رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

فيضان متوقع من السندات الحكومية الأوروبية يهدد استقرار السوق

نشر
مستقبل وطن نيوز

يواجه متداولو السندات الأوروبية تقلبات أكبر في بداية 2023 إذ تستعد الحكومات على ما يبدو لبيع ديون بأحجام قياسية لسوق لم تعد تدعمها مشتريات البنك المركزي الأوروبي.

يميل يناير إلى أن يكون أهم شهر بالعام من حيث مبيعات السندات السيادية في جميع الأحوال، ومن المتوقع أن ترتفع حدة التأثير الموسمي هذا العام جراء توقف البنك المركزي الأوروبي عن الشراء، ويقدر بنك "باركليز" ارتفاع صافي معروض الديون الحكومية إلى مستوى قياسي يناهز 500 مليار يورو (ما يعادل 530 مليار دولار) خلال 2023.


يقول اللاعبون في السوق إن ذلك سيشكل اختباراً لقدرة المتعاملين على مواجهة المخاطر، ويفاقم من تقلبات الأسعار ويرفع تكاليف الاقتراض والتداول، ويوجد فعلياً بعض العلامات البارزة على أن حالة السيولة تدهورت إذ يواجه المستثمرون صعوبة في الشراء والبيع بأحجام ضخمة دون تحريك الأسواق.

قال توم بريكيت، رئيس تداول أسعار الفائدة بمناطق أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا لدى مصرف "جيه بي مورغان تشيس أند كو" أثناء مقابلة: "ستتعرض السيولة بالسوق لاختبار كبير.. وفي الأغلب يحدد كيفية امتصاص السوق للمعروض في بداية العام مسار النصف الأول من السنة".

خلال الستة أشهر الماضية، بلغ عمق السوق مستويات متدنية تاريخياً، حتى بالنسبة للسندات الأعلى سيولة على غرار السندات الألمانية وسندات الخزانة الأميركية، بحسب الخبراء الاستراتيجيين بمصرف "جيه بي مورغان". تدهورت السيولة بسوق السندات على مدى أعوام بعد أن كبحت بعض اللوائح التي فُرضت عقب الأزمة المالية العالمية قدرة البنوك على لعب دور صانع السوق، ما يفاقم التقلبات الناجمة عن الزيادات السريعة في أسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية بهدف السيطرة على معدلات التضخم العالية.


بدأ العام بصعود حاد أدى إلى تخفيض عوائد السندات القياسية بأكبر قدر في شهرين بسبب الرهان على أن التضخم قد بدأ في التباطؤ. أظهرت أول مبيعات سندات سيادية إلى تحالف من البنوك للعام الجاري، من النمسا وسلوفينيا وأيرلندا، علامات على القوة، كذلك حقق مزاد فرنسي على سندات لأجل 10 أعوام انطلاقة قوية الخميس الماضي. رغم ذلك، فإن طوفان الديون الوشيك يعني أن السوق قد تكون معرضة لتحولٍ في المسار، خاصة مع هبوط السندات الخميس الماضي.

أوضح رالف بريوسر، رئيس وحدة استراتيجية أسعار الفائدة العالمية لدى "بنك أوف أميركا"، أنه بينما قد لا يعطي المستثمرون اهتماماً كبيراً بمخاوف الاستقرار المالي في الوقت الراهن، فإن سوق منطقة اليورو عرضة لحدوث اختلالات بالنظر إلى مخاطر تباين أداء مختلف جهات الإصدار.

على صعيد الحكومات، ربما يعني هذا وجوب تعديل استراتيجياتها الخاصة بالإصدار، وفي هذا الصدد، أشار داليبور جارنيفيتش، رئيس وحدة تداول السندات الحكومية لدى"دي زد بنك" (DZ Bank)، إلى أن ألمانيا، عقب مرورها ببعض مزادات بيع السندات الضعيفة خلال 2022، تحتاج لدراسة إجراءات تكفل تحقيق النجاح على غرار تقديم خيارات "غرينشو" (أي حق زيادة حجم الإصدار في حالة وجود طلب أعلى) للبنوك التي تدير الإصدار.


قال أنتوني لينهان، نائب مدير مكتب إدارة الديون بإيرلندا، أثناء مؤتمر انعقد مؤخراً: "يتعين علينا المضي في عالم بلا مشترين من البنوك المركزية، ويتوجب علينا وضع توقعاتنا بحذر خاصة تجاه وضع السوق في الوقت الذي نرغب به بالإصدار، وقد نحتاج لاستخدام مهاراتنا بشكل أكبر قليلاً".

بريا ميسرا، رئيسة وحدة استراتيجية أسعار الفائدة لدى "تي دي سيكيوريتيز" (TD Securities)، ترى أن السؤال الأساسي لدى المستثمرين الآن هو من سيحل محل البنك المركزي الأوروبي- الذي أجرى عمليات إعادة شراء للسندات بقيمة 270 مليار يورو السنة المنصرمة- كجهة شراء كبيرة، وتتوقع ارتفاع صافي المعروض بأكثر من الضعف العام الجاري. وأضافت أن صناديق الاستثمار اليابانية ربما تكون أقل اهتماماً عقب تعديل بنك اليابان لسياسة تحكمه في عوائد السندات بما يسمح لعائدات الفئات الأطول أجلاً بالصعود أكثر.

من غير المرجح أن تحل محله البنوك المحلية الأوروبية أيضاً إذ تسدد حالياً القروض الرخيصة التي حصلت عليها من "المركزي الأوروبي" بموجب برنامج "عمليات إعادة التمويل المستهدفة طويلة الأجل" (TLTRO)، والتي استُعمل بعضها في شراء السندات الحكومية.

أضافت ميسرا: "سيعود الأمر حتماً لشركات إدارة الأصول ونعتقد أن المخاطر المرتبطة بتغير أسعار الفائدة ستبدو جذابة في حال اتجهنا لركودٍ اقتصادي".