هروب مليارات الدولارات من بورصات الرموز بعد انهيار «إف تي إكس»
تسبب الانهيار المشهدي الهائل لإمبراطورية الرموز المشفرة المملوكة لبانكمان-فرايد، الذي يبلغ من العمر 30 عاما، في ارتفاع صاروخي لحركة تدفق الأموال خارج مختلف بورصات هذه الرموز في العالم.
بلغت قيمة صافي مسحوبات العملاء من عملة بتكوين 3.7 مليار دولار، ومن عملة إيثر 2.5 مليار دولار، خلال الأسبوع الذي بدأ يوم الأحد 6 نوفمبر وانتهى يوم الأحد 13 نوفمبر، وفقا لمنصة معلومات التشفير "كرييتوكوانت" (CryptoQuant).
سحب العملاء أيضا ما تزيد قيمته على ملياري دولار من كثير من العملات الرقمية المستقرة الكبرى خلال نفس الفترة الزمنية، وفقا لمنصة "كريبتوكوانت"، التي ترصد الأرقام التي تصدر عن معظم البورصات الكبرى.
قالت ساشا إيفانوف، مؤسسة منصة سلسلة الكتل "ويفز" (Waves)، في بيان: إن الأسبوع الماضي كان "بلا شك من أشد الأسابيع إظلاما في تاريخ العملة المشفرة. فمما يدعو إلى الإحباط أن نشهد تآكل قيمة هذه التكنولوجيا الأساسية نتيجة انهيار بورصة كان يشعر كثير من الناس أنها بورصة رائدة في المجال".
انهيار "إف تي إكس"
أثار انهيار بورصة "إف تي إكس"، ومقرها في جزر البهاما، مخاوف جديدة تتعلق بطبيعة شركات التشفير التي تخضع لرقابة وتنظيم فضفاض وغير محكم، وطبيعة الضوابط التي تطبق بهدف الإشراف الآمن على الأصول المملوكة للعملاء، فقد كانت هذه البورصة تعتبر من بين الأسماء التي يعتمد عليها ويوثق بها في هذا القطاع.
"إف تي إكس" هي أحدث شركة كبيرة في مجال التشفير تنهار في السنة الحالية التي شهدت قائمة طويلة من الانهيارات، من بينها صندوق تحوط "ثري أروز كابيتال" (Three Arrows Capital)، ومنصة إقراض العملات المشفرة "سيلزيوس نتورك" (Celsius Network)، وبورصة الرموز "فويجير ديجيتال" (Voyager Digital).
بدأت المأساة يوم الأحد السادس من نوفمبر عندما أثارت تغريدة من رئيس بورصة "بينانس" (Binance) شانغ بنغ تشاو (CZ) شكوكا حول سلامة المركز المالي لشركة "ألاميدا ريسيرش" (Alameda Research)، وهي شركة الوساطة المرتبطة ببورصة بانكمان-فرايد.
حالة الذعر التي نتجت عن ذلك وانتشرت وسط المستثمرين في "إف تي إكس دوت كوم" بلغت من الحدة والكثافة أنهم سحبوا ما يعادل 430 مليون دولار من "بتكوين" من البورصة التي امتد عمرها 3 أعوام في غضون أربعة أيام فقط.
وتكشف أرقام "كريبتوكوانت" أن الشركة كانت تحوز ما يزيد على 20 ألف "بتكوين" حتى يوم 6 نوفمبر، وبحلول يوم الأربعاء 9 نوفمبر انخفضت هذه القيمة إلى صفر تقريبا مع هروب عملاء البورصة بسبب ما أثير من مخاوف حول سلامة المركز المالي لـ"إف تي إكس".
عرض "بينانس" المبدئي بالاستحواذ على البورصة ثم تراجعها عن هذا العرض في تلك الفترة لم يساهم في تخفيف الأزمة. وفي يوم الخميس، نشر بانكمان-فرايد تغريدة عن إغلاق شركة "ألاميدا ريسيرش"، ثم في يوم الجمعة بدأت مجموعة "إف تي إكس" إجراءات طلب الحماية من الإفلاس.
مبدأ اللامركزية
شجع انهيار شركة أخرى مركزية من شركات الرموز المشفرة في 2022 المطالبة بأن يحتفظ المستخدمون بأصولهم الخاصة، فضلا عن إيداعها لدى أطراف ثالثة.
قالت إيفانوف: "هذه أحدث وأكبر حالة انهيار لكيان مركزي في قطاع الرموز المشفرة، وقد تصبح علامة على النهاية المؤلمة لوجود هذه الكيانات. إن أساس العملة المشفرة هو تكنولوجيا سلاسل الكتل غير المركزية وأتوقع أن ينتج عن هذه الأزمة عودة تركيز القطاع مرة أخرى إلى تلك القيمة الأساسية".
ومنذ الأسبوع الماضي، تعهدت بورصات رموز مشفرة، مثل "أو كيه إكس" (OKX)، و"كو-كوين" (KuCoin)، و"بولونييكس" (Poloniex) و"هوبي" (Huobi)، بزيادة مستوى الشفافية ومشاركة ما يطلق عليه "إثبات الاحتياطيات" (proof of reserves) - وهو عبارة عن تقرير يصدره مراجع مستقل يثبت أرصدة العملاء على شبكة سلسلة الكتل الخاصة بالبورصة لمقارنة الرموز المثبتة على بلوكتشين البورصة مع التزاماتها تجاه العملاء. وقد نشرت بورصة "بينانس" قائمة ببعض محافظ العملاء عليها وبعض حيازاتها يوم الخميس الماضي.
عوضت العملات المشفرة بعض خسائرها صباح الإثنين في لندن بعد أن أعلن الرئيس التنفيذي لشركة "بينانس هولدينجز" شانغ بنغ تشاو أن بورصته تعتزم تأسيس صندوق تعافي لإنقاذ القطاع.
شهدت حركة التداول تقلبات عنيفة منذ بداية أزمة "إف تي إكس"، تبدد خلالها 244 مليار دولار في صورة خسائر منذ يوم الأحد الماضي، وفق البيانات الصادرة عن "كوين-جيكو" (CoinGecko).