مخرج «الرسالة».. مصطفى العقاد دافع عن الإسلام بالفن
تحل اليوم ذكرى وفاة المخرج العالمي مصطفى العقاد صاحب فيلم الرسالة والذي لقى مصرعه في حادث إرهابي بالأردن في مثل هذا اليوم من شهر نوفمبر عام 2015
ونستعرض في سياق التقرير التالي أهم المحطات الإنسانية والفنية في حياة المخرج السوري مصطفى العقاد.
- مصطفى العقاد من مواليد حي الجميلية بحلب في 14 يوليو سنة 1929 لأسرة تؤمن بدور العلم والقيم الدينية في الحياة ووفقا لشقيقته الدكتورة ليلى كان من المتفوقين في حياته الدراسية والتي قضاها بين مدرستي فرير ماريست ومعهد حلب العلمي.
- أظهر مصطفى العقاد شغفا بالسينما في سن مبكرة، وتعلقه بالسينما جعله يجلب آلة عرض سينمائي للبيت ويشغلها ويعرض عليها أفلاما أجنبية ولاسيما للمخرج البريطاني ألفريد هيتشكوك ثم أخذ يعلن لأسرته ولمحيطه أنه يريد دراسة السينما في أمريكا ليعمل في هوليود مركز صناعة الفن السابع في العالم.
- أمن له والده وظيفة في بنك خاص وجعله يمارس ميوله الفنية فأخرج مسرحية بعنوان "شعلة من الصحراء" وسمح له بمراسلة جامعات أمريكية للدراسة.
- جاءت الموافقة فسافر الأب ومصطفى ابن العشرين عاما إلى بيروت، وقبل أن يصعد إلى الطائرة أعطاه مبلغا من المال يعادل 7 آلاف ليرة حينها ووضع في يده نسخة من القرآن الكريم وأخبره أن هذا كل ما يستطيع فعله من أجله.
- قال مصطفى العقاد: سافرت إلى أمريكا للدراسة وأنا فقير ماديا ولكني كنت غنيا تربويا وأخلاقيا ودينيا جراء تربيتي المنزلية التي كانت أكبر تراث لي.
- درس العقاد الفنون المسرحية في جامعة كاليفورنيا، وأخرج فيلمه الأول وكان عن قصر الحمراء في الأندلس ونال عليه الجائزة الأولى من الجامعة وظهر لدى زملائه شخصيته القوية وتواضعه فانتخبوه رئيسا لاتحاد الطلبة الجامعيين الأجانب في الجامعة.
مصطفى العقاد والمهن الشاقة
- خلال مرحلة الدراسة اضطر مصطفى للعمل بمهن شتى منها التنظيف في البيوت حتى يستطيع إعالة نفسه ثم انتسب إلى جامعة جنوب كاليفورنيا التي نال منها درجة الماجستير في الإنتاج السينمائي، وبذلك امتلك ناصية العلم الأكاديمي، وأصبح جاهزًا للعمل في صناعة الفن السابع.
- تعرف مصطفى العقاد خلال دراسته على المخرج سام بيكينبا وأعجب بموهبته فعرض عليه العمل معه مستشارا لفيلم عن الثورة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي ثم عمل مساعد إنتاج في استديوهات شركة ميترو جولدين وانتقل بعدها للعمل في محطة سي بي اس وأنتج أول أعماله "كما يرانا الآخرون" عن المهاجرين المقيمين في أمريكا.
- لم ينكر أبدا هويته وانتماءه وحافظ على اسمه وظل يعرف عن نفسه بأنه سوري وعربي ومسلم وهذا ما أكسبه احترام كل من عرفه.
مصطفى العقاد وفيلم الرسالة
- استغرق مشروع فيلم الرسالة جهدا مضنيا وسنوات طويلة؛ حيث أعطى كتابة السيناريو لأحد المتخصصين بالملاحم التاريخية وهو الأيرلندي هاري كريج كما استعان أيضا لكتابة السيناريو بأربعة من كبار الكتاب المصريين.
- سعى مصطفى العقاد لأن يكون فيلمه ناطقا باللغتين العربية والإنجليزية ليحقق تأثيرا مزدوجا في الشرق والغرب واستقطب لأجله أهم نجوم الفن أمثال المصريين عبدالله وحمدي غيث والسورية منى واصف والمغربي حسن الجندي والأمريكي أنطوني كوين واليونانية إيرين باباس أما موسيقى الفيلم فأوكلها لمؤلف كبير هو الفرنسي موريس جار.
- استطاع العقاد أن يحصل على موافقة مؤسسات دينية من مصر ولبنان على سيناريو الفيلم ولكن العقبة الكبرى التي واجهته وقوف المشايخ ضده معتبرين فيلمه مروقا عن الدين ولم تنجح محاولات العقاد إقناعهم.
- اضطر العقاد أن يترك المدينة التي بناها والتي كانت تشابه مكة وينتقل مع فريق عمله الضخم وتجهيزاته إلى ليبيا حيث منح هنالك دعما كاملا لإنجاز فيلمه.
مصطفى العقاد وعمر المختار
- عرض الفيلم في بلدان كثيرة وساهم بتغيير نظرة الكثيرين حول الإسلام كما حقق ربحا ماديا جيدا حتى مع دعوات لمقاطعته وكان ذلك محفزا لفيلمه الثاني عمر المختار "أسد الصحراء".
- استعان العقاد مجددا في فيلمه بعدد من الشخصيات التي عملت معه في فيلمه الأول من السيناريست كريج والموسيقي جار والممثلين كوين وباباس إضافة إلى البريطاني أوليفر ريد ليأتي الفيلم في صورة إدانة حقيقية لجرائم الاستعمار بحق الشعب الليبي وتعمد العقاد أن يضع في نهاية الفيلم مشهدا لطفل صغير يحمل نظارات المختار بعد ان أعدمه الاحتلال كرمز إلى أن الأطفال سيحملون رسالة الآباء في المستقبل.
مصطفى العقاد والناصر صلاح الدين
- كان للعقاد أحلام صرح بها طيلة عقود بإنتاج فيلم عن صلاح الدين الأيوبي لكنه اصطدم دائما بعقبة التمويل، وظل يسعى حتى أيامه الأخيرة لتحقيقه ولكن وفاته إثر تفجير عمان الإرهابي أوقفت الحلم وأنهت حياة صاحبه.
وفاة مصطفى العقاد
- في مساء الأربعاء 9 نوفمبر من سنة 2005 كان المخرج السوري العالمي مصطفى العقاد يقف في بهو فندق بالعاصمة الأردنية عمان مستقبلا ابنته ريما ليحضرا معا حفل زفاف دعيا إليه عندما توقف إرهابي بالقرب منه، وفجر نفسه بحزام ناسف فأودى بحياة الأب وابنته معا، لتصعد روحه إلى السماء بعدها بيومين في 11 نوفمير 2005.