عودة زخم الاكتتابات في أمريكا في 2023 مرهون بقرارات «باول»
تحتاج سوق الاكتتابات العامة الأولية في الولايات المتحدة لمزيد من اليقين بشأن مستقبل أسعار الفائدة حتى يعود الزخم عقب عام من الأداء السيئ تاريخياً على صعيد إدراج الأسهم الجديدة.
جمعت إجمالي الاكتتابات العامة الأولية في نيويورك 24 مليار دولار فقط منذ بداية 2022 لتقترب بذلك من تسجيل أسوأ أداء سنوي منذ 1990، وفقاً للبيانات التي جمعتها "بلومبرغ"، كما سجلت تراجعاً كبيراً بنسبة 93% على أساس سنوي، مقارنة بعائدات قياسية فاقت 338 مليار دولار العام الماضي، بالتزامن مع ارتفاع سوق الأسهم إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق.
كشف صانعو الصفقات عن العديد من الاكتتابات المتوقَّعة تشمل "إيبيك غيمز" (Epic Games) صاحبة لعبة "فورتنايت" (Fortnite)، وعملاق التوصيل "إنستاكارت" (Instacart Inc)، وتاجر التجزئة للملابس الرياضية "فانتاستيك" (Fanatics Inc)، وشركة فين فاست" (VinFast) المنافسة لشركة "تسلا".
على مدار 12 شهراً الماضية، أجّلت تلك الشركات وغيرها الاكتتابات العامة الأولية ترقباً لموجة تقلبات السوق التي دفعت مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" للانخفاض 16% منذ بداية العام.
التشديد مستمر
أشار ستيف ماليتزكي، رئيس أسواق رأس المال بشركة "ويليامز بلير آند كو" (William Blair & Co) إلى أنَّ التعافي لن يحدث بشكل جدي حتى يوفر رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول مزيداً من اليقين بشأن مسار البنك المركزي تجاه رفع أسعار الفائدة للحد من التضخم.
وقال "ماليتزكي" في مقابلة: "نحتاج رؤية بعض الاستقرار في أسعار الفائدة وخاصة سياسة الاحتياطي الفيدرالي بشأنها، وبمجرد أن يتضح الأمر عبر مسار منحنى العائد للمستثمرين ستهدأ وقتها تقلبات السوق وتعود بيئة تسعير الصفقات الأكثر هدوءاً".
برغم ذلك، من المستبعد اقتراب ذلك الوضوح أو تأجيل رفع أسعار الفائدة، إذ قال "باول" الأربعاء الماضي، عقب رفع أسعار الفائدة للمرة السابعة هذا العام، إنَّ الاحتياطي الفيدرالي لم يقترب بعد من إنهاء مسار سياسة التشديد النقدي، وإنَّ تكاليف الاقتراض ستتجه إلى أعلى مما كان متوقَّعاً في 2023.
تغيرات حادة
تسبّ ب ارتفاع أسعار الفائدة المعيارية للحد من التضخم، بشكل رئيسي، في التحول إلى تفادي المخاطرة بالسوق هذا العام، ونتج عن ذلك التحول في المعنويات تباطؤ النشاط الطبيعي للاكتتابات العامة الأولية، كما تأثرت الأسهم الجديدة المدرجة حديثاً، حيث تتداول أسهم الشركات المدرجة في 2021 بنحو 40% أقل من أسعار الطرح، وفقاً للبيانات التي جمعتها "بلومبرغ"، والتي استبعدت شركات "الشيك على بياض".
قال كريغ مكراكين، الرئيس المشارك لأسواق رأس المال في "ويلز فارغو": "تاريخياً، عندما كان النظام يتعرّض لذلك النوع من الصدمات، كانت أسعار الفائدة مرتفعة والاحتياطي الفيدرالي يحاول تخفيضها للحد من تداعيات ذلك على الأسواق، لكنَّنا الآن في موقف لم نشهده منذ السبعينيات".
يُظهر تحليل "ويلز فارغو" عاملين مؤثرين بشكل كبير في تراجع الاكتتابات العامة الأولية هذا العام، وهما التغير في مضاعف ربحية العقود الآجلة لمؤشر "ستاندرد آند بورز 500"، الذي يفوق قيمة المؤشر، والتغير السنوي في عائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات. ويتوقَّع مصرفيو البنك عودة زخم نشاط الاكتتابات العامة الأولية مع تساوي المؤشرين.
فيضان متدفق
مع عودة نشاط الاكتتابات العامة الأولية لن تبدو كما كانت خلال ذروة النشاط في السنوات الأخيرة؛ فقد انتهت موجة تسويق الصفقات الضخمة لشركات لا تملك مساراً واضحاً للربحية. في المقابل، سيشهد العام المقبل اكتتابات عامة أولية لشركات أكثر سلامة، على الأقل، على صعيد المركز المالي، والتي يُنظر إليها باعتبارها أقل حساسية لتأثير الركود المحتمل.
يقول المصرفيون إنَّ تدفق شركات الشيك على بياض، الذي ساهم بأكثر من نصف حجم الاكتتابات العامة الأولية العام الماضي اختفى هو الآخر، ومن المتوقَّع اختفاء دورها في عودة نشاط الاكتتابات العامة الأولية في 2023، وسط موجة استكشاف المستثمرين لخيارات استعادة أموالهم من شركات "الشيك على بياض" وإعادة استخدامها مرة أخرى.
قال جون كولز، رئيس أسواق رأس المال في الولايات المتحدة والرئيس المشارك لأسواق رأس المال العالمية في "آر بي سي كابيتال ماركتس" (RBC Capital Markets LLC) إنَّ هناك قدراً هائلاً من السيولة بانتظار الاكتتابات العامة الأولية الجيدة واستخدامها في تمويل خطط ضخمة.
أضاف "كولز" في مقابلة: "يعتقد معظم الناس أنَّ تكون هناك انفراجة بالنصف الثاني من العام المقبل، كما يتفق الجميع أنَّه بمجرد حدوث ذلك سيكون الأمر أشبه بفتح الباب لفيضان متدفق".