فوز «الفيدرالي» بمعركة التضخم قد يهدد أرباح شركات «وول ستريت»
تفيد الحكمة التقليدية للمتفائلين بصعود الأسهم بأن الأسعار سترتفع عندما يفوز مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في معركته ضد التضخم، لكن نهاية ارتفاع تكاليف المستهلك يمكن أن تطلق العنان لجولة أخرى من الأخبار السيئة.
حذرت مجموعة محدودة من الباحثين على مدار عدة أشهر من خطر محتمل على الأرباح إذا نجحت حملة كبح التضخم، وعلى وجه التحديد، يشيرون إلى الضغط على الهوامش الذي يمكن أن يحدث في حال تعرض مؤشر يُعرف باسم الرافعة التشغيلية للشركات للمعاناة وسط بيئة تستقر فيها مستويات المبيعات، حسبما أفادت الشرق بلومبرج.
المؤشر على ذلك هو قياس الفراق بين التكاليف الثابتة والمتغيرة لشركة ما، إذ يمكن أن يتحول إلى مستوى سلبي في أعقاب ذروة التضخم، عندما تظل بعض تكاليف الشركة مرتفعة، ولكنها غير قادرة على تعويضها برفع الأسعار بسبب تعثر الطلب.
في الوقت الذي صمدت فيه الأرباح بشكل مدهش طوال فترة الوباء، ودعمت بعض الزيادات في السوق الهابطة، فقد يكون الانخفاض في الرافعة التشغيلية هو الخطر النهائي الذي يدفع الأسهم إلى أدنى مستوياتها في نهاية المطاف، وفقاً لفريق من الاستراتيجيين في "مورغان ستانلي" بقيادة مايك ويلسون.
كتب ويلسون، وهو أحد المحللين المتشائمين حيال الأسهم في "وول ستريت"، في مذكرة حديثة إلى العملاء: "من وجهة نظرنا، التفكير في مجالات التضخم التي من المرجح أن تظل أكثر صموداً في العام المقبل (المسكن والأجور وبعض الخدمات الأخرى) والمجالات التي من المحتمل أن تتباطأ (كالسلع) لا يرسم صورة بنّاءة لهوامش مؤشر إس أند بي 500."
رجّح فريق ويلسون ألا تظل الرافعة التشغيلية، التي احتسبوها من خلال طرح نمو المبيعات من نمو أرباح السهم، إيجابية في الأرباع القادمة. وبينما يعد ويلسون واحداً ضمن عدة محللين يؤيدون جانب البيع والذين أعربوا عن مخاوفهم من تقلص الهامش، فإن التقديرات المجمعة لا تزال إيجابية للعام المقبل.
يتوقع محللو الأسهم زيادة الأرباح بنسبة 5.56% في الربع الأول 2023، مقابل قفزة بـ5.48% في المبيعات مع توسع الهوامش. ويستمر النمط حالياً أيضاً للعام 2023 بأكمله، إذ من المتوقع أن ترتفع الأرباح أكثر من المبيعات حيث تظل الرافعة التشغيلية إيجابية.
ويؤيد جوناثان غولوب من "كريدي سويس" (Credit Suisse AG) وجهة نظر ويلسون. ومن خلال شرح أسباب خفضه للسعر المستهدف لمؤشر "إس أند بي 500" مؤخراً، كتب: "انخفاض مؤشر أسعار المستهلكين جنباً إلى جنب مع الأجور الثابتة لابد أنه يؤدي إلى تقلص الهامش".
ظل فريق ويلسون مصمماً منذ شهور على أن الحد الأدنى النهائي للأسهم لن يحدده "الاحتياطي الفيدرالي"، ولكن من خلال مسار نمو الأرباح. فالفريق يرى أن وصول "إس أند بي 500" إلى مستوى قاع يتراوح بين 3000 و3400 نقطة سيحدث لاحقاً في عام 2022 أو أوائل العام المقبل.
في الوقت الذي تراجعت فيه الأسهم أكثر من 22% منذ بداية العام حتى الآن، يقول عدد من محللي جانب البيع إن أخبار الأرباح السيئة قد تم وضعها في الحسبان بالفعل، وقد تُفاجئنا الأرباح بالفعل وترتفع. تم تعديل الأرباح الآجلة عالمياً لمدة 12 شهراً كل شهر في الربع الأخير بالانخفاض. وبالنسبة إلى جيم بولسون من "ليوتهلود غروب" (Leuthold Group) وهو شديد التفاؤل حيال الأسهم، فإن حقيقة أن هوامش الربح كسرت الأنماط التاريخية وصمدت بينما ارتفع التضخم تعني أنه قد لا يكون من المقرر أن ينخفض في نهاية المطاف.
لكن ليز آن سوندرز، كبيرة استراتيجيي الاستثمار في "تشارلز شواب" (Charles Schwab)، ترى أن هوامش الربح قد تتعرض لضغوط حيث تفقد الشركات تأثيرها على رفع الأسعار بما يكفي لتعويض التكاليف الثابتة المرتفعة.
وأضافت سوندرز: "يميل التضخم، خاصة في وقت مبكر من الدورة، إلى أن يسبب ضرراً لقدرة الشركات على التسعير. فالطلب قوي والإنفاق كبير، وهو ما يشكّل أخباراً رائعة للأرباح. فإذا خسرت بعد ذلك جانب الطلب وخسرت التضخم الذي يساعد على رفع الأسعار، حينئذ ستواجه مشكلة ".