«البحوث الإسلامية»: اللغة العربية ظلت لغة الحياة والعلم عبر القرون
قال أمين عام مجمع البحوث الإسلامية نظير عيّاد، إن الإسلام كان نقطة انطلاقٍ للعربية من لغةٍ قوميةٍ محصورةٍ في إطارٍ قوميّ جغرافيّ محدودٍ إلى لغةٍ عالميةٍ، تجاوزت الأطر الجغرافية والقومية لتغدو لغة حضارةٍ كونيةٍ فرضت سيطرتها طيلة قرونٍ عديدةٍ وامتدت على مساحة قارات العالم القديم، تاركةً آثارها العميقة على كل الشعوب التي دخلت في الإسلام وتعربت، والتي احتفظت بلغاتها الأصلية، كما هي الحال في اللغة الفارسية والتركية والأردية، ولكنها وقعت تحت تأثير العربية لغة القرآن على نحوٍ كبيرٍ، تأثيرٌ ظهر في كتابة هذه اللغات بالحروف العربية، وفي تبني عددٍ كبيرٍ من مفرداتها وصورها ومصطلحاتها.
جاء ذلك خلال افتتاح الوفد الأزهري الذي أوفده الإمام الأكبر أحمد الطيب، شيخ الأزهر إلى جمهورية جامبيا، برئاسة نظير عيّاد ونهلة الصعيدي مستشار الإمام لشئون الوافدين، مركز تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها بجامبيا، بحضور ممثلين للمؤسسات التعليمية والدعوية.
وأضاف "عيّاد" أنه إذا كانت العربية لغة حضارةٍ كونيةٍ تأسست انطلاقاً من العقيدة الإسلامية وكتابها الكريم الذي يمثل نموذجها الأعلى والذي حفظها حيةً متجددةً، فإنها إلى هذا لم تتحول إلى لغةٍ لاهوتيةٍ، مثل بعض اللغات الأخرى، بل ظلت عبر القرون لغة الحياة والعلم والفكر الإنسانيّ، وكل هذا يؤكد على فضل الإسلام على العربية وأهلها، الأمر الذي يدفعنا إلى ضرورة التمسك بها، والحفاظ عليها والعمل على استعادة مكانتها خصوصًا مع كثرة التحديات وتعدد المعوقات التي تعمل على وأد اللغة والاستهانة بها والخروج بها والدعوة إلى استبدالها أو العمل على تغييرها أو على الأقل مسخها باعتبار ذلك يؤدي إلى مسخ الهوية، وغياب صورة الشخصية التي كونتها هذه اللغة باستنباط نصوص الدين قرآنًا وسنةً.
وأوضح أمين عام مجمع البحوث الإسلامية أن العربية اليوم تعاني ما تعانيه الأمة، ولكنها تملك على الرغم من كل ما أصابها ويصيبها من وهنٍ ومن جناية أبنائها عليها عناصر قوةٍ تمكنها من التجدد والانتشار، لكونها مرتكز العقيدة الإسلامية، ولغة حضارةٍ كونيةٍ ما زالت تفرض حضورها في العالم حتى يومنا هذا، ولغةً تمتاز بمرونةٍ وقابليةٍ غير محدودةٍ للتعبير عن الفكر والعلم والمعارف الإنسانية، ولو أتيح لها حركة ترجمةٍ مبدعةٍ شبيهةٌ بمثيلتها في القرنين الثالث والرابع الهجريين لكنا اليوم أمام نموذجٍ متفوقٍ للغة تعليمٍ في الجامعات بدلا من استعمال لغةٍ أو لغاتٍ أجنبيةٍ أو هجينةٍ.
من جانبها قالت نهلة الصعيدي رئيس مركز تطوير الوافدين إن الأزهر الشريف إذ يقوم برسالته في تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها وينشئ لهم معاهد لتعليم اللغة العربية ويُعد البرامج والخطط والمشروعات ويتولى إخراج سلاسل لتعليم اللغة العربية فإنما ينشد سيادة عالمية للغة القرآن الكريم عن طريق أبنائه الوافدين من العرب وغير العرب الذين قصدوا مصر وقصدوا الأزهر لتلقي العلوم العربية والتفقه في الدين ليعودوا إلى أوطانهم حملة المعرفة ورسل الهداية ولسان العربية وإيمانا منه بأهمية اللغة في توحيد الشعوب وأنها أداةٌ لرفع الحواجز بين بني الإنسان.
وتابعت: "من هنا فلا تعارف ولا تواصل إلا بلغة تجمع الشعوب وتوحدها"، مشيرة إلى وجود مائة وسبع وثلاثون دولة يدرسون في رحاب الأزهر الشريف ليتعارفوا ويتواصلوا بلغة واحدة تجمعهم وهي اللغة العربية وإن جميعهم ليلتقون على قضية واحدة وهي أن تكون لغة القرآن أحب إليهم من لغة أنفسهم.
وبيّنت أن هذا اللقاء إنما يأتي على شرف العربية وحب العربية وتعلم العربية ليفكروا بعقل واحد ويشتركوا في مشاعر وأحاسيس موحدة فتتوثق صلاتهم وعلاقاتهم لأنه لن تتوحد الأمم بمعزل عن الوحدة اللغوية ومالم نستمر على ذلك فسوف نحاصر أنفسنا قبل أن يحاصرنا أعداؤنا.