صعود الأسهم الأميركية والسندات وسط تباطؤ زيادة الأجور
شهدت الأسهم الأميركية أفضل أيام نشاطها منذ ما يزيد على شهر مع مراهنة المتعاملين على أن تباطؤ الزيادة في الأجور لن يجعل الاحتياطي الفيدرالي مضطراً إلى تصعيد معركته ضد معدل التضخم. وارتفعت أسعار سندات الخزانة وانخفضت قيمة الدولار.
قفز مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" بما يتجاوز 2%، مغتنماً أول زيادة أسبوعية له خلال الأسابيع الخمسة الماضية، بينما ارتفع مؤشر "ناسداك 100" بنسبة 0.9% على مدى الأيام الأربعة.
تعرض الدولار إلى أطول سلسلة من الخسائر الأسبوعية منذ شهرين إذ تفوّق تأثير الضعف في نمو الأجور على تأثير تقرير الوظائف (الذي لولا ضعف نمو الأجور لكان قوياً) في تعزيز التوقعات بأن يلجأ الاحتياطي الفيدرالي إلى إبطاء وتيرة رفع الفائدة.
تقدمت أسعار سندات الخزانة يوم الجمعة، مع انخفاض حاد في عوائد السندات قصيرة الأجل حيث تراجع عائد السندات لأجل عامين، الذي يتسم بحساسية خاصة تجاه أسعار الفائدة الأساسية، بأكبر نسبة هذا الأسبوع منذ شهر نوفمبر.
أرقام متعارضة
تقرير الوظائف عن شهر ديسمبر الذي كانت تتكهن به الأسواق بحماس بالغ أخفق في تقديم صورة واضحة عن حالة سوق العمل الأميركية، خاصة وأنه صدر بعد يوم من ظهور مؤشرين للوظائف أشارا إلى استمرار نقص الأيدي العاملة.
تجاوز معدل التوظيف تقديرات السوق في شهر ديسمبر، وانخفضت البطالة إلى أدنى مستوى منذ عقود.
مازال المتعاملون يدرسون كيف تتناقض قوة معدلات التوظيف مع الزيادة الضئيلة في أجر الساعة وما يترتب على ذلك بالنسبة لسياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في الفترة المقبلة. وينتظر أن تعلن قراءة مؤشر أسعار المستهلك في الأسبوع القادم.
كتب كريس لو، كبير الاقتصاديين لدى شركة "إف إتش إن فايننشال" (FHN Financial): "إن معدلاً جديداً للبطالة هو الأقل منذ 53 عاماً يمثل مشكلة حقيقية، تكشف عن أن الاحتياطي الفيدرالي لم يحقق أدنى تقدم باتجاه تهدئة التوتر في سوق العمل في عام 2022. غير أن مراجعة متوسط أجر الساعة في نوفمبر بالتخفيض بالتزامن مع زيادة أقل من المتوقعة في شهر ديسمبر يمنح اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة فسحة من الوقت".
الأرقام الأخيرة تسهم فقط في تعقيد مهمة البنك المركزي وتعزز الشكوك بالنسبة للمتعاملين. وقد حذّرت إستر جورج، مسؤولة الاحتياطي الفيدرالي في كانساس سيتي، يوم الجمعة، بأن المسؤولين يواجهون طريقاً وعراً في سياق محاولتهم موازنة معدل التضخم مع البطالة.
بانتظار تقرير التضخم
مسؤولون آخرون بالاحتياطي الفيدرالي مازالوا يتبنون أيضاً موقفاً متشدداً، ويصرحون بأن البنك المركزي مازال أمامه عمل لينجزه رغم أن البيانات تبدو مشجعة ومعدل التضخم يتراجع.
عقود المقايضة تكشف الآن أن المستثمرين يتوقعون أن يبلغ سعر الفائدة الأساسي ذروته عند 5% في هذه الجولة، متراجعاً عن مستوى 5.06% قبل صدور تقرير الوظائف يوم الجمعة مباشرة.
رغم أن المتعاملين منقسمون حول حجم الزيادة في أسعار الفائدة في شهر فبراير، مع المراهنة على رفعها بواقع 33 نقطة أساس، يبدو أن زياتها بواقع ربع نقطة مئوية هي الاحتمال الأكبر من زيادة بمقدار نصف نقطة مئوية.
ينتظر المتعاملون الآن تقرير التضخم عن شهر ديسمبر الذي يُنشر في الأسبوع القادم بحثاً عن إشارات أخرى على أداء الاقتصاد.
بريا ميسرا، رئيسة الاستراتيجية العالمية لأسعار الفائدة في "تي دي سيكيوريتيز" (TD Securities) قالت بشأن تقرير الوظائف: "تستجيب السوق لضعف أرقام الزيادة في الأجور، غير أنني أعتقد أن التقرير يشير إلى أن سوق العمل مازالت تعاني نقصاً شديداً في المعروض. إن سعر الفائدة الأساسي الذي راهن المتعاملون عليه قبل التقرير هو 5.04%، وهذا الرقم مازال يبدو منخفضاً بالنسبة لنا في ضوء تقديرنا بأن الاحتياطي الفيدرالي سينتهي من جولة رفع الفائدة عند 5.25% إلى 5.5%، غير أن تقرير يوم الجمعة لا ينبغي أن يرفعها حتى تتجاوز ذلك. كل العيون تتجه إلى تقرير (معهد إدارة العرض) في وقت لاحق ومؤشر أسعار المستهلك في الأسبوع القادم. ستظل السوق ممزقة بين تخمينات زيادة الفائدة بواقع 25 نقطة أو 50 نقطة أساس في فبراير. (ونحن نعتقد بزيادتها بمقدار 50 نقطة أساس)".