حكم بيع وشراء العملات والحسابات داخل الألعاب الإكترونية
حكم بيع وشراء العملات والحسابات داخل الألعاب الإلكترونية، هو ما يسأل عنه الكثيرون في ظل ما يقوم به البعض أثناء التعامل مع التكنولوجيا الجديدة حتى لا يتم الوقوع في المحظور، ما يجعل من معرفة حكم بيع وشراء العملات والحسابات داخل الألعاب الإلكترونية من الأمور المهمة.
وورد إلى دار الإفتاء سؤالا حول حكم بيع وشراء العملات والحسابات داخل الألعاب الإلكترونية حكم بيع وشراء العملات والحسابات داخل الألعاب الالكترونية، وأجابت عنه دار الإفتاء باستفاضة ليتعرف الجميع على حكم بيع وشراء العملات والحسابات داخل الألعاب الإلكترونية.
حكم بيع وشراء العملات والحسابات داخل الألعاب الإلكترونية
سائل يقول: بعض الألعاب المنتشرة على شبكة الإنترنت تكون بين مجموعة من اللاعبين، يأخذ كل متسابق في بداية اللعبة عددًا من العملات الخاصة باللعبة (coins)، فإذا خسر قَلَّ عدد هذه العملات، وإذا تقدم في اللعبة زاد عددها، كما أنَّ اللاعب عند وصوله إلى مستوى معين يكون قد جمع الكثير من هذه العملات ولا يكون في حاجة إليها، فيبيعها لغيره بأموال حقيقية، عن طريق تحويلها إلى حساب الشخص الآخر في اللعبة، أو يبيع حساب اللعبة (account) بالكامل، بأن يعطي اسم الحساب والرقم السري للمشتري؛ فما حكم ذلك شرعًا؟
وأجاب الدكتور شوقي علام مفتي الديار المصرية على السائل قائلا: يجوز شرعًا بيع وشراء المراكز أو عملة اللعبة (الكوينز-coins) التي يحرزها اللاعب المشترك في الألعاب الإلكترونية لغيره في مقابل شيءٍ من المال، كما يجوز بيع وشراء حساب اللعبة (الأكونت-account)، إلا أنَّ لذلك ضوابط يجب مراعاتها؛ ومنها:
- ألَّا يكون اللعب هو دأب اللاعب بحيث يصير ذلك إدمانًا يَعُود على صاحبه بالضرر الصحي والنفسي والإرهاق الذهني، ويشغله عن أعماله وواجباته وإنجازاته النافعة له؛ كالعمل أو الدراسة أو نحو ذلك.
- ألا تتضمن هذه الألعاب على محاذير شرعية؛ كالميسر أو القمار، أو تصوير العورات، وألَّا تشتمل على طقوس تعبدية تخالف ثوابت عقيدة المسلمين، وألَّا يشتمل اللعب على عُنفٍ، وألَّا يكون مؤديًا إلى النزاع والخصومة والبغضاء بين اللاعبين، وألَّا تكون اللعبة من ألعاب التجسس الممنوعة محليًّا أو دوليًّا، وألَّا يُؤدي اللعب إلى تضييع حقوق الله على المكلَّف من عبادات وصلوات ونحوها، وتضييع حقوق العباد عليه، وفي مقدمتهم الأهل ممَّن يعولهم ويقوم على رعايتهم.
ونصحت دار الإفتاء المصرية الآباء أن يقوموا بمراقبة أولادهم وتوجيههم وإرشادهم إلى الألعاب التي فيها منفعة لهم، ويختاروا لهم منها ما يناسب طبيعتهم ويفيد في بنائهم وتربيتهم الأخلاقية والنفسية، ويساعدهم في تنمية الملكات وتوسعة قدراتهم الذهنية، ويكون ذلك في بعض الأوقات لا في جميعها؛ حتى لا ينشغلوا بها عن أداء واجباتهم الشرعية والحياتية، أو تؤثِّر في صحتهم العقلية وإدراكاتهم الذهنية.
وأضافت دار الإفتاء: اللَّعِب: هو نشاطٌ ذهني أو بدني يقوم به الفرد؛ تلبيةً لرغباته، وإشباعًا لغرائزه التي تميل إلى اللعب واللهو والمرح، وقد تنوعت أساليب الألعاب حسب الأعراف والبيئات، وتطورت وتمدَّنت حسب الأفكار والثقافات؛ فمنها ما هو تلقائي يتسلّى فيه الطفل بشغل وقته دون تقييد بأسلوب محدد، ومنها ما يلزم لأدائها أسلوب مُعيَّن؛ كألعاب التمثيل والمحاكاة، وألعاب الفكِّ والتركيب، والتلوين والتظليل ونحو ذلك، ونظرًا لتطور التكنولوجيا وانتشارها في العقود المتأخرة، فقد تطورت معها الألعاب وأنواعها وأشكالها أيضًا، وظهرت الألعاب الإلكترونية وتصدَّرت المكانة الأولى على غيرها من الألعاب.
ولقد أباح الشرع الشريف للإنسان أن يُرَوِّح عن نفسه في بعض الأحيان؛ فحثَّه على العمل للآخرة، مع عدم نسيان أخذ نصيبه من الدنيا؛ حيث قال تعالى: ﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا﴾ [القصص: 77]؛ أَيْ: ممَّا أباح اللهُ فيها من المآكل وَالمَشَارب والملابس والمساكن والمناكح؛ فإنَّ لربِّك عليك حقًّا، ولنفسك عليك حقًّا، ولأهلك عليك حَقًّا، ولزَوْرك عليك حَقًّا؛ فَآتِ كُلَّ ذِي حقِّ حقَّه؛ كما قال الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (6/ 253-254، ط. دار طيبة).
ومن المقرر في الشرع الشريف أنَّ الأصل في اللهو واللعب والترويح عن النفس هو الإباحة، ما لم يقترن اللعب بمحظور شرعي؛ فيُنْهَى عنه؛ لعموم قول الله تعالى: ﴿أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [يوسف: 12].
قال الإمام الطبري في "جامع البيان" (15/ 570-571، ط. مؤسسة الرسالة): [قال ابن عباس: ﴿يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ﴾ قال: يلهو وينشط ويسعى.. وعن الضحاك قال: يتلهَّى ويلعب] اهـ.
وقال الشيخ الطاهر بن عاشور في "التحرير والتنوير" (12/ 229، ط. الدار التونسية): [وَاللَّعِبُ: فعلٌ أو كلامٌ لا يراد منه ما شَأْنُهُ أن يُرَادَ بمثله، نَحْوَ الجري والقفز والسبق والمراماة، نحو قول امرئ القيس: فَظَلَّ الْعَذَارَى يَرْتَمِينَ بِشَحْمِهَا. يقصد منه: الاستجمام ودفع السآمة، وهو مباح في الشرائع كلها إذا لم يَصِرْ دأبًا] اهـ.
وعن أم المؤمنين عَائِشة رضي الله عنها قالت: "كَانَ الْحَبَشُ يَلْعَبُونَ بِحِرَابِهِمْ، فَسَتَرَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم وَأَنَا أَنْظُرُ، فَمَا زِلْتُ أَنْظُرُ، حَتَّى كُنْتُ أَنَا أَنْصَرِفُ، فَاقْدُرُوا قَدْرَ الْجَارِيَةِ الْحَدِيثَةِ السِّنِّ تَسْمَعُ اللَّهْوَ" متفق عليه.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يدخل علينا، وَلِي أَخٌ صغيرُ يُكَنَّى أبا عمير، وكان له نُغَرٌ يلعب به، فمات، فدخل عليه النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ذات يوم فرآه حزينًا، فقال: «مَا شَأْنُهُ؟» قالوا: مَاتَ نُغَرُهُ، فقال: «يَا أَبَا عُمَيْرٍ، مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ؟» أخرجه الستة، واللفظ لأبي داود.
وقد رسَّخ النَّبيّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم معنى الترويح عن النفس في الحديث الذي رواه حنظلة الْأُسَيِّدِيِّ رضي الله عنه قال: كنا عند رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم، فذكرنا الجنَّة والنَّار حتَّى كَأَنَّا رَأْيَ العين، فقمتُ إلى أهلي وولدي فضحكتُ ولَعِبْتُ، قال: فذكرت الذي كُنَّا فيه، فخرجت، فلقيت أبا بكر، فقلت: نافقتُ نافقتُ، فقال أبو بكر: إنا لنفعله، فذهب حنظلة فذكره للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلم، فقال: «يَا حَنْظَلَةُ لَوْ كُنْتُمْ كَمَا تَكُونُونَ عِنْدِي، لَصَافَحَتْكُمُ الْمَلَائِكَةُ عَلَى فُرُشِكُمْ، أَوْ عَلَى طُرُقِكُمْ، يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَةً» أخرجه مسلم في "الصحيح"، والترمذي وابن ماجه -واللفظ له- في "السنن"؛ وقوله: «سَاعَةً وَسَاعَةً»؛ أي: أريحوها بعض الأوقات من مكابدة العبادات بمباحٍ لا عقاب فيه ولا ثواب، قال أبو الدرداء رضي الله عنه: إنَّي لأجم فؤادي ببعض الباطل؛ أي: اللهو الجائز لِأَنْشَطَ للحق؛ كما قال الإمام المناوي في "فيض القدير" (4/ 40، ط. المكتبة التجارية الكبرى)؛ وقال القاضي أبو عبد الله الحليمي في "المنهاج في شعب الإيمان" (3/ 97-98، ط. دار الفكر): [وأما لعب الصبايا باللعب التي نسميها بالبنات: فإنَّهن لا يمنعهن منه.. وأما الصبيان: فكل لعب اشتغلوا به مما لا يخشى عليهم ضرر في العاجل والآجل، ويظن أنَّ فيه لهم انشراحَ صدرٍ وَتَفَرُّجَ قلبٍ: فإنَّهم لا يمنعون عنه بالإطلاق، ولكن يحال بينهم وبين إدمانه، ولا يُمَكَّنُونَ منه على قوارع الطريق وحيثما يحدث من تعود اللعب فيه الوقاحة والهجنة والسقاطة، ولا يطلق للصبي أن يخالطه إلا أقرانه، ولا يترك واللعب مع المهملين الذين لا أدب لهم ولا قوام عليهم] اهـ.