جوتيريش: احتياجات التكيف مع التغيرات المناخية سترتفع لأكثر من 300 مليار دولار سنويًا بحلول 2030
دعا الأمين العام للأمم المتحدة "أنطونيو جوتيريش" إلى تبني خارطة طريق لإيصال مساعدات التكيف مع تغيرات المناخ التي تعهدت الدول الغنية بتقديمها للدول النامية خلال مؤتمر المناخ بجلاسكو /كوب 26/ البالغ قيمتها 40 مليار دولار بحلول عام 2025، محذرًا في الوقت نفسه من أن احتياجات التكيف مع التغيرات المناخية سترتفع إلى أكثر من 300 مليار دولار سنويا بحلول عام 2030.
وقال جوتيريش -في كلمته خلال اجتماعات الشق الرئاسي من مؤتمر المناخ بشرم الشيخ اليوم الاثنين- إننا في حاجة ماسة إلى تحقيق تقدم في عمليات التكيف مع تغيرات المناخ، وإن نصف التمويل المناخي على المستوى الدولي يجب أن يخصص لخطط التكيف مع التغيرات المناخية، لافتا إلى أن حوالي ثلاثة ونصف مليار شخص معرضون لمخاطر هذه التغيرات.
ودعا جوتيريش مؤسسات التمويل والبنوك الدولية متعددة الأطراف إلى تعديل خططها، للمساهمة بفعالية في تمويل خطط التكيف مع تغيرات المناخ، ودعم التمويل الخاص للاستثمار بكثافة في إجراءات مواجهة التغير المناخي.. وأضاف أن الدول والمجتمعات يجب أن تكون قادرة على الوصول إلى هذا التمويل، وتحديد الأولويات، محذرًا من أن التأثيرات المدمرة للتغير المناخي لا تزال قائمة.
وتابع الأمين العام للأمم المتحدة أن العالم سيعبر مرحلة جديدة خلال أيام تتمثل في ميلاد الطفل رقم 8 مليارات، وهو ما يعزز أهمية المناقشات التي تجرى في إطار مؤتمر المناخ بشرم الشيخ، والإجراءات التي سيتم تبنيها لإنقاذ كوكب الأرض.
وواصل جوتيريش أن مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ بشرم الشيخ يذكرنا بأن الوقت يمر، وأننا في تحد مع أنفسنا، محذرا من أننا سنخسر حال استمرار ارتفاع انبعاثات الغازات ودرجات الحرارة، وأن كوكبنا سيقترب حينها من نقطة اللاعودة فيما وصفه بـ "الفوضى المناخية".
وأشار جوتيريش إلى أنه بالرغم من أن الحرب في أوكرانيا والصراع في منطقة الساحل والصحراء وأعمال العنف وعدم الاستقرار السائدة في عدد كبير من مناطق العالم تشكل كوارث رهيبة تؤثر على عالمنا اليوم، إلا أن التغير المناخي يعد التحدي الأكبر لكوكبنا في القرن الحالي، وأن تجاهل ذلك بات أمرا غير مقبول.. ولفت إلى أن العديد من الصراعات الحالية ترتبط بفوضى المناخ المتنامية، منوها إلى أن الحرب في أوكرانيا أظهرت المخاطر الكبيرة المنطوية على استخدام الوقود الأحفوري.
واعتبر جوتيريش أن الأزمات العاجلة في يومنا هذا لا يمكن اعتبارها مبررًا للتراجع عن مواجهة تداعيات تغير المناخ، بل يجب استخدامها كدافع للمضي قدُمًا في اتخاذ إجراءات قوية ومؤثرة في مواجهة هذه التداعيات.
وأكد أن النشاط البشري يعد سببًا رئيسًا في مشكلة التغيرات المناخية، إلا أن التحرك البشري يجب أن يكون الحل، لإعادة بناء الثقة بين دول الشمال والجنوب.. وأضاف أن العلم أوضح بجلاء أن أي أمل لتخفيض ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض بمعدل درجة ونصف يعني الوصول إلى "صفر انبعاثات للغازات" بحلول عام 2050، محذرًا من أن الوصول إلى هذا الهدف يزداد صعوبة ما سيؤدي بدوره إلى الاقتراب بشكل خطير من نقطة اللاعودة.
وشدد الأمين العام للأمم المتحدة على أنه لتفادي هذا المصير المشؤوم، فإنه يجب على دول مجموعة العشرين تسريع عمليات تقليص انبعاثات الغازات بشكل جذري خلال العقد الحالي، وأن تتولي هذه الدول زمام المبادرة، مشيرًا إلى أن الاقتصاديات الناشئة يجب أن تلعب هي الأخرى دورًا مهمًا في الالتزام بالمعدل المستهدف من الانبعاثات.
وأوضح أنه طالب خلال مؤتمر جلاسكو بتوفير الدعم للاقتصاديات الناشئة لتسريع عمليات التحول من استخدام الفحم إلى الطاقة المتجددة، وأنه يمكن تحقيق تقدم في هذا الصدد من خلال شراكات بين الاقتصاديات الناشئة والدول الكبرى في مجال الطاقة المتجددة.
وأضاف جوتيريش أنه لهذا السبب، طالب باتفاق تضامن تاريخي بين الدول المتقدمة والاقتصاديات الناشئة، لتخفيض الانبعاثات خلال العقد الحالي بما يتماشى مع هدف "الواحد والنصف درجة مئوية".
ولفت إلى أن الاتفاق المستهدف يجب أن يتضمن قيام الدول الغنية ومؤسسات التمويل الدولية بتوفير مساعدات مالية وتكنولوجية، لدعم جهود الدول ذات الاقتصاديات الناشئة على تسريع التحول نحو تطوير مصادر الطاقة الجديدة، وإنهاء الاعتماد على الوقود الأحفوري والفحم.
وقال جوتيريش إن الاتفاق المستهدف يجب أيضًا أن يسهم في توفير طاقة مستدامة وعالمية بأسعار في المتناول، ما من شأنه أن يجعل الدول المتقدمة والاقتصاديات الناشئة تتحد خلف استراتيجية موحدة، وتعبئة إمكانياتها ومواردها لصالح البشرية جمعاء.
وشدد أيضا على أن أكبر اقتصادين في العالم (الولايات المتحدة والصين) تقع عليهما مسؤولية خاصة في الانضمام إلى الجهود الرامية لتحويل هذا الاتفاق المستهدف إلى واقع ملموس، وهو ما يشكل الأمل الوحيد لتحقيق الأهداف المتعلقة بالمناخ، محذرا بأن البشرية أمام خيار واحد إما التعاون أو الهلاك.
كما دعا جوتيريش إلى توفير مساعدات مالية للشعوب التي تعاني من تداعيات ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة والخسائر الناجمة عن أزمات المناخ، مؤكدًا ضرورة إقرار خارطة طريق محددة لمواجهة تلك التحديات، وإقرار ترتيبات مؤسسية فعالة للتمويل خلال مؤتمر المناخ الحالي بشرم الشيخ.
وقال إنه حان الوقت لكافة الدول للعمل معا لتنفيذ التعهدات بشأن المناخ، مشددا على أن نافذة الفرص مازالت متاحة لمواجهة تحديات المناخ من أجل صالح سكان العالم.