"، مضيفا "إننا نشهد بقلق متزايد تعقد المشكلات منذ اندلاع الحرب الروسية - الأوكرانية، إذ تدهورت الأوضاع لتأخذ منحنى أشد خطورة".
وأكد أهمية التجاوب مع متطلبات الوضع الراهن، والارتقاء بعمل لجنة التنسيق العليا للعمل العربي المشترك إلى مستويات أفضل، مضيفا أنه تنفيذاً لخطة العمل التي اتفقنا عليها فيما سبق بالتركيز على موضوعات محددة لأهميتها، وهي موضوعات حققنا فيها عدداً من الإنجازات، فإنه من المهم الاستمرار في تنفيذ تلك المشروعات والمبادرات التي أطلقناها، وفي هذا الصدد سنطّلع اليوم على تقارير وعروض موجزة لبعض هذه الملفات.
وشدد أبو الغيط، على أن عقد القمة العربية الأخيرة في الجزائر مؤشر إيجابي على استعادة العمل العربي زخمه، مشيرا إلى أن القمة ناقشت من ضمن بنودها عدداً من الموضوعات الاقتصادية والاجتماعية، وعلى رأسها موضوع الأمن الغذائي العربي، حيث أقرّت برنامج استدامة الأمن الغذائي العربي ووثائقه المُكمّلة، كما وافقت على استراتيجية التنمية الزراعية العربية المستدامة (2020-2030)، وكذا مبادرة تحسين النوعية التكنولوجية للقمح المنتج محلياً.
ولفت إلى أن القمة كَلَّفتْ مؤسسات العمل العربي المشترك بتنفيذ البرامج والأنشطة المعروضة وحشد التمويل اللازم لها بالتعاون مع كافة الشركاء، وفي هذا الشأن سنستمع إلى إحاطة تقدمها المنظمة العربية للتنمية الزراعية، والأكساد والهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي واتحاد المهندسين الزراعيين العرب، معربا عن أمله في الخروج بمقترحات عملية تسهم في تنفيذ قرارات القمة وتقلل من فجوة الغذاء العربية، وتضع أمام صانع القرار العربي برامج عملية قابلة للتنفيذ.
وأشار إلى أن - نهاية السنة الماضية - شهدت حدثاً عالمياً مهماً إذ استضافت جمهورية مصر العربية قمة المناخ( COP27 ) في مدينة شرم الشيخ، وقد حظيت هذه القمة باهتمام عربي كبير سيسهم بلا شك في رفع الوعي العربي بقضايا المناخ، كما خرجت بقرارات مهمة في مجالات التمويل ونقل التكنولوجيا وتنفيذ الاتفاقات والوعود الدولية للحد من مخاطر التغير المناخي.
وأضاف أن أعمال هذه الدورة شهدت لأول مرة مشاركة مميزة من جامعة الدول العربية مقارنة بالدورات السابقة، ولأن قمة المناخ القادمة ستعقد أيضاً في المنطقة العربية، حيث ستقام في دولة الإمارات العربية المتحدة، أقترح أن نتشاور سوياً حول بعض الأفكار التي من شأنها تعزيز مشاركة الجامعة العربية في قمة المناخ القادمة بالتعاون مع الحكومة الإماراتية، وهو أمر من شأنه أن يعود بالفائدة على منظماتنا العربية ودولنا الأعضاء على حد السواء.
ولفت إلى أن القمة العربية التنموية الخامسة ستعقد أعمالها يومي 6 و7 نوفمبر القادم في العاصمة نواكشوط، وهي آخر قمة تنموية تعقد على نحو مستقل وفقاً للنظام القديم، فقد أقر القادة العرب في قمة الجزائر الأخيرة النظام الأساسي الجديد الذي ينص على عقد القمة التنموية ثم تعقبها مباشرة القمة العادية في نفس البلد المضيف، وقد بدأنا في الأمانة العامة لجامعة الدول العربية مسار التحضير للقمة التنموية القادمة.
وأكد أبو الغيط أهمية منظمات العمل العربي المشترك باعتبارها بيوت الخبرة والأذرع الفنية للجامعة العربية المعنية بتنفيذ الخطط والمشروعات العربية، مشيرا إلى أهمية استشارة هذه المؤسسات والاستماع إلى أفكارها ومبادراتها التي يمكن النظر فيها لتقديم مشروع مشترك باسم الجامعة العربية إلى القادة العرب، معربا عن أمله في أن تشكل هذه المجهودات إضافة مفيدة للعمل العربي المشترك، متطلعا في هذا الصدد إلى حوار صريح ومثمر حول هذه الأفكار.
وتقدم أبو الغيط بخالص الشكر والامتنان إلى الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية في دولة الإمارات العربية المتحدة، على دعمه المعهود لأنشطة جامعة الدول العربية ومؤسساتها، وحرصه الدؤوب على إقامة تعاون وثيق معها لخدمة العمل العربي.