دراسة: سكان لندن أقل تضرراً من التضخم مقارنة بباقي المدن البريطانية
توصلت إحدى شركات الأبحاث إلى أن سكان لندن بإمكانهم اجتياز أزمة ارتفاع تكلفة المعيشة بطريقة أفضل من الأشخاص المقيمين في باقي مناطق المملكة المتحدة.
وبحسب تقرير لبلومبرج، شهدت الأجور الحقيقية لسكان العاصمة البريطانية تعديلاً بمقدار 9 جنيهات إسترلينية (ما يعادل 11.13 دولار) للأسبوع الواحد في ضوء تراجع التضخم بالمقارنة مع السنة الماضية خلال الربع الأخير من 2022، حسبما أظهر بحث شركة "سنتر فور إيكونوميكس أند بيزنس ريسيرش".
وعلى النقيض، سجلت أيرلندا الشمالية تراجعاً بالأجور الحقيقية بنحو 26 جنيهاً إسترلينياً للأسبوع الواحد. وأوضح البحث أن متوسط انخفاض الأجور الحقيقية للأسبوع في كافة أنحاء المملكة المتحدة بلغ 19 جنيهاً إسترلينياً.
وأكدت الأرقام أن فجوة الثروة بين لندن وباقي مناطق المملكة المتحدة آخذة في الاتساع، ويرجع قدر من هذه الفجوة إلى نمو الأجور بالعاصمة بصورة أسرع من أي موقع آخر، إذ تخطت 8%.
علاوة على ذلك، فإن صياغة النموذج الإحصائي من قبل "سنتر فور إيكونوميكس أند بيزنس ريسيرش"، على أساس الفوارق الإقليمية لأنماط الإنفاق، تشير إلى أن المناطق الواقعة خارج العاصمة -لا سيما أيرلندا الشمالية وإسكتلندا– واجهت متاعب بسبب بلوغ التضخم أعلى المستويات.
وتشير الأرقام التي جاءت عقب صدور بيانات حكومية إلى أن الضرر لحق أيضاً بأكثر مناطق المملكة المتحدة فقراً في ظل تزايد أعلى معدلات تدهور صحي، وتسرب الأفراد من منظومة القوى العاملة.
وسيزيد ذلك من الضغوط التي تواجه حكومة رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك للتقليل من عدم المساواة في كافة أنحاء البلاد– الأمر الذي يُعدّ جزءاً من برنامج "تسوية" وعد رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون بأنه سيكون بمثابة "مهمة فارقة" بالنسبة لرئاسته للوزارة.
وأوضح كارل طومسون، وهو خبير اقتصادي لدى "سنتر فور إيكونوميكس أند بيزنس ريسيرش"، أن تحسين أوجه القصور على صعيد الحالة الصحية العامة ستكون مسألة ذات أهمية "ليس فقط على مستوى الفرد، ولكن أيضاً على مستوى الاقتصاد بصفة عامة".
وأشار "طومسون" إلى أن مناطق ويلز ويوركشاير وويست ميدلاندز تمتلك أيضاً أقل نسبة من السكان الذين ذكروا خلال التعداد السكاني لسنة 2021 أن صحتهم جيدة.
وأضاف "طومسون": "رغم أن هناك عوامل عديدة مؤثرة، إلا أن الدخل الحقيقي المنخفض يؤدي لتراجع مستويات المعيشة وبالتالي توجد غالباً موارد متاحة بشكل أقل كي تؤدي لوجود أسلوب حياة صحي".
وخلال فترة رئاسته للوزارة في 2021، أزاح "جونسون" الستار عن "صندوق تسوية" قيمته 4.8 مليار جنيه إسترليني ممول من قبل دافعي الضرائب، وهو الصندوق الذي سيستثمر في مشروعات البنية التحتية في كافة أنحاء المملكة المتحدة.
وأعلنت الحكومة الأسبوع الماضي فقط عن قائمة تضم 111 مشروعاً ستتلقى حصة من تمويل قدره 2.1 مليار جنيه إسترليني تم توزيعه خلال الجولة الثانية للصندوق. تتضمن القائمة إنشاء خط سكك حديدية حديث في كورنوال ومشروع بناء جامعة للذكاء الاصطناعي بمدينة بلاكبول.
في حين يستعد الوزير المسؤول عن صندوق التسوية مايكل غوف لإلقاء كلمة أمام مؤتمر "تجمع الشمال" بمدينة مانشستر، يوم الأربعاء المقبل، فقد يكون مضطراً للدفاع خلالها عن وتيرة القيام بإجراءات الحكومة.
وحذّرت دراسة منفصلة صادرة عن الشركة المتخصصة في بحوث التوقعات "إي واي آيتم كلوب" (EY Item Club) من تداعيات خطة وزير المالية جيريمي هانت لتشديد قيود الخزانة العامة، ما يفاقم الركود الاقتصادي بالمملكة المتحدة.
وتتوقع شركة "إي واي آيتم كلوب" أن ينخفض الناتج الاقتصادي 0.7% العام الجاري، متراجعاً عن توقع سابق مبدئي بحدوث انكماش 0.3% بأكتوبر الماضي.
وتعتقد الشركة أن معدلات التضخم المرتفعة بصورة عنيدة وزيادة أسعار الفائدة، والسياسة المالية الأكثر تشدداً ستؤثر بالسلب مجتمعة على الاقتصاد.
ويُرجح زيادة الضريبة على الشركات من 19% لـ25% في أبريل المقبل، وستتبدد الدفعة التي حصلت عليها من "خصم ضخم" مؤقت أقرته الحكومة على الضرائب التي يتحملها الاستثمار التجاري.
وأكد بيتر أرنولد، خبير الاقتصاد البريطاني بشركة المحاسبة "إرنست أند يونغ" (Ernst & Young): " تُعدّ المملكة المتحدة فعلاً الاقتصاد العالمي الكبير الوحيد الذي يقلص الإنفاق ويزيد الضرائب للتصدي لتباطؤ الاقتصاد، ويفسر ذلك سبب توقعنا بأن الآفاق المستقبلية أضعف إلى حد ما".
بينما يعني انكماش الناتج المحلي الإجمالي في 2023 تسجيل تراجع لأول سنة تقويمية للمملكة المتحدة منذ 2009، إلا أن الركود الاقتصادي سيستمر لفترة وجيزة، حسبما ذكرت "إي واي آيتم كلوب" في تقرير "توقعات الشتاء".
وقال هيويل بول رئيس مجموعة "إرنست أند يونغ" بالمملكة المتحدة: "باتت التوقعات الاقتصادية الخاصة بالمملكة المتحدة أكثر قتامة مقارنة بالخريف، وربما تكون المملكة قد دخلت فعلاً في واحدة من أكثر فترات الركود المتوقعة بطريقة كبيرة في التاريخ المعاصر، لكن الجانب المشرق هو أنه ليس من الضروري أن يكون ركوداً طويلاً".