«الفيدرالي الأمريكي» يرفع سعر الفائدة 75 نقطة أساس للمرة الثالثة
قررت لجنة السوق المفتوحة بمجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي رفع أسعار الفائدة 75 نقطة أساس للمرة الثالثة على التوالي لتصل إلى ما بين 3% و3.25%، وذلك ضمن نهج السياسة التشددية التي يسير عليها المركزي الأميركي لمواجهة معدلات التضخم التي لم تكبحها معدلات الفائدة المرتفعة التي أقرها الفيدرالي في اجتماعاته الأخيرة.
كان معدل التضخم في الولايات المتحدة ارتفع في أغسطس متجاوزاً التوقُّعات، وهو ما تسبب في ترجيح الأسواق أن يواصل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي رفع سعر الفائدة هذا الشهر بمقدار 75 نقطة أساس.
وأظهرت بيانات وزارة العمل منذ أقل من أسبوعين أنَّ مؤشر أسعار المستهلكين ارتفع في أغسطس بنسبة 0.1% عن يوليو. ومقارنة بالعام السابق؛ ارتفع المؤشر بنسبة 8.3%. وباستبعاد مكونات الغذاء والطاقة الأكثر تقلباً، يكون المؤشر قد ارتفع بنسبة 0.6% عن يوليو، و6.3% عن العام الماضي.
قال جيروم باول، رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، في يوليو الماضي عقب رفع الفائدة للمرة الثانية بواقع 75 نقطة أساس، إنَّ البنك المركزي سيستخدم كل ما في جعبته للسيطرة على ارتفاع الأسعار والوصول إلى مستهدفات التضخم حول 2%.
كان باول أكد في يوليو أنَّ اللجنة لن تتردد في الاستمرار برفع الفائدة كلما اقتضى الأمر ذلك، وهو ما يتوقف على البيانات الاقتصادية التي ستعلن خلال الفترة المقبلة التي ترتبط بمعدلات التضخم والتوظيف والإنفاق الاستهلاكي، وهو ما حدث بالفعل، إذ جاءت البيانات المرتفعة للتضخم والتوظيف والأجور الأكثر سخونة كداعم لخطة نقدية أكثر تشدداً.
انكمش الاقتصاد الأمريكي بنسبة 0.9% خلال الربع الثاني من العام الحالي، على أساسٍ سنوي، مخالفاً بذلك التوقُّعات بشكل حاد، إذ كانت تشير إلى نمو بمقدار 0.4%.
يعد الهبوط إلى النطاق السلبي هو الثاني على التوالي لاقتصاد الولايات المتحدة، إذ سجّل الناتج المحلي الإجمالي الأميركي انكماشاً بنسبة 1.6% خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام، مقارنةً بالفترة نفسها من 2021.
وفقاً للمحللين إيلينا شولياتيفا وإليزا وينغر من "بلومبرغ إيكونوميكس"؛ فإنَّ "الانكماش في الناتج المحلي للربع الثاني على التوالي يفاقم بشكل كبير خطر وقوع الاقتصاد الأميركي في حالة ركود بحلول نهاية العام".
توقَّع صندوق النقد الدولي، في تقريره الأخير لشهر يوليو، أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي لأميركا، صاحبة أكبر اقتصاد في العالم، بنسبة 2.3% هذا العام، بانخفاض ملحوظ عن تقديراته السابقة البالغة 2.9%.
كان تشارلي مكيليجوت، المحلل الاستراتيجي للأصول المتعددة في "نومورا سيكيورتيز إنترناشونال"، قد قال لـ"بلومبرغ" إنَّ السوق تقلل من احتمالية أن يختار الاحتياطي الفيدرالي تحركاً أكبر بمقدار 100 نقطة أساس. وبالإضافة إلى مفاجأة التضخم لشهر أغسطس؛ استشهد تشارلي بحقيقة أنَّ كلاً من سوق العمل والأجور ما تزال "ساخنة" منذ خطاب رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول في جاكسون هول بنهاية أغسطس.
وبحسب مسح "بلومبرج"؛ توقَّع اثنان فقط من 96 محللاً شملهم الاستطلاع زيادة بمقدار نقطة مئوية كاملة هذا الشهر، فيما رجحت الغالبية الأخرى زيادة بنسبة 0.75%.
وعلى صعيد التأثيرات المرتقبة لسياسة الفيدرالي على أسواق الأسهم الأميركية يرى نورييل روبيني، الذي تنبأ بشكل صحيح بالأزمة المالية لعام 2008، ركوداً "طويلاً وقبيحاً" يحدث في نهاية عام 2022، ويمكن أن يستمر طوال عام 2023، ويمثل تصحيحاً حاداً لمؤشر "ستاندرد آند بورز 500". وقال روبيني: "حتى في حالة الركود الناعم البسيط؛ فإنَّ مؤشر "S&P 500" يمكن أن ينخفض بنسبة 30%". بينما في حالة "الهبوط الصعب الحقيقي" الذي يتوقَّعه؛ فيمكن أن ينخفض المؤشر بنسبة 40%.