حكم سفر المرأة لأداء فريضة الحج دون محرم
حكم سفر المرأة بدون محرم لأداء فريضة الحج هو ما يسأل عنه الكثيرون خاصة في ظل الظروف التي تضطر المرأة إلى الذهاب للأراضي المقدسة بدون محرم، ما يجعل من معرفة حكم سفر المرأة بدون محرم لأداء فريضة الحج الحج من الأمور المهمة.
وورد إلى دار الإفتاء سؤالا يتعلق بحكم سفر المرأة بدون محرم لأداء فريضة الحج، وأجابت عنه دار الإفتاء باستفاضة على موقعها الرسمي ليتعرف الجميع على حكم سفر المرأة بدون محرم لأداء فريضة الحج
حكم سفر المرأة بدون محرم لأداء فريضة الحج
سأل سائل يقول: هل يجوز للمرأة أن تسافر وحدها؛ حيث تريد ابنتي البكر التي تبلغ من العمر ثلاثين عامًا أن تسافر مع والدتها لأداء فريضة الحج، علمًا بأن السفرَ آمنٌ والصحبة آمنة؟
وأجابت دار الإفتاء على السؤال قائلة: سفر المرأة وحدها في هذا الزمان عبر وسائل السفر المأمونة وطرقه المأهولة ومنافذه العامرة جائزٌ شرعًا ولا حرجَ فيه؛ سواء أكان سفرًا واجبًا أم مندوبًا أم مباحًا، والأحاديث التي تنهى عن السفر بغير محرم محمولةٌ على حالة انعدام الأمن التي كانت ملازمةً لسفر المرأة وحدها في السابق، فإذا توفر الأمن ارتفع النهي.
وأضافت دار الإفتاء المصرية على موقعها الرسمي: يجوز للمرأة أن تسافر بدون مَحرَم بشرط اطمئنانها على الأمان في سفرها وإقامتها وعودتها، وعدم تعرضها لمضايقات في شخصها أو دِينها؛ فقد ورد عنه صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه البخاري وغيره عن عَدِيِّ بن حاتم رضي الله عنه أنه قال له: «فَإِنْ طَالَتْ بِكَ حَياةٌ لَتَرَيَنَّ الظَّعِينَةَ -أي المسافرة- تَرتَحِلُ مِنَ الحِيرةِ حَتَّى تَطُوفَ بالْكَعْبَةِ لَا تَخافُ أَحَدًا إِلَّا اللهَ»، وفي رواية الإمام أحمد: «فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُتِمَّنَّ اللهُ هَذَا الْأَمْرَ حَتَّى تَخْرُجَ الظَّعِينَةُ مِنَ الْحِيرَةِ حَتَّى تَطُوفَ بِالْبَيْتِ فِي غَيْرِ جِوَارِ أَحَدٍ».
فمِن هذا الحديث برواياته أَخَذَ جماعةٌ من المجتهدين جوازَ سفر المرأة وحدها إذا كانت آمنةً، وخصصوا بهذا الحديث الأحاديثَ الأخرى التي تُحَرِّم سفر المرأة وحدها بغير مَحرَم؛ فهي محمولة على حالة انعدام الأمن التي كانت من لوازم سفر المرأة وحدها في العصور المتقدمة.
وقد أجاز جمهورُ الفقهاء للمرأة في حجِّ الفريضة أن تسافر بدون محرم إذا كانت مع نساء ثقات أو رفقة مأمونة؛ واستدلوا على ذلك بخروج أمهات المؤمنين رضي الله عنهنَّ بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للحج في عهد عمر رضي الله عنه، وقد أرسل معهنَّ عثمان بن عفان؛ ليحافظ عليهنَّ رضي الله عنه.
قال الإمام أبو الحسن بن بطال في "شرح البخاري" (4/ 532، ط. مكتبة الرشد): [قال مالكٌ والأوزاعي والشافعي: تخرج المرأة في حجة الفريضة مع جماعة النساء في رفقة مأمونة وإن لم يكن معها محرم، وجمهورُ العلماء على جواز ذلك، وكان ابن عمر يحج معه نسوة من جيرانه، وهو قول عطاء وسعيد بن جبير وابن سيرين والحسن البصري، وقال الحسن: المسلم مَحْرَمٌ، ولعل بعضَ مَن ليس بمَحْرَمٍ أوثقُ مِن المَحْرَم] اهـ.
والذي عليه الفتوى في هذا الزمان أن سفر المرأة وحدها عبر وسائل السفر المأمونة وطرقه المأهولة ومنافذه العامرة -من موانئَ ومطاراتٍ ووسائل مواصلات عامة- جائزٌ شرعًا، ولا حرجَ عليها فيه؛ سواء أكان سفرًا واجبًا أم مندوبًا أم مباحًا، وأن الأحاديث التي تنهى المرأة عن السفر من غير محرم محمولةٌ على حالة انعدام الأمن التي كانت ملازمةً لسفر المرأة وحدها في السابق، فإذا توفر الأمن لم يشملها النهي عن السفر أصلًا.
قال الإمام الباجي المالكي في "المنتقى شرح الموطأ" (3/ 95): [ولعل هذا الذي ذكره بعضُ أصحابنا إنما هو في حال الانفراد والعدد اليسير، فأما القوافل العظيمة والطرق المشتركة العامرة المأمونة فإنها عندي مثل البلاد التي يكون فيها الأسواق والتجار؛ فإن الأمن يحصل لها دون ذي محرم ولا امرأة، وقد رُوِيَ هذا عن الأوزاعي] اهـ.
وقال العلامة الحطَّاب المالكي في "مواهب الجليل شرح مختصر خليل" (2/ 523، ط. دار الفكر): [قَيَّد ذلك الباجي بالعدد القليل، ونصه: "هذا عندي في الانفراد والعدد اليسير، فأما في القوافل العظيمة فهي عندي كالبلاد، يصح فيها سفرها دون نساء وذوي محارم" انتهى، ونقله عنه في الإكمال وقَبِلَه ولم يذكر خلافه، وذكره الزناتي في شرح الرسالة على أنه المذهب، فيقيد به كلام المصنف وغيره.
ونص كلام الزناتي: إذا كانت في رفقة مأمونة ذات عَدَد وعُدَد أو جيش مأمون من الغلبة والمحلة العظيمة فلا خلاف في جواز سفرها من غير ذي محرم في جميع الأسفار: الواجب منها والمندوب والمباح، من قول مالك وغيره؛ إذ لا فرق بين ما تقدم ذكره وبين البلد. هكذا ذكره القابسي. انتهى] اهـ.
وبناءً على ذلك: فيجوز لابنتك السفرُ لأداء الحج مع والدتها، ولا حرجَ في ذلك شرعًا.