«فورين بوليسي»: القانون النووي الجديد لكوريا الشمالية خطوة على مسار تطورها كدولة نووية
رأت مجلة "فورين بوليسي" أن كوريا الشمالية آخذة في التطور باعتبارها قوة نووية، وهو ما يظهر في التطور الكمي والنوعي لأسلحتها النووية، وكذلك من خلال تطوير التسلسل القيادي النووي في حالة وفاة زعيم البلاد كيم جونج أون.
وذكرت مجلة "فورين بوليسي" أن كوريا الشمالية أقرت في وقت سابق من شهر سبتمبر الجاري قانونًا نوويًا جديدا يعد تحديثًا هو الأكبر من نوعه منذ عقد تقريبًا لقانون الأسلحة النووية والذي يوضح التسلسل القيادي النووي في حالة وفاة زعيم البلاد كيم جونج أون في هجوم معادي قبل إطلاق أسلحة بلاده النووية.
وأشارت المجلة إلى أن القانون الجديد يقدم رؤية للطريقة التي تسعى بها بيونج يانج إلى ضمان الردع في حالة مقتل زعيم البلاد، إذ ينص التعديل الجديد على أنه "في حالة تعرض نظام القيادة والسيطرة على القوات النووية الحكومية للخطر بسبب هجوم من قبل قوات معادية، يجب إطلاق ضربة نووية تلقائيا وفورا لتدمير القوات المعادية بما في ذلك نقطة منشأ الاستفزاز والقيادة وفقا لخطة العملية المقررة مسبقا".
وأوضحت أن هذا النص جرى صياغته بعناية بالغة وبطريقة لا تحدد خليفة كيم جونج أون، ولا تشير إلى أن أي شخص عدا زعيم البلاد يمتلك سلطة إعطاء أمر نووي حتى في حالة وفاته، وبدلا من ذلك فإن هذه الصياغة تقترح أن الأوامر سيتم تنفيذها تلقائيا وفقا للخطة الموضوعة مسبقا، ما يعني أن شخصا ما يمكنه الضغط على الزر النووي ولكن فقط كامتداد لإرادة كيم جونج أون.
ورأت "فورين بوليسي" أن هذه الخطة تعمل بمبدأ الانتقام النووي نفسه الخاص بخطة "اليد الميتة" للاتحاد السوفييتي السابق، والتي كانت تهدف إلى شن ضربة نووية إذا استهدفت الصواريخ الغربية القيادة العسكرية لموسكو.
وقالت إن توقيت الإعلان عن هذا التحديث ليس من قبيل المصادفة؛ إذ تتبع إدارة الرئيس الكوري الجنوبي المنتخب حديثا يون سوك يول نهجا متشددا تجاه كوريا الشمالية، وقد ضاعفت مؤخرًا من خطط الإدارات السابقة التي تسمح بضربات انتقامية ضد أهداف القيادة الكورية الشمالية، ما يمثل تهديدا وجوديا بالنسبة لبيونج يانج.
وأشارت المجلة الأمريكية إلى أن كوريا الجنوبية وغيرها من خصوم جارتها الشمالية كان لديهم اعتقاد بأنه بدون كيم جونج أون ستكون كوريا الشمالية غير قادرة على تنفيذ رد انتقامي بسبب الافتقار لوجود طريقة واضحة لتعيين سلطة نووية جديدة، إلا أن القانون الجديد يجعل من الواضح أن كيم لديه "قيادة متجانسة" للقوات النووية للدولة.
ولفتت إلى أن كوريا الشمالية، مثلها مثل جميع الدول النووية، تحتاج إلى خطة بديلة (خطة "ب") حتى يعرف الخصوم أن أي عجز للقيادة لن يضر بالضرورة برادعها النووي، مضيفة أن دراسة جديدة (لمركز دراسات أسلحة الدمار الشامل التابع لجامعة الدفاع الوطني الأمريكية) حددت الشكل الذي يمكن أن تبدو عليه هذه الخيارات: فدول مثل الولايات المتحدة لديها خط خلافة للسلطة النووية، من نائب الرئيس إلى رئيس مجلس النواب، وما إلى ذلك، فيما تقوم قوى أخرى بتفويض مسبق لسلطة استخدام الأسلحة النووية حال الحرب، إذ يمكن للقادة تفويض السلطة قبل الصراع تحسبا لفقدان الاتصال أو العجز أثناء الحرب، وهو نهج يتبعه رؤساء الوزراء البريطانيون عبر إرسال "رسائل الملاذ الأخير" إلى قادة الغواصات المحملة بصواريخ باليستية مزودة برؤوس نووية (وعددها 4 غواصات)، تلقائيا إذا أصبحوا عاجزين.
ونقلت "فورين بوليسي" عن مدير مركز دراسات الأمن القومي بأكاديمية سلاح الجو الأمريكي، شاين سميث، قوله إن هذا القانون يعفي زعيم كوريا الشمالية من الاضطرار لتسمية وريث للسلطة، مشيرة إلى أن السؤال الذي يطرح نفسه حاليا هو هل لدى كوريا الشمالية فعليا إمكانية الإبلاغ عن أوامر إطلاق السلاح النووي إذا كان كيم خارج المشهد؟.
ورأت المجلة الأمريكية أن بيونج يانج تأمل أن تؤدي الخطة الجديدة إلى تفكير واشنطن وسول مرتين قبل استهداف قيادة البلاد، إلا أن هذه الاستراتيجية لا تخلو أيضا من المخاطرة؛ إذ يمكن أن تؤدي إلى تفاقم القلق بشأن احتمالات التصعيد أو سوء الفهم في أوقات الأزمات.
وأشارت إلى خيبة أمل زعيم كوريا الشمالية بسبب فشل المفاوضات مع الإدارة الأمريكية السابقة، مستشهدة على ذلك بقول جيني تاون الزميلة البارزة في مركز "ستيمسون"ـ (وهو مؤسسة غير ربحية تهدف إلى تعزيز السلام والأمن الدوليين)ـ إن "كيم عانى محليا بسبب عودته خالي الوفاض من قمتي سنغافورة عام 2018 وهانوي في عام 2019". وقالت: "إذا عدنا إلى المفاوضات الآن، فإننا لن نبدأ (مما انتهينا إليه) من هانوي. فمع كوريا الشمالية القوية الجديدة، ستكون التكلفة أعلى".
ورأت المجلة أن كوريا الشمالية أصبحت قوة نووية سريعة النضج؛ ففي نسخة 2013 من قانون الأسلحة النووية بذلت كوريا الشمالية جهودا ضخمة لتبرير وجود برنامج أسلحتها النووية، أما الآن فقد حققت بيونج يانج تقدما نوعيا وكميا، وأصبحت تمتلك صواريخ أفضل وأكثر دقة، بعضها قادر على التهرب من الدفاعات الصاروخية، والبعض الآخر قد يكون قادرا على حمل رأس حربي نووي إلى أهداف في شمال شرق آسيا وربما في الولايات المتحدة و أوروبا، ما يجعلها تهديدا مختلفا جوهريا عما كانت عليه في الماضي.
واختتمت "فورين بوليسي" بالقول إن تحديث القانون النووي لكوريا الشمالية يمثل خطوة مهمة إلى الأمام في تطورها كدولة نووية.