تراجع الجنيه الإسترليني يتحول إلى «كابوس» للشركات البريطانية
يجبر تراجع الجنيه الإسترليني الشركات البريطانية على رفع الأسعار، ما يضخم من الضغط نتيجة ارتفاع فواتير الطاقة، وتكاليف المواد الخام، وضيق سوق العمل.
يعتبر المستوردون من بين الأكثر تضرراً، إذ أن نحو نصف المواد الغذائية الموجودة على أرفف المتاجر مستوردة، بحسب بيانات "اتحاد التجزئة البريطاني"، وقد تزداد الأسعار مقارنة بتكلفتها من المصدر نتيجة تراجع العملة، وتزداد الأمور سوءا في القطاعات غير الغذائية، حيث تشكل السلع المستوردة في بعض الأحيان نسبة أكبر من المبيعات.
قالت كيتي أوشر، كبيرة الاقتصاديين في معهد المديرين إن: "أي انخفاض سريع في سعر صرف الجنيه الإسترليني، يساعد المصدرين، لكنه يقلق كافة الشركات بسبب الشعور بعدم الاستقرار الذي يتسبب فيه الانخفاض".
جاء تراجع الجنيه الإسترليني لأدنى مستوى على الإطلاق عقب إعلان الحكومة ميزانية جديدة تتضمن خفض الضرائب بهدف تحفيز النمو. رغم ذلك، فإن استمرار ارتفاع الأسعار قد يضغط على الأسر والشركات، التي تعاني بالفعل من ارتفاع معدلات التضخم وتكلفة الاقتراض.
هناك تأثيرات متباينة على الشركات التي تتخذ من المملكة المتحدة مقراً لها، حيث تستفيد شركات السفر والسياحة من ضعف الجنيه في ظل تدفق الأميركيين إلى بريطانيا، بعد عامين من القيود المتعلقة بكوفيد.
يمثل ضعف الجنيه للشركات متعددة الجنسيات الموجودة في المملكة المتحدة زيادة في الأرباح من العمليات الخارجية التي يتم تحويلها إلى كمية أكبر من العملة البريطانية.
مع ذلك، فإن أي تأثير إيجابي قد يقابله ارتفاع بتكاليف الإقراض في حالة رفع بنك إنجلترا أسعار الفائدة أكثر لمحاولة وقف تراجع الجنيه، حيث قال بنك إنجلترا، الإثنين، إنه سيُقيّم انخفاض الجنيه الاسترليني في اجتماعه المقبل، ولن يتردد في رفع أسعار الفائدة حسب الحاجة.
ارتفعت مخاطر تخلف كبرى المتاجر البريطانية عن سداد الديون في ظل تفاعل المستثمرون مع تقلبات السوق، حيث قفز التأمين على احتمال تخلف سندات "أسدا غروب" (Asda Group)، و"أيسلاند فودز" خلال 5 سنوات بنسبة 52% و76% على التوالي.
قالت شركة "إيزي جت"إن ضعف الجنيه الإسترليني سيؤدي إلى تضخم تكاليفها، رغم توفير مراكز التحوط الخاصة بشركة الطيران البريطانية المتعلقة بوقود الطائرات وتقلبات العملة يجب أن توفر بعض الحماية.
بالنسبة إلى الشركات الأصغر المتواجدة في المملكة المتحدة، التي تعتمد على الواردات، قد يكون هبوط العملة أكثر ضرراً.
وصف روي كيندال، العضو المنتدب لدى "توب أوف ذا رنغ" لتوزيع الملابس الرياضية في يوركشاير، والمورد للجيش، ارتفاع تكاليف الاستيراد بكافة القطاعات قائلاً: "إنه كابوس".
رغم الانعزال النسبي لشركاته عن تأثير الانخفاض الحاد في قيمة العملة بفضل الإستراتيجية المستمرة منذ سنوات لتأمين المزيد من المخزون مقدماً، لكن "كيندال" يرى أن انخفاض الجنيه يؤثر على التدفق النقدي والتكاليف والأجور في المستقبل.
تتطلع "توب أوف ذا رنغ" أيضاً إلى تحويل مزيد من أعمالها إلى الشركات المصنعة في المملكة المتحدة لتقليل تعرضها للسلع المقومة بالعملات الأجنبية، حيث يأتي نحو 10% من منتجاتها عن طريق موردين بريطانيين، ويهدف "كيندال" إلى مضاعفة مساهمتهم 3 مرات بحلول نهاية هذا العام.
يؤثر تسارع ضعف الجنيه الإسترليني على أشخاص مثل المستشارين، الذين يتعين عليهم تعديل أسعارهم لخدمة العملاء بكافة أنحاء العالم، فعلى سبيل المثال، يتطلع هوارد تورنر، المقيم على الحدود الفرنسية الإسبانية، الذي يصمم استوديوهات تسجيل للأفراد والمؤسسات في المملكة المتحدة وأوروبا إلى مراجعة الأسعار الخاصة به في الأيام المقبلة، للمرة الأولى منذ التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 2017، عندما كان يحدد الأسعار وفق معدل تحويل يقارب 1.25 يورو للجنيه الإسترليني، بينما وصل المعدل في وقت متأخر من الاثنين إلى 1.11 يورو مقابل الجنيه
يعني انخفاض الجنيه أن الأسعار ستكون أقل بكثير للعملاء البريطانيين، مقارنة بمن يدفعون باليورو، فإذا وصل تعادل سعر صرف الجنيه مع اليورو، قد يضطر إلى رفع أسعار السلع بالجنيه بنحو 25%.