صاحب «المآذن العالية».. الفريق سعد الدين الشاذلي مهندس حرب أكتوبر
لعب الفريق سعد الدين الشاذلي دروا بارزا في حرب أكتوبر منذ بدايه التخطيط لها عقب اعتلاء الرئيس محمد أنور السادات سدة الحكم.
الشاذلي لم يكن فقط القائم على إعداد خطه الحرب، بل بدأ العمل على توطيد العلاقات مع الدول العربية التي تدهورت بعد هزيمة يونيو1967.
وعقب تعين الفريق سعد الدين الشاذلي رئيسا لأركان حرب القوات المسلحة المصرية في 16 مايو 1971، اختاره الرئيس السادات لكفاءته وقدرته العسكرية ولخلفيته الغنية التي اكتسبها من دراسته بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتى في العلوم العسكرية، إلى جانب تاريخه العسكري مع الضباط الأحرار، وقيادته لكتيبه المظلات في الكونغو، ودوره في حرب 1967.
الفريق سعد الدين الشاذلي والجزائر
زار رئيس الأركان المصري الفريق سعد الشاذلي، الجزائر في فبراير 1972، من أجل طلب الدعم العربي لمواجهة إسرائيل، فأخبره المسؤولون الجزائريون: «إنهم عندما سحبوا لواء المشاة على إثر تدهور العلاقات الجزائرية – المصرية، بعد هزيمة يونيو 1967، فإنهم سحبوا أفراد اللواء ومعهم أسلحتهم الشخصية فقط، وتركوا جميع أسلحة اللواء الثقيلة في مصر، وإنهم لا يريدون هذه الأسلحة، وإنما يريدون إخطارا بتسلمها».
ووعدهم الفريق سعد الدين الشاذلي، بتسوية الأمر حال رجوعه إلى مصر، وبالفعل قدمت مصر، وثيقة إلى الجزائر تثبت تسلم الأسلحة، وقابلها الجزائريون بالشكر، ثم أرسلوا إلى مصر في ديسمبر من نفس العام 24 قطعة مدفعية ميدان.
الفريق سعد الدين الشاذلي والعراق
وخلال العام نفسه، زار الفريق سعد الدين الشاذلي بغداد في 26 مايو و2 يوليو 1972، والتقي الرئيس العراقي أحمد حسن البكر، وطرح مشاركه العراق في حرب محتمله ضد إسرائيل، وكان الجانب العراقي يري أن العراق يواجه مشكلتين رئيسيتين، الأولى: النزاع مع إيران حول شط العرب في الجنوب، والثانية: الثورة الكردية في الشمال، وأنه على العراق الاحتفاظ بقواته قرب هذه المناطق، لكنه على استعداد، لأن يرسل قوات عسكريه حال نشوب الحرب.
وكانت تداعيات زياره الشاذلي للعراق، إرسال العراق سربان من طائرات "هوكر هنتر" في نهاية مارس 1973، وحينما بدأت الحرب كُلفت الطائرات العراقيه بواجبات في الضربة الأولى، ويذكر الفريق سعد الدين الشاذلي، أن القوات البرية المصرية كانت ترفع طلباتها بالقول: "نريد السرب العراقي"، أو "نريد سرب الهوكر هنتر"، وهو ما اعتبره الشاذلي شهاده لكفاءة السرب العراقي، وحسن أدائه خلال حرب أكتوبر.
الفريق سعد الدين الشاذلي وكوريا الشمالية
في مارس 1973 زار نائب رئيس جمهوريه كوريا الشمالية مصر وبرفقته وزير الدفاع، وخلال الزيارة عرض الشاذلي على وزير الدفاع الكوري فكرة إرسال طيارين كوريين، وأن ذلك سيحل مشكله نقص الطيارين، وسيمنح الكوريين خبرة قتالية، لكون الإسرائيليين يستخدمون نفس الطائرات والتكتيكات التي من المنتظر أن يستخدمها الاتحاد السوفييتي.
وجاء الرد بالموافقة بعد أسبوعين من الزيارة، ودعوا الجانب المصري، إلي زياره العاصمة للتعرف إلى الطيارين وكفاءتهم، وقد وصل الفريق الشاذلي هناك في 6 أبريل من نفس العام، وفي أوائل يوليو وصل الطيارون إلى القاهرة، وقد بلغ عددهم 30، إضافة إلى 8 موجهين جويين، و3 عناصر للقيادة والسيطرة، و5 مترجمين، وطباخ وطبيب، واكتمل تشكيل السرب الذي يعملون به في يوليو 1973.
الفريق سعد الدين الشاذلي وخطة المآذن العالية
وضع الشاذلي «خطة المآذن العالية»، التي فتحت باب النصر في حرب أكتوبر العام 1973، وهي الخطة التي وضعت بسبب ضعف القوات الجوية المصرية وضعف إمكانيات في الدفاع الجوي المصري ذاتي الحركة مما يمنع القيام بعملية هجومية كبيرة، ولكن يمكن القيام بعملية محدودة لعبور قناة السويس وتدمير خط بارليف واحتلال من 10 إلى 12 كيلومتراً شرق القناة وهو أقصى نطاق للدفاع الجوي المصري، والتحول بعد ذلك لأخذ مواقع دفاعية.
وكانت فلسفة هذه الخطة تقوم على أن لإسرائيل نقطتي ضعف، أولها- عدم قدرتها على تحمل الخسائر البشرية نظرًا لقلة عدد أفرادها، وثانيها- إطالة مدة الحرب، فهي في كل الحروب السابقة كانت تعتمد على الحروب الخاطفة التي تنتهي خلال أربعة أسابيع أو ستة أسابيع على الأكثر؛ لأنها خلال هذه الفترة تقوم بتعبئة 18% من الشعب الإسرائيلي وهذه نسبة عالية جدًّاً، ثم إن الحالة الاقتصادية ستتأثر بشدة في إسرائيل وذلك لتوقف التعليم والزراعة والصناعة؛ لأن معظم الذين يعملون في هذه المؤسسات في النهاية ضباط وجنود في القوات المسلحة الإسرائيلية.
وفي يوم 6 أكتوبر 1973 في الساعة 14:05 الثانية وخمس دقائق ظهرا، شن الجيشان المصري السوري هجوما كاسحا على القوات الإسرائيلية، بطول الجبهتين، ونفذ الجيش المصري خطه المآذن العالية التي وضعها الشاذلي، وكانت القوات تؤدي مهمها بدقه.
وبحلول الساعة الثانية من صباح يوم الاحد 7 أكتوبر 1973، حققت القوات المصرية نجاحا حاسما في معركة القناة، وعبرت أصعب مانع مائي في العالم، وحطمت خط بارليف في 18 ساعة، وهو رقم قياسي لم تحققه أي عمليه عبور في تاريخ البشرية، وقد تم ذلك بأقل خسائر ممكنة، بلغت 5 طائرات و20 دبابة و280 شهيدًا، ويمثل ذلك 2.5% من الطائرات و2% من الدبابات و0.3% من الرجال، أما العدو ففقد 30 طائرة و300 دبابة وعدة آلاف من القتلة، وخسر معهم خط بارليف بكامله، وتم سحق ثلاثة ألوية مدرعة ولواء مشاة كانت تدافع عن القناة.